أقلام حرة

صادق السامرائي: مفردة "آخر"!!

الآخر: من أسماء الله الحسنى وتعني الباقي بعد فناء خلقه، وعند إستعمالها تقصد بها نهاية أو خاتمة الشيئ المعني، كأن نقول: آخر الشعراء، آخر المؤرخين، آخر النحات.

كلمة "آخر" لن تجدها في كتابات العديد من المجتمعات لكنها متكررة في كتاباتنا، فهذا آخر العباقرة، وآخر العظماء، وكأن الأمة عقيمة وغير قادرة على الإنجاب.

وتجدنا نتمسك بالأجداث لأنها في حسباننا من آخر ما أعطته الأمة ولن تجود بأحسن منه أو بمثله.

سلوك غريب ويتسبب بإنحطاط وإنكسار، وتعزيز اليأس والقنوط، والإحباط وعدم القدرة على المواكبة، فالحياة لا يوجد فيها أول ولا آخر، إنها دائرة مفرغة دائبة الجريان، وعديمة التوقف عند محطة فلان وفلان، فالجريان ديدنها السرمد.

كلمة "آخر" تدل على التوقف، والإنكماش، وفقدان الأمل بالمستقبل، وكأن الأجيال، ألقت عصاها واستقر بها النوى، وما عادت تمتلك قدرة مواصلة السفر.

أعلامنا أواخر، ومسك الختام، ولا نستطيع أن نأتي بأمثالهم، أو بأحسن منهم، وهذا مرض وخيم مستوطن في وعي الأجيال، يعوقها ويمنعها من التواصل مع عصرها، وتهرب بإنهزامية عالية بإتجاه الغابرات، وتقديس الأموات، ونبش الأجداث.

ألله سبحانه هو الأول والآخر، ولا يمكن لبشر أن يتصف بأي منهما، البشر أمواج في تيار الحياة، تعلو وتهبط، ويتواصل الجريان، فلماذا نبني السدود ونضع المعوقات أمام الحركة الإنسانية المتدفقة رغم المصدات.

كأننا نعشق التوقف والتصنم أمام مفردات نجعلها من المقدسات، ونتوّجها بعرش الخلود، فنستكين وننحني، ونرفع ألوية الإذعان.

علينا أن نتحرر من هذه العاهة المتفاقمة، ونهتم بالإبداع والإبتكار، ونسلط الأضواء على قيمة الإنتاج المعرفي بأنواعه، ونبتعد عن الشخصانية والتبعية والتوهم بالفقر الإبداعي والإملاق الإبتكاري.

نهرها يجري وبعضٌ جامدٌ

وشبابٌ مبدعٌ لا خامدُ

وعقولٌ إستباحت خوفها

وسراةٌ لا يراها الرائدُ

لا أخيرٌ بل رحيلٌ دائبٌ

وبهِ مَوجٌ نهوضٌ قائدُ

***

د. صادق السامرائي

 

في المثقف اليوم