أقلام حرة

صادق السامرائي: النهضة المتخيلة!!

الأمة حال انتفضت من رقدتها وطردت نعاس العدم، تصدى لها المفكرون والمصلحون والمنوّرون بالخداع والتضليل، فحوّلوا إنتفاضتها الحضارية إلى عصف مأكول، ذلك أنهم طرحوا كلمات مجوفة، بلا رؤية وآلية للتحقق والإنجاز.

ولازلنا نتغنى بأعلام النهضة العربية، وما تساءلنا أين هي النهضة؟

وما هي الإنجازات التي أعدوا الأجيال لها؟

منذ الأفغاني ومحمد عبدة، وما قبلهم وما بعدهم، طُرِحَت الأفكار، ولم توضع خرائط واضحة للنهوض كما حصل في أمم الأرض الأخرى.

ما جرى في واقعنا العربي، أن قادة النهوض تواصلوا بالطرح الخيالي، المنقطع عن الواقع المعاش، وما تمكنوا من رسم معالم الطريق الصاعد إلى آفاق الحضارة المعاصرة.

فعندما نقرأ لهم نتعجب من روائع أفكارهم وصحيح تطلعاتهم، وما جاهدوا في سبيله، لكنهم كانوا يصفون وينظرون ويطلقون العبارات البليغة والأفكار المنيفة، وما فكروا بكيفيات تحقيقها، فوجدتنا عبر أجيال وأجيال رهائن للنظرية والتطبيق، وقد عجزت جميع الأحزاب والحركات والدعوات الإصلاحية  النهضوية عن إنجاز نظرياتها، وتحقيق شعاراتها، فالعلة التي تجاهلها المفكرون هي آليات تطبيق الأفكار، واكتفوا بالطرح وبالتحليل والتبرير والتفسير، وما قيمة ذلك، إن لم يدفع إلى آليات إنجازية ذات قيمة فاعلة في المجتمع.

وحتى اليوم، السائد في الواقع الفكري والثقافي طروحات نظرية خاوية، خالية من قدرات التحول إلى ممارسات يومية نافعة، فالجميع يتحدث بمثالية وبأنه يعرف قولا ويجهل عملا أو فعلا.

حتى أدعياء الدين تراهم يتحدثون في خطبهم ومواعظهم، وكأنهم أنبياء وتعاين أفعالهم فتجدها لا تليق بشيطان رجيم، وتتعجب من هذا التناقض الفاضح ما بين القول والفعل.

وهذا السلوك عاصف في أرجاء الأمة، منذ منتصف القرن التاسع عشر، وفي ذروته القصوى الفاعلة فينا اليوم.

ولا يمكن التحرر من خدعة التفكير وتضليل المفكرين للأجيال، إلا بتعلم مهارات كيف، أما البقاء في خنادق لماذا، فلن يجلب سوى السوء والوجيع.

وأين مناهج العلم فيما تناوله المفكرون؟!!

***

د. صادق السامرائي

11\6\2021

 

في المثقف اليوم