أقلام حرة

علي حسين: لجنة المرأة تحارب النساء

قبل خمسين عاما بالتمام والكمال رحلت عن عالمنا سيدة اسمها صبيحة الشيخ داود، كانت اول امرأة تدخل كلية الحقوق، رغم مطالبات المجتمع آنذاك ان تجلس في البيت فهي ابنة لرجل كان يتولى وزارة الأوقاف، لكن المفاجأة لم تكن في اصرار الطالبة صبيحة الشيخ داود، وانما كانت في موقف والدها رجل الدين المتنور الذي لم تمنعه وظيفته الدينية من أن يقف في وجه الجميع معلناً : " إن ابنتي ستختار الكلية التي تريدها"، نتذكر صبيحة الشيخ داود وحكاية كتابها " في اول الطريق " الذي وضعت فيه الاسس الاولية لنهوض المرأة العراقية، ولك أن تتخيل عزيزي القارئ ان هذا الكتاب صدر قبل سبعين عاما، واليوم نجد لجنة المرأة في مجلس النواب تقرر الاستعانة بتجربة الجمهورية الايرانية من اجل وضع قانون للاسرة.

هل كنا نتوقع يوماً في هذه البلاد ان لجنة للمرأة في مجلس النواب تقف بالضد من حقوق المرأة؟، ونتذكر كيف ان رئيسة اللجنة النائبة دنيا الشمري خرجت علينا ذات يوم من على احدى الفضائيات لتتهم النساء اللواتي رفضن تعديلات قانون الاحوال الشخصية بانهن ضد المذهب.

في هذا المناخ الذي تقوده لجنة المرأة ضد المرأة العراقية وحقوقها في مجتمع مدني، لم يعد عداد الانتهاكات ضد النساء يشغل أحدًا، كما أن منظر حرق فتاة او قتلها لا يهز وجدان لجنة المرأة البرلمانية التي يتصاعد خطابها الذي يرسخ مفهومًا متخلفًا: لا يهم أن تقهر المرأة وتستلب شخصيتها !!، المهم أن تعيش التقاليد والاعراف.

اليوم، الواقع يقول، إن حقوق المرأة مهدورة ليس فقط في الشارع والجامعات ودوائر الدولة وإنما في البيت والهدف أن تظل المرأة مواطنة من الدرجة الثانية، وبامر اعلى سلطة قضائية في البلاد.

ولأنني أنتمي إلى بلاد يتعوذ فيها السياسي والمسؤول عندما يُذكر اسم المرأة أمامه. سأصدّع رؤوسكم مرة أخرى بموضوعة تجارب الشعوب، وأضع المقارنات والمفارقات بين ما جرى في بلاد الرافدين التي كانت أول بلد عربي يضع سيدة على كرسي الوزارة، وأقصد نزيهة الدليمي، ويرفع من شأن النساء. في ذلك الحين كانت نزيهة الدليمي تؤكد في كل اجتماعات مجلس الوزراء، أن المساواة لا تعني فقط التعليم والحصول على فرص العمل، لكنها تغيير النظرة القاصرة التي ينظرها المجتمع إلى المرأة، باعتبارها ناقصة عقل ودين.

سيقول البعض يا رجل تحتل المرأة في العراق منذ سنوات ربع مقاعد البرلمان، لكن يا سادة للأسف تتشكل الحكومات وتنحل من دون أن ينتبه أحد إلى أن المرأة يجب أن تكون ممثَّلة فيها. والمؤسف أنه عندما أعطيت حقها البرلماني، طلب منها الساسة أن تظل مجرد رقم على الهامش ونقرأ في الأخبار أن أحزاباً وتكتلات سياسية تصر على تعديل قانون الاحوال الشخصية وبتشجيع من لجنة المرأة البرلمانية.

***

علي حسين

 

في المثقف اليوم