أقلام حرة
ثامر الحاج امين: الخازوق.. تاريخ من القسوة
عرفت البشرية عبر مراحل متعددة من تاريخها السياسي فنون عديدة من وسائل التعذيب التي استخدمها الطغاة على مدار التاريخ، حيث تفنن الطغاة والسفاحون باستخدام وسائل القتل والتنكيل والتمثيل بضحاياهم، ومن أقبح هذه الوسائل هو الخازوق الذي يمثل أشنع وسيلة تعذيب وإعدام عرفها العالم والتاريخ والتي ابتكرتها الأنظمة الشريرة لمعاقبة خصومها او الذين يختلفون معها في الرأي، والخَازُوقُ عبارة عن عمودٌ مدبَّب الرأْس، كانوا يُجِلسون عليه المذنبَ في الأَزمان الغابرة، فيدخل في دُبره ويخرج من أَعلاه، ويذكر المؤرخ الإغريقي هيرودوت أن الملك الفارسي داريوس الأول قام بإعدام حوالي 3000 بابلي بالخازوق عندما استولى على مدينة بابل ومصادر اخرى تذكر ان العثمانيين استخدموا الخازوق بكثره لدرجه انه الان يعرف باوربا والغرب بالعقاب التركي، كما تشير المصادر الى أن سليمان الحلبي أحد طلاب الأزهر الذي قتل الجنرال كليبر عندما غزا نابليون مصر أعدمه الفرنسيون بالخازوق وتشير ايضا ستيفاني دالي في كتابها "أساطير من بلاد ما بين النهرين" ان استخدام الخازوق يعود إلى زمن بعيد جداً فقد ورد ذكر الخازوق في شريعة حمورابي ففي رسالة جوابية موجهة إلى الملك زمري-ليم من أحد القادة بأنه وضع مخافر الشرطة بحالة طوارئ للقبض على أحد المتهمين، وأنهم سيضعونه على خازوق ، وقد دخل الخازوق ساحة الأدب فكتب محفوظ عبد الرحمن مسرحيتة " حفلة على الخازوق " وكذلك الكاتب السوداني عثمان كنون كتب روايتة " تل الخازوق" ولا عجب أن يبقى الخازوق لصيق الذاكرة العربية فنجده حاضراً حتى في الأمثال، فيقولون في مصر والشام: "مثل مرزوق، يحب العلو ولو على خازوق"، اشارة الى صغير الشأن الذي يطلب الوجاهة بكل الوسائل. " . ويقول المثل الشعبي العراقي "الجلوس بين خازوقين راحة "و يضرب هذا المثل لإرتياح الإنسان بين تعذيبين كما يقال للشخص المتورط في قضية كبيره انه " أكل خازوق " كما ان الشعر لم يغفل بشاعة الخازوق ففي معرض رده على اغنية فيروز (الان الان وليس غدا .. اجراس العودة فلتقرع ) يقول الشاعر نزار قياني يائسا معتبرا هزيمة حزيران 1967 بأنها (خازوق دق بأسفلنا .. خازوق دق ولن يطلع) .
والعراقيون خلال نصف قرن ذاقوا انواعا متعددة من الخوازيق الجبارة وليس بالضرورة ان يكون الخازوق هو الوتد المدبب انما الخوازيق السياسية هي الأبرز في تاريخه والأكثر ايلاما .
***
ثامر الحاج امين