أقلام حرة

صادق السامرائي: الكتابة الغامضة!!

تعاملت مع محررين أجانب عندما كنت أكتب باللغة الإنكليزية، وتعجبت من ملاحظاتهم، وأذكر أن أحد المقالات أعيدت إلي عدة مرات، وفي كل مرة يطلب المحرر النظر في عبارة ما لأنها غير مفهومة، ويجب أن تكون واضحة للقارئ، وإلا ما قيمة أن يقرأ المواطن شيئا غامضا!!

تذكرت تلك التفاعلات مع المحررين الأجانب في المجلات العلمية الرصينة، وأنا أتصفح المنشور الذي يبعدك عنه من أول سطر، وعندما تحاول مواصلة القراءة تجد نفسك ما عرفت شيئا، ولا فهمت ما يريد الكاتب؟

فهل هذه كتابات، أم خربشات وهذيانات، وعبارات مغلفة بالخوف، وتفوح من كلماتها رائحة الرعب؟

الكتابة جرأة، وتحدي وإصرار وتمسك بالحقيقة مهما كان الثمن باهضا، ومن لا يستطيع الإرتقاء إلى قيمة الكتابة ودورها التنويري التثويري، عليه أن يكسر القلم ويستريح، ولا يتعبنا بالغموض الغثيث، الذي حولناه إلى ميزة عالية للكتابة بأنواعها.

لمن الكتابة؟

هل أنها للكاتب نفسه، أم للقارئ؟

إذا كانت للقارئ عليها أن تتسم بالوضوح، وتمنح المتعة وتحفز التفكير وتطلق الأفكار القابلة للحياة، أما أن تجد كتابات لا يعرف كاتبها ما يريد قوله، وكأنه يكتب بمداد الحيرة، فهذا إعتداء على الذوق العام، وتحطيم لأركان الكتابة، ومحق لرسالتها.

ويواجهك العديد من أولياء الغموض بالتقليل من قيمة الكتابات الواضحة، وينعتونها بالمباشرة الخالية من الرمزية والقابلية على التأويل والتعليل، ولا تمنح الفرصة لتشريح النص والوصول إلى دلالاته، وكأن الكتابة الجيدة يجب أن تكون ملغزة ومزعجة للقارئ، وعليه أن يعاني ليعرف مقاصد مَن كتبها.

فلماذا لا نكتب بوضوح لنريح ونستريح؟ّ!!

و"عقول الناس مدونة في أطراف أقلامهم"!!

***

د. صادق السامرائي

 

في المثقف اليوم