أقلام حرة

علي حسين: ماذا يريد سعد المدرس؟

يحاول البعض أن يوهم الناس البسطاء، بأن مشاكلهم اليومية لا تتعلق بغياب الخدمات والبطالة، وأن معركتهم الحقيقية ليست مع سراق المال العام، ومروجي الخطب الطائفية، وأن الأزمة العراقية ليست السعي إلى تخريب.. وإنما أزمتنا الحقيقية هي مع برامج فضائية ومحاميات تجرأن واعترضن على تعديل قانون الاحوال الشخصية، بل ذهب الخيال بالبعض الى القول ان سماع الغناء كان وراء ضياع ثروات العراق .

قبل يومين خرج علينا السيد سعد المدرس وهو يوهمنا بانه يلقي خطبة لعدد من الناس، ولانه للاسف غير بارع في اداء هذا الدور فقد وضع وراءه صورة كبيرة لمكتبة وعندما تتفحص الكتب التي فيها ستجدها مكتبة انكليزية قديمة، قد لا يعرف السيد المدرس ان بها كتبا تخالف ما يعتقده من افكار ومقولات جاهزة ظل يرددها في الهواء.

السيد سعد المدرس اراد ان يبرر شتائمه للنساء ووصفهن بالفسق والفجور واهدار دمهن، فاخبرنا ان الشتم مباح في الاسلام، ولا ادري على اي حديث استند المدرس وهناك حديث نبوي شريف يقول: " سباب المسلم فسوق "

تخيل جنابك خطيبا، يحاول ان يخترع حكايات مزيفة من التاريخ واحاديث لا سند لها من اجل ان يبرر ما فعله بحق المحاميتين من شتائم وتحريض على القتل .

وقفت أمام خطبة سعد المدرس هذه التي يلقيها مع نفسه، وتذكرت ما قاله امير المتقين علي بن ابي طالب :" إني أكره لكم أن تكونوا سبابين " .

السيد المدرس يصرخ بصوت عال "الله في الاسلام من معاهدة سيداو " وظل يردد ان احدى المحاميات تريد تطبيق هذه المعاهدة لكي تتمكن من الزواج باربعة رجال في وقت واحد، موهما المستمعين ان المعاهدة التي اصدرتها الامم المتحدة تشجع على الشذوذ والرذيلة، ولانه لا يقرأ فقد فاته ان المعاهدة تريد ترسيخ مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة وعدم التمييز بينها وبين الرجل في العمل والقوانين، وكان يمكن للمدرس ان يعترض على المعاهدة بعد ان يقرأ فقراتها، لا ان يخترع فقرات لا علاقة لها بالمعاهدة التي هي عبارة اتفاقية للقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة.

للأسف لا ادري لماذا يريد رجل دين مهمته بث الفضيلة واشاعة خطاب المحبة والتسامح، واعلاء شأن القيم الاخلاقية ان يصر في معظم خطبه على ان يشتم الذين يختلفون معه ويحرض عليهم، وليس في نبذ السراق والمفسدين وأمراء الطوائف، عندما نستمع الى مثل هذا الخطيب علينا ان نشعر بالخوف على مستقبل البلاد، لان من يقول هذا الكلام اليوم فربما يطالب غدا بتحويله إلى تشريعات تقضي برجم كل من يخالفه الرأي.

***

علي حسين

في المثقف اليوم