أقلام حرة
جمعة عبد الله: إيران / اسرائيل والمخرج الأمريكي في ادارة دفة الصراع
لأول مرة في تاريخ الصراع الإيراني / الاسرائيلي، تشن إيران هجوماً واسع النطاق من داخل أراضيها مباشرة، في ضرب اسرائيل بمئات الصواريخ والطائرات المسيرة، ربما يتبادر الى الذهن بأن هذا الهجوم العسكري الواسع، كبد اسرائيل خسائر فادحة لا تعوض، وأن اسرائيل منيت بهزيمة شنيعة وخطيرة منذ نشؤئها كدولة قائمة على أراضي فلسطين المغتصبة، وقد يظن البعض بأن اسرائيل الحق بها دمار وخراب واسع، في تدمير القواعد العسكرية والمطارات والرادارات وقتلى وجرحى، أي باختصار العبارة تعطلت آلة الحرب العسكرية، ومرغت عنحهية إسرائيل بالوحل، بأنها تدعي بأنها أقوى قوة عسكرية في منطقة الشرق الأوسط، لأن مئات الصواريخ والطائرات المسيرة وصلت الى أهدافها واصابتها بنجاح، ومنيت اسرائيل بخسائر كبيرة، ولكن كل هذا لم يحدث حتى لو كان بشكل بسيط حتى بخدش هنا وهناك، فقد سقطت هذه المئات من الصواريخ والطائرات المسيرة،خارج اسرائيل أو على حدودها، ولم تحدث حتى اصرار بسيطة، ولم تقتل اسرائيلاً واحداً، ولم تخدش العنجهية الإسرائيلية حتى بخدش بسيط بل زادتها شراسة ووحشية، لقد جاءت الضربة الايرانية رداً على قتل قيادات متقدمة في القنصلية الايرانية في دمشق / سورية دمرت بشكل كامل، هذا يعتبر بالعرف والقانون الدولي ارضي ايرانية . بهذا الهجوم الإيراني الفاشل، وفشل ايضاً، كل الدعايات الترويجية، بالشعارات الرنانة وصاعقة، بفناء اسرائيل بالكامل خلال سبع دقائق فقط، هذه الشعارات تاجرت بها ايران لأعوام طويلة، وبالتالي لم يحفظ الرد الايراني الصاروخي ماء الوجه ورد الاهانة لها، بشن هجوم واسع وهو تعتبره حقها الشرعي في قواعد الاشتباك . واتضحت إيران انها تعيد حكاية الملك العاري، واتضحت حقائق الهجوم الايراني بعد ذلك، بأنه كان ضمن المسرحية المعدة سلفاً وتقمص الأدوار والتقيد الصارم بما رسمه المخرج الأمريكي، في أداء الدور المسرحي والتقيد الصارم بما هو خططه المخرج الأمريكي، هذا يعيدنا الى تكرار مسرحية، ضرب القاعدة الامريكية عين الاسد في الانبار العراقية، بأن ايران توسلت بالرئيس الأمريكي السابق (ترامب) بضرب القاعدة ب18 صاروخ تقع على جدران القاعدة، ولا تحدث اضراراً ولا تجرح جندي أمريكي واحد كما صرح (ترمب) واضاف بقوله (تلك الليلة نمت مرتاحاً)، لانه يعرف اين تقع الصواريخ ويعرف احداثياتها، بعد مقتل سليماني، وهذا الهجوم الواسع الايراني الواسع، جاء ضمن المسرحية المعدة سلفاً، والدليل تصريح وزير خارجية إيران بقوله (أننا أبلغنا واشنطن قبل 72 ساعة من الهجوم، بأنه سيكون محدوداً للدفاع وحفظ ماء الوجه، ولا يسبب اضراراً الى اسرائيل) بهذه ضربة محدودة وبسيطة، وتكتفي إيران بذلك ولا في نيتها اتساع الصراع الايراني الاسرائيلي واستمراره، ينتهي الى هذا الحد، (وكفى المسلمين شر القتال) لكن اسرائيل تصدت بنجاح وافشلت المخطط الهجوم الواسع، بل زاد من عنجهيتها المتغطرسة، بأنها تطالب بالرد العسكري الرد بالرد، وتضعط على الرئيس (بايدن) ان يفتح لها مجالات الرد العسكري، رغم انه منع اسرائيل بالرد الفوري، تجنباً لاتساع الصراع العسكري في المنطقة، وامريكا تحاول بكل جهد كبح جماحه . ولكن مجلس الحرب الاسرائيلي يطالب بقوة وإصرار بضرب ايران في عمق اراضيها، بالضرب والرد بالمثل وهنا عين المشكلة الخطيرة، وتحت الضغط الهائل من اسرائيل على القيادة الامريكية، بأن هناك ما يشير غض الطرف عن ضربة محدودة من اسرائيل الى ايران لا تتجاوز خطر اتساع رقعة الصراع في المنطقة، بأن لا يكون هناك رد ورد متبادل، وبالتالي تخرج السيطرة عن ارادة المخرج الامريكي، رغم فشل الهجوم الايراني ونجاح اسرائيل بصد الهجوم، بل قدم خدمة كبيرة الى اسرائيل اخرجها من ازمتها الداخلية المتفاقمة، واخرج اسرائيل من الادانة العالمية الى التعاطف معها، وقدمت خدمة كبيرة الى نتانياهو من عزلته الداخلية والعالمية الى التعاطف والاسناد، وبالمقابل اظهر ايران للعالم بأنها دولة ارهابية، ومواقفها عامل مزعزع وعدم استقرار في المنطقة،رغم خروج اسرايل منتصرة من المجابهة العسكرية مع ايران، ولكن تبقى المواجهة مفتوحة على كل الاختيارات والاحتمالات، لان اسرائيل معروف عنجهيتها المتغطرسة والمتكبرة، لا يوقفها أحد حتى امريكا، وخاصة انها تملك قوة عسكرية هائلة بالتقدم التكنولوجي العسكري المتطور، وليس هناك مقارنة بين القوة العسكرية الاسرائيلية والايرانية، الفرق شاسع جداً لصالح اسرائيل، واذا انزلقت الأمور الى خارج السيطرة والتحكم، فليس بعيداً بضرب المفاعل والمنشآت النووية الإيرانية وحتى لو كانت تحت الأرض ب 80 متراً، ان اصرار مجلس الحرب الاسرائيلي بضرب ايران يظل قائماً لا جدال فيه ولكن هل تركع إيران بتقبل الضربة الاسرائيلية بعدم الرد، وعدم انجرافها الى الاسواء . وتتجرع طعم الهزيمة الفادحة القادمة؟.
***
جمعة عبد الله