أقلام حرة

صادق السامرائي: المأمون المأفون!!

هل كان المأمون يعاني من إضطرابات سلوكية رغم إنجازاته وإنطلاقاته المعرفية؟

يبدو أن مقتل أخيه الأمين تسبب له بجراح نفسية لا تندمل، فكره الخلافة وعاقر الفكر والفلسفة، وأمعن بتفعيل العقل وتسيده على كل حالة.

فمال للمعتزلة وإعتنق مذهبهم، وفرضه على الناس، مما تسبب بمحنة خلق القرآن.

وكاد أن يتخلى عن الخلافة لولا ضغط بني العباس، وما حصل من مفاجآت وتفاعلات.

وحينما حانت وفاته عهد للمعتصم بالخلافة، ذلك الذي ما فكر الرشيد يوما أن يعده لها، فلم يهتم بتعليمه وتدريبه، لكنه كان مقاتلا شرسا وميالا لأخواله الأتراك.

وفي عهد المأمون تعاظمت الإضطرابات وقويت شوكة الحركة الخرمية التي عجز عن إخمادها.

لكن المعتصم بعد توليه الخلافة إستطاع القضاء عليها وإعدام بابك الخرمي في سامراء.

وبقي "محمد" إبن المأمون يضمر الحيف بداخله، حتى تآمر على عمه المعتصم، وإنتهى به الآمر إلى السجن والموت له ولإخوته.

قد لا يعجب المؤرخون ما تقدم، لكنها قراءة نفسية بحتة مختصرة، والأمور بخواتمها، وما آلت إليه الأحوال في زمن المأمون وبعده، تشير إلى عاهة سلوكية كانت مهيمنة على قراراته.

فهو يتيم الأم، وتربى مع أخيه الأمين وهو يكبره بستة أشهر، وعني هارون الرشيد بتعليمهما، ويمكن القول بأنهما من أثقف القادة في التأريخ، وتخيلوا مشاعر المأمون وهو يرى رأس أخيه يُوضع أمامه كدليل على القضاء عليه، إضافة إلى محق ذريته بالكامل.

المأمون إنسان، ولابد لهذا الأمر قد أثر في نفسه ورسم خارطة سلوكه، وهذه الحالة مغفولة تأريخيا، ويتم التركيز على نشاطاته الأخرى، وبلغة عالية الخيال.

فهل أصاب المأمون أم أخطأ؟!!

***

د. صادق السامرائي 

 

في المثقف اليوم