أقلام حرة
شاكر عبد موسى: الخطاب الديني.. وآليات التجديد
من الأسباب التي أدت إلى هجر القرآن الكريم من قبل الكثير من الطوائف الإسلامية المختلفة، وأيضا انزلاق البعض منها الي تطرف الفكر والجمود، هو أن المناهج الدينية في العقود الأخيرة لدى أهل السنة والجماعة ركزت على أحاديث النبي محمد (ص) أو ما يعرف - السنة النبوية - وهي أحاديث أغلبها موضوعة ومبالغ فيها وتعرض الكثير منها الى التفسير الشخصي لإرضاء جماعة ما وحاكم من الحكام لتبرير وجوده هو وعائلته وقبيلته على دفة حكم المسلمين.
وإن كنت تتساءل فإن بعض الأحاديث المنسوب إلى النبي محمد (ص) هي في الأصل جاءت لتعدل أو تفسر بعض آيات القرآن الكريم، ولتبرير أفعال تتنافى مع الإسلام الصحيح ورسالته الإنسانية النبيلة أحياناً، وهي تحريف لمضمونه واتهام وافتراء على الله وما نُزل على نبيه.
ولأن الله تعالى لم يشرح كل شيء بالتفصيل في القرآن الكريم، فإن هناك متطرفون يدعون على الله شيئاً يسيء إلى جلال الله والدين الحنيف، صاغوا من الحوادث التاريخية التي مر بها المسلمون عبر تاريخهم الطويل نظريات فكرية – مذهبية تمس الفكر الإسلامي الصحيح وتعاد العرب وتخرجهم من دائرة الأسلام المحمدي الصحيح، وتلغي بشكل لا يقبل الشك دورهم البطولي في نشر الأسلام في بقاع العالم المختلفة لغايات حقد وكراهية مزروعة في نفوسهم المريضة.
كذلك الشيعة قامت الكثير من أفكارهم وطروحاتهم الفكرية عبر التاريخ على تقديس بعض من أل بيت النبي (ص) واعتبارهم من القوة المقدسة (معصومين) والبكاء والنوح على هؤلاء أل البيت الأطهار والسير الى قبورهم لمئات الكيلو مترات ولمدد تصل الى أكثر من شهر أحياناً رجال ونساء وأطفال كأنها تنزيل مقدس.
وصرف عشرات المليارات من الدولارات كجهد حكومي وشخصي خلال السنة الواحدة، تحت شعار (أحيوا أمرنا).
لذلك نجد شاعر أو ما يسمى رادود حسيني تحصل هوساته وأشعاره الحسينية في موقع التكتك على ربع مليار متابع ومشاهد.. بينما رجل دين ومفكر أسلامي شيعي كبير لا يحصل على ربع ما حصل هذا الشاعر الشعبي الذي يتبعه الغاوون ومن قليلي الثقافة الإسلامية.
لذا يجب أن نفرق بين ما هو مقدس مثل القرآن الكريم وبين ما وضعه الأنسان من كتب وتفاسير لحوادث التاريخ الماضية وغيرها.
القرآن الكريم هو كلام الله سبحانه وتعالى مقدس، والله هو حافظ لهذا الكتاب المقدس وهذا لا شك فيه علي الإطلاق وهو الحقيقة الصادقة.
أما بالنسبة لما يسمونها الروايات فهي أحاديث نسبت إلى الرسول عليه السلام وال البيت الأطهار نقلها لنا رجال من بلاد فارس وبخارى وغيرها من البلدان التي دخلها الأسلام في العصر الأموي والعباسي، وبما يتلاءم مع معتقداتهم الوطنية والقومية، حتى أصبحت لدى البعض مقدسة والخروج عليها هو خروج عن الدين نفسه، وكل من ينتقدها يتهم بأنه شيوعي أو علماني أو كافر وملحد.
وهناك التراث الذي شمل عدة علوم منها علم الحديث وعلم التفسير وعلوم القرآن والفقه والعقيدة وأصول الفقه وتراث السيرة وتراث الشريعة الإسلامية وكل هذه العلوم صناعة وفعل وجمع بشر وليست من التراث المقدس خلاف القرآن المقدس.
لذلك نجد الكثير من هذا التراث أصبح مصادما للقرآن الكريم وتسببت في نشر الفساد والتشكيك في النبي عليه السلام الذي أرسله الله رحمة للعالمين وشككت البعض بأن الإسلام دين الرحمة و..... وأجد أن أحد الأسباب الرئيسية لموجة الإلحاد هو ما نسب ظلما إلى رسول الله عليه السلام وتسبب في صراع مع النص القرآني.
هؤلاء المرضي والمتطرفون يدعون للإسلام بالكذب وهم في الحقيقة لا صلة لهم بالإسلام وغرباء ودخلاء عليه، وأيضا هم عقبة أمامه.. لأن رسول الله محمد عليه السلام كان رفيقاً رحيما وسراجاً ينير للناس ويدعوهم إلى الحق والى الرسالة وهي القرآن الكريم فقط .
إن الهدف الأساسي من تجديد الخطاب الديني اليوم هو نشر الدين الحنيف ومحاولة فهمه وفق القرآن الكريم فقط من أجل واقع التطور العلمي وتطور الفكر الذي نعيشه، وهذا يساعد على فتح الباب أمام الفقه الحديث الذي يناقش القضايا الروحية والحياتية، مبتعدا عن الفقه التقليدي الذي طالما ناقش القضايا الروحية والحياتية.
إن تجديد الخطاب الديني لا يعني تمييز الإسلام عن العديد من الأديان الأخرى، بل إن هدفه هو توحيد المسلمين باتباع القرآن كتاب الله، واستخدامه كوسيلة للتواصل مع الأخرين وخاصة في المؤسسات التعليمية، والتفاعل على مواقع التواصل الاجتماعي بدل المذهب الواحد والفرقة الناجية.
كما أن من أهم آليات التجديد تعزيز مفهوم ثقافة الحوار، ويعد هذا أحد أهم نصوص التواصل الفكري والثقافي والاجتماعي والإنساني والاقتصادي الذي تتطلبها الحياة في المجتمع الحديث، وفيما يتعلق الأمر بتنمية قدرة الأفراد على التفكير والتحليل والاستدلال معًا، مما يخرجهم من الركود ويفتح قنوات الاتصال مع الآخرين.
وأنا بدوري أتساءل لماذا كل العلوم والأفكار تتطور بتطور الزمن وتفتح أفاق رحبة للإنسان لكي يعيش بسلام ويتفاعل مع الأخرين بكل ود ومحبة إلا المذاهب الإسلامية لا زالت تراوح في مكانها منذ أكثر من ألف عام حتى يومنا هذا، لا تقبل التجديد والتطور وترفض التغيير والتبدل وكأنها منزله من السماء العليا وتحت رعاية اللاهية ؟.
***
شاكر عبد موسى/ العراق