أقلام حرة

جودت العاني: بين الحرب والسلام.. سياسات وصفقات.. ولكن؟

لا أظن، بأن هناك ما يسمى سلام في الوطن العربي أو سلام في فلسطين أو سلام في غزة على وجه التحديد. لم ينعم الوطن العربي بالسلام وذلك لإنعدام التفاهم بين النظم العربية والجماهير العربية، ولم تنعم فلسطين بالسلام بسبب المهجرين من أقوام أخرى الذين جلبتهم القوى التي تريد ان تمنع وحدة العرب وتمنع تطورهم وتبقيهم في خانة الجهل والفقر والمرض.. ولم ينعم الفلسطينيون بالسلام لأن المهجرين إليها بالقوة ماضين في تجريفهم وتهجيرهم وممارسة اسلوب الارض المحروقة تحت اقدامهم .

فالمنطقة برمتها لم تنعم بالسلام وهي ملغومة وكل ما عليها من نظم تجلس على فوهة بركان لا احد يعرف متى ينفجر، إلا من علامات أبخرة تتصاعد من هنا وهناك وباتت تنذر بالإنفجار.. وعندما يحصل الانفجار فسيطمر عاليها سافلها نتيجة إحتقان مزمن ومأزوم منذ اكثر من خمسة وسبعين عاماً من الكبت والتحمل والصبر، حتى بات الانفجار حتمياً.

هنالك من يريد هذا الانفجار ويستعجله لأن الحرائق الأمامية تفيده.. وهنالك من لا يريد أن يستعر الحريق ويلفح لهيبه أوصاله.. وهنالك من يضع قدوره على نار هادئة يساوم عليها ويعقد الصفقات بشأنها، إعتقاداً منه بأن النار لن تصل إليه، حتى لو اشتعل العالم ما دام نظامه وأمنه ومصالحه مأمونة.. وهذا هراء في علم السياسة وعلم الإستراتيجيا.

الارادات تتنازع وتتصارع ولا تستقر على حال واحدة تضفي فسحة من الوقت لإلتقاط الأنفاس من أجل الجلوس على طاولة مفاوضات.. البعض مشتت ومتقوقع وتأكله الأنانية والتفردية ولا يرغب بوحدة عناصر قوته الدفاعية، ويفضل التحالف بأثمان باهضة، فيما يظل هاجسه الخوف من الخارج والداخل معاً. هذا البعض متحجر خائف من محيطه وشعبه.. والخارج يدرك نقاط ضعف هذا البعض ونقاط قوته ويرسم خطط التعامل معه بمهنية عاليه، يخيفه ثم يبتزه ، ويبتزه ليخيفه ، يطمئنه ليبتزه وحين يظهر مذعورا يبتزه بدون رحمه .

والتخويف والإبتزاز ركنان أساسيان في سياسة التعامل الخارجي مع هذا البعض، ولكنه لم يفعل شيئاً حيال ذلك ويفضل لعبة مهينة اسمها البقاء تحت رحمة الشد والجذب على أرضه وساحاته ومجالات تصرفاته السياسية والمالية، حتى بات (التخويف والابتزاز) أداة فعالة في يد أكثر من لآعب، ومع ذلك ظل هذا البعض يمارس التحالف، والحليف يمارس لعبة (الإحتواء المزدوج) التي لم يتبقى منها سوى الأسم بعد أن تحطم ميزان تعادل القوى في المركز وبات هذا البعض أكثر إلتصاقاً بالتحالف المشحون بالتخويف والابتزاز . والغريب في الأمر، هذا البعض كوحدات سياسية كثر، عناصر قوتها (المال) وعناصر ضعفها (التفكك)، وإذا ما قررت (التوحد) ستكون كتلة قادرة على بناء قوتها الدفاعية، ولكنها لا تريد ذلك لأنها تستسغ أن تظل تحت رحمة الحماية المذلة ورحمة الخوف من الخارج.!!

***

د. جودت صالح

20 / آب - 2024

 

في المثقف اليوم