أقلام حرة

صادق السامرائي: الكذب غرض شعري!!

"أعذب الشعر أكذبه"، لا يُعرف تماما مَن قائلها، لكنها عبارة دارجة تقود الوعي عبر الأجيال، وتحسب الكذب من ضرورات الشعر.

وتجسد الكذب في المديح والفخر، ووصل ذروته وتجاوز حدود المعقول، بمسافات ضوئية، إبتداءً بعمرو بن كلثوم، ومَن بَعده، كالبحتري والمتنبي، وغيرهم وصولا إلى عصرنا، الذي تكاثرت فيه أبواق التمجيد والتعظيم لمراكز السلطة والقرار.

يقول إبن هاني الأندلسي، مادحا المعز الفاطمي:

"ما شئت لا ما شاءت الأقدار.. فاحكم فأنت الواحد القهار"!!

فهل يوجد أوضح من هذا النفاق، والكذب الصريح، الذي يحوّل الشعر إلى سلعة للتكسب والإتجار والمزايدة والمبالغة والإستجداء.

والكذب له مسوغاته ومحفزاته التي تطرح سؤال: لماذا المتسلطون على الآخرين يريدون المديح الكاذب؟

ومن المديح الفاضح:

"إذا رفعت إمرءاً فالله رافعه...ومَن وضعتَ من الأقوام متضع"!!

"أنت الذي تنزل الأيام منزلها...وتنقل الدهر من حال إلى حال "!!

يكذب الشعراء لأنهم يأتون بما لا تقبله الأفهام والذوق السليم، ومنهم المروّجون  للأكاذيب والنفاق، وبواسطتهم تهون مآثم السلاطين.

 وبرغم تطور وسائل الإعلام المعاصرة، فلا يزال الشعراء أبواق تصدح بمديح ذوي الكراسي المتنفذين في الأوطان، وهم يتكسبون وينالون مآربهم الدنيوية، وأشهرهم مَن يكون قريبا من الحكام، لأن وسائل الإعلام ستسوقهم على أنهم الأوحدون والنابغون، وجهابذة البديع والكلام.

فالكذب مائدة الأقلام، ومرتع للكسب والإغتنام، وبالتكرار إمام!!

***

د. صادق السامرائي

في المثقف اليوم