أقلام حرة

صادق السامرائي: التفاخمية!!

تفخيم الرجل: تعظيمه، تبجيله

التفخيمية من "فخم" ومصدرها تفخيم.

والمقصود بها إضفاء الألقاب الفخمة على الأشخاض، وهي ظاهرة مغفولة في مجتمعاتنا، فالسائد في القول، هذا عظيم، وعلامة، وخارق القدرات، ولا مثيل له في جميع العصور، وهذا كذا وكذا، كما يُقال أن فلان شاعر كل العصور، وذلك ملهم وفلتة الأزمان.

التفخيم سائد في كتاباتنا، وواضح في المدونات التأريخية، التي تقدم الأشخاص على أنهم موجودات لا آدمية.

لا توجد مثل هذه السلوكيات في مجتمعات الدنيا المعاصرة، فهل قرأتم مقالات تفخيم لرموز الإبداع فيها؟

بينما عندنا، لكي يكون الشخص مؤثرا لابد من تتويجه بالفخامة الفريدة، وإطرائه بالمدائح والتوصيفات الخارقة، ويبدو التفخيم متفاعلا بأوهام عالية مع الغابرين.

القائد الأوحد، القائد الملهم، الزعيم الأعظم، الشاعر الأكبر، الكاتب الأبدع، المجاهد الكبير، العلامة الجهبذ، العالم الأوحد، وغيرها الكثير من المسميات التفخيمية الخالية من الأدلة الواقعية، والتأثيرات الإيجابية في المجتمع.

وبموجبها، يبدو المجتمع وكأنه معطل العقول، ويجب أن يكون فيه مَن يمكن إستعارة عقله، وتقليده وإتباع خطواته ونهجه، لتأمين الإستقرار النفسي.

إن الأمم  المعاصرة لا تضفي ألقابا فارغة على رموزها، بل تتعامل معهم بموضوعية وإحترام، وتعدّهم للتفاعل مع الأجيال الصاعدة وتنشيط عقولهم، وأخذهم إلى فضاءات الإبداع والإبتكار.

فلماذا نسعى إلى تأكيد وجود البالونات الوهمية في ديارنا؟

فهل أن التفخيم البالوني أزرى بأحوالنا؟!!

***

د. صادق السامرائي

 

في المثقف اليوم