أقلام حرة

صادق السامرائي: على هامش القرن الحادي والعشرين!!

الأرض تدور والعالم يتغير، وخالق الأكوان له في كل يوم شان، وكل مَن عليها فان، وقرننا الحالي المولود من رحم القرن العشرين، بما أوجده من منطلقات وآليات إنطلاق مطلقة، فيه من التحولات المتنوعة ما لم يخطر على بال الأجيال من قبل، فأيامه لا تتشابه، والمسافة بين أعوامه شاسعة، وعقوده ذات تفاعلات فريدة ومتجددة.

وترانا أمام أجيال القرن العشرين الذين لا يزالون يتمسكون بما عهدوه في مسيرتهم عبر العقود، ويحسبون أن الورق سلطان، والكتاب الورقي دائم التفاعل مع الإنسان، ويغفلون عن قصد إرتباط الأجيال الصاعدة بالشاشة، وتفاعلها مع الكلمات المقرونة بالصورة والصوت.

الذين جمعوا الكتب طيلة حياتهم، يحتارون بمصيرها، فهذا قريبي وذاك صديقي يناشدونني أن أخلصهم من الكتب التي بحوزتهم، بعد أن ألقى خريف العمر بظلاله على وجودهم.

وأحدهم أعرفه وقد ترعرع على جمع الكتب والعيش فيها، فلديه عشرات الآلاف منها، ولا يدري ماذا يفعل بها، لا تقبلها مكتبة، ولا تريدها مؤسسة، وهي جاثمة على صدر بيته.

دور النشر كثيرة وهمها أن تكسب ولا يعنيها مصير الكتاب، ونوعيته وقيمته المعرفية، فالكتاب في عرفها

بضاعة لا غير.

وربما كغيري أحاول أن أقلل من عدد الكتب في مكتبتي، لأنها تملأ حيزا وتأبى الرضوخ لإرادتي، فعلاقتي بها تتآكل مع الأيام.

أراقب الجيل الجديد، فأجده أشد إلتصاقا بالشاشة، وما فيها من منصات تواصلية ومنابر تفاعلية تستحوذ على الوقت، وتبعد الناس عن الكتاب.

قبل هذا القرن، كانت البيوت التي أزورها على مناضدها كتب، ويدور الحديث حول الكتب، أما الآن فلا تجد ذلك بسهولة، فالكل أمامه شاشة باحجامها المتنوعة.

في العقود الماضيات كان الناس يحملون معهم الكتب التي يقرأونها، واليوم ينظرون في شاشة الهاتف النقال، الذي صار كالمشيمة التي تربطهم بالحياة.

فهل " أوفى صديق إن خلوت كتابي...ألهو به إن خانني أصحابي"؟!!

***

د. صادق السامرائي

في المثقف اليوم