أقلام حرة

صادق السامرائي: الآنية!!

الفرق في آليات التفكير هو الذي يحدد ماهيات الفروق ما بين المجتمعات البشرية التي كيفما تفكر تكون.

وهذه الآليات تكون جماعية، أي أنها كالمنهاج الموحد الذي تمضي عليه أجيال المجتمع وتتواصل وتتطور.

وعندما نقارن آليات تفكيرنا، مع آليات تفكير غيرنا من مجتمعات الدنيا المتقدمة علينا، يبدو واضحا وساطعا أننا نغرق في الماضوية، ونتعبد في محراب "كان"، والمجتمعات الأخرى منهمكة في آنها، أي أنها في حاضرها وتتفاعل معه بأقصى قدراتها لإستيلاده غدها، الذي يتحول إلى آن نابض  بالإجتهاد والإندفاع نحو مرحلة تتلوها أخرى.

هذا التباين يجعل الأجيال أمام خيارين أما الجريان والترافد الدفاق، أو الإستكانة والتأسن والتعفن والتصادم والتصارع الفتاك.

والخيار الثاني هو القائم في مجتمعاتنا المحنظة، المكبلة بأصفاد الماضيات والغابرات، التي حجبت عنها رؤية الحاضر والتطلع نحو المستقبل.

فما فات مات، هكذا تتفاعل مجتمعات الدنيا التي لا تطيق النظر إلى البارحة.

ويبدو أن مجتمعاتنا أصبحت في محنة تفاعلية ما بين الأجيال، لأن الجيل المولود في القرن الحادي والعشرين، يختلف عن الأجيال التي سبقته، وذلك بتأثير التفاعل العولمي والتواصل ما بين أبناء الأرض، مما زعزع مرتكزات السكون، وأطلق إرادات الكينونة الحاضرة والمستقبلية، فما عادت كان وأخواتها تعنيه، بقدر ما يتحفز للوثوب إلى الأمام.

ولكي يتحقق المجتمع ويستثمر في طاقاته الواعدة، عليه أن يستوعب إرادة الجيل الصاعد المتطلع نحو مستقبل مشرق وحياة سعيدة كريمة ذات آفاق مطلقة.

فهل أدركت الأجيال الماضوية ماهية الجيل الآني الجديد؟!!

وكل جيل برؤاه رهين!!

فهل من يقظة وثورة عقلٍ فطين؟!!

و"الدهر كالدهر والأيام واحدة...والناس كالناس والدنيا لمن غلبا"!!

***

د. صادق السامرائي

13\2\2020

في المثقف اليوم