أقلام حرة

صادق السامرائي: العلم ينكرنا!!

صرخة "إقرأ" ثورة إنسانية معرفية علمية مطلقة، تحث على إعمال العقل في كل شيئ، ووفقا لمنطلقاتها، تكررت نداءات، يعقلون، يتفكرون، يتدبرون، يعلمون، وغيرها من المفردات الدالة على ضرورة التفكر والنظر العقلاني للأمور.

والتأريخ يحدثنا في العديد من مدوناته، بأن قوة الأمة كانت علمية، وبالعلم والعقل الفاعل إمتلكت إقتدارها وسادت وتألقت، وقدمت للبشرية منطلقات حضارية أصيلة.

فالأمة وإن إتخذت من الدين كوسيلة للحكم والسيطرة على الناس وتحقيق الأمن والأمان، لكنها في جوهرها كانت ذات دول ترعى العلم والعلماء، وتعبر عن حرية التفكير وإحترام طاقات الإبداع والإبتكار، وقد تجسد ذلك في العصر العباسي الذهبي أو الأول، عندما تحولت بغداد إلى منارة للعلم والمعارف بأنواعها، وكذلك البصرة والكوفة والفسطاط.

وبرز النوابغ الأفذاذ الذين نردد أسماءهم ونفخر بمسيراتهم العلمية والأدبية، وهم كثيرون في غياهب الكتب يتوطنون، وعنهم معظم الأجيال غافلون.

العجيب في الأمر أن الأمة قبل أكثر من ألف سنة كان العلم ديدنها، ولديها وسوسة في المعارف والمستجدات الثقافية، وتجدها اليوم لا تعطي العلم حقه، وتستورد من أعدائها ما يريدون لها أن تهضمه وتتمثله لتأمين مصالحهم.

فدول المنطقة كانت قائمة وذات درجة ما من التطور والمواكبة في النصف الأول من القرن العشرين، وإذا بها تنشغل بموضوعات إنهاكية، وإنقلابات عبثية، وتحولت معظم أنظمة حكمها إلى دوائر مفرغة لاحقها يمحق ما بناه سابقها، حتى صارت وراء العديد من الدول التي نشأت في بدايات النصف الثاني من القرن العشرين.

والعلة الكبرى التي أوصلتها لهذا المصار تكمن في إهمال العلم والتركيز على ما يناهضه ويحتقره ويلغيه، فهجرتها العقول، وخوت مرافقها العلمية وتحولت إلى مواطن للضلال والبهتان المعفر بدين.

و"قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون..."!!

***

د. صادق السامرائي

 

في المثقف اليوم