أقلام حرة

علي حسين: بين الخالد والشهرستاني

أعرف جيداً أن البعض من الأعزاء يجدون في حديثي عمّا يجري في بلدان العالم نوعاً من البطر لا يهم المواطن المشغول باجتماعات الكتل السياسية التي دائما ما تطابنا بـ " رص الصفوف "، والعناية " باللحمة الوطنية "، ولكن اسمحوا للعبد الفقير أن يتحدث عن خبر ربما لا يثير اهتمام المواطن العراقي المحاصر بارتفاع الدولار، وتفشي البطالة وغياب الخدمات .الخبر يقول ان " محكمة في دولة الكويت اصدرت قرارا بحبس وزير الداخلية والدفاع السابق الشيخ طلال الخالد 14 سنة في قضيتي اختلاس مال عام "، هل انتهى الخبر عند هذه العقوبة ؟، لا ياسادة، فقد قررت المحكمة الزامه باعادة مبلغ وقدره 10 ملايين دينار كويتي هو قيمة الاختلاس، وايضا تغريمه مبلغا يعادل ضعف المبلغ المختلس . لم تطلب الدولة من الوزير ان يعيد بعض الاموال الى الخزينة مثلما فعلنا مع " المحروس " نور زهير، ولم تطلق سراحه بكفالة كما فعل احد القضاة في بلاد الرافدين، واتمنى عليكم ان تعرفوا ان هذا الوزير المسجون ينتمي الى العائلة الحاكمة في الكويت، وليس الى حزب سياسي مثلما يحدث في العراق عندما تتكاتف جهود الاحزاب السياسية للدفاع عن " الحرامية " .

مع هذا الخبر تذكر أيها القارئ عدد السراق في بلاد الرافدين الذين سمح لهم بكل اريحية ان ينهبوا المال العام ويتمتعوا به في عواصم العالم، وأتمنى عليك ان تمسح من ذاكرتك الارقام الفلكية التي سُرقت من موازنات الداخلية والدفاع، ويمكنك ان تضيف لها مليارات الكهرباء والتجارة، حيث يرفض مسؤولونا ان يراهم الناس خلف القضبان .. فكيف يمكن لمسؤول انقذ العراق ونشر الديمقراطية ان يُحاسب على الاموال التي لفلفها، والتي هي حق مشاع لمعظم المسؤولين؟ .

في بلاد الرافدين بعض الأشياء لا نهاية لها. خصوصاً النهب المنظم، ولذلك كانت حكاية علي بابا والأربعين حرامي التي اخترعتها لنا "المرحومة" شهرزاد، حكاية عراقية خالصة، تتجدد في كل موسم، حيث مسلسلات الخديعة والشعارات الزائفة وسرقة أحلام الناس، ليظهر لنا المئات من حسين الشهرستاني وخضير الخزاعي وايهم السامرائي وملاس عبد الكريم . لكن تبقى حكاية الشهرستاني هي اروع حكاية من حكايات الف ليلة وليلة العراقية بنسختها الحديثة، فقد اخبرنا الشهرستاني عام 2008، أنه سيصدر الكهرباء للصين، وإذا بنا بعد أن سُرق 80 مليار دولار عداً ونقداً، نتوسل بايران ان لاتقطع عنا الغاز .

الدرس الذي قدمته جارتنا الكويت موجه على نحو خاص، الى بلد البرلمان الذي ينام ويصحو على قانون الاحوال الشخصية، ويستكثر على هذا الشعب ان يرى مسؤولاً كبيرا سارقا خلف القضبان .

***

علي حسين

 

في المثقف اليوم