أقلام حرة
صادق السامرائي: الخلفية المكتبية!!
إعتدنا على الكِتاب، وعندما يظهر في الصورة متحدث في مواضيع ثقافية تكون خلفه أدراج مكتبته الخاصة، فهي صورة تقليدية لا تزال تتكرر في وسائل التواصل والمواقع ومحطات التلفزة، فهل ستبقى في القرن الحادي والعشرين؟
إن معظم أصحابها من المخضرمين، الذين ولدوا في القرن العشرين ويعيشون في القرن الحادي والعشرين، الذي طغت فيه الحواسيب المنضدية والشخصية أو الحضنية، وتمادت في ضآلة حجومها، حتى وصلنا إلى مصنوعات متطورة لا تحتاج إلى كيبورد، فالرائج مكاتب عليها الحواسيب بأنواعها.
في العقد الأخير من القرن العشرين ذكر رائد الكومبيوترات بأنه يسعى أن يكون في كل بيت حاسوب، وأعتُبر ما ذكره ضرب من الخيال البعيد، وإذا بالحاسوب يهيمن على كافة النشاطات المعاصرة، وصارت الدوائر مُستعبَدة بالحاسوبات، وأصبح العقل مرهونا بها، بل أن أجهزة الذكاء الإصطناعي أخذت تتمددت في ربوع الحياة، حتى ليتساءل البعض عن حاجتنا للعقل!!
قبل عقدين قال لي أحد الزملاء الصينين، في هذا القرن سوف لن نحتاج لعقولنا، لأننا سنصنع ما هو أقدر منها!!
لم أوافقه، وتجدني أهزأ مما رأيت في حينها، فالعالم التكنولوجي أو النانوتكنولوجي يتحرك بقدرات خارقة، ويسبر أغوار مستقبل لا يمكن لخيال أن يتصوره، فالواقع الذي نعيشه أغرب من أي خيال، وما خطر على بال جميع الأجيال التي مرّت فوق التراب وذابت فيه.
الكتاب الورقي مهم، فكل علم لم يحوه القرطاس ضاع، ويبدو أن من الصواب القول، أن كل علم لم يدوَّن إليكترونيا سيضيع، فأجيال القرن الحادي والعشرين، وهنت علاقتهم بالورق، وتعززت تفاعلاتهم مع الشاشات بأحجامها المتنوعة.
بل حتى الكلام ما عاد له أثر وقيمة في حياتهم، وإنما ما ترسمه أصابعهم على الشاشة أمامهم، وما يتوافد إليهم من صور صامتة وناطقة، فالكتاب المسموع أكثر رواجا من الكتاب المطبوع ورقيا.
فإلى أين تمضي قافلة الحياة؟!!
وهل صدق الجاحظ حين قال: "أوفى صديقٍ إن خلوت كتابي...ألهو به إن خانني أصحابي"؟!!
***
د. صادق السامرائي