أقلام حرة
علاء اللامي: ليس حباً بالحلبوسي بل كرها بلصوص القرن
بغداد تنتخب الحلبوسي والمالكي يأتي تالياً، وفي البصرة فازت العشيرة على الإطار التنسيقي، ماذا كان سيحدث لو شارك فيها التيار الصدري؟!
لنكن صريحين، ليست بغداد ولا حتى ربعها التي شاركت في مهزلة الانتخابات المحلية الأخيرة، بل هي تلك النسبة المزورة من الناخبين والتي لم تتجاوز العشرين بالمائة في أيام عز العملية السياسية الأميركية في العراق والتي نفخوا في صورتها وقيل إنها بلغت 41 بالمئة أي ما يعادل 6.6 ملايين ناخب من أصل 16.1 مليونا يحق لهم التصويت. وهذه النسبة كذبة فاقعة فشهود العيان ووسائل الإعلام أكدوا أن مراكز التصويت كانت شبه فارغة طوال ساعات النهار الانتخابي.
في حين أعلنت المفوضية العليا للانتخابات، يوم الاثنين 18/12/2023، وهو يوم الانتخابات أن عدد الناخبين الذين حدثوا بياناتهم بلغ مليون و31 ألفا و605 فقط لا غير فمن أين جاءت الستة ملايين وستمائة ألف مواطن شاركوا في التصويت؟
ومع ذلك فمن الواضح أن بغداد عاقبت الساسة الشيعة الفاسدين في الإطار التنسيقي ومنحت الأولية إلى قائمة الحلبوسي الذي تقدم على نوري المالكي. فقد حصل الأول على 132 ألف صوت بغدادي، متفوقاً على ائتلاف المالكي الذي حصد نحو 130 ألف صوت. ويعتقد محللون أن جمهور التيار الصدري الذي لم يشارك في الانتخابات في قائمة خاصة به صوت بعضهم لمصلحة الحلبوسي نكاية بالمالكي والإطار التنسيقي!
وهو الأمر نفسه الذي حدث في البصرة حيث تقدمت قائمة عشائرية هي «تصميم» يقودها المحافظ الحالي الشيخ أسعد العيداني بفارق مهم عن أقرب منافسيه في «الإطار التنسيقي» رغم أن قائمة العيداني عوقبت بغرامة مالية ثقيلة من قبل المفوضية الانتخابية بتهمة تقديم رِشى انتخابية. وقد فاز العيداني بأكثر من 26 ألف صوت، فيما لم يحقق تحالف «نبني» الذي يضم «عصائب أهل الحق» سوى نصف هذا العدد. وهناك حملة لمنع العيداني من البقاء في منصبه كمحافظ للعاصمة الاقتصادية للعراق البصرة رغم فوزه هذا من قبل خصومه!
وإذا صح هذا التحليل القائم على مقول (ليس حبا في زيد بل كرها في عبيد) وهو ليس مستبعدا في الحقيقة، فماذا كان سيحدث لو شارك التيار الصدري في الانتخابات بقوة وفاعلية؟ أليس من الممكن أن يفوز بمقاعد بغداد والمحافظات الجنوبية "شلع قلع" ويحيل ساسة الإطار التنسيقي الى التقاعد المبكر أو إلى لجان التحقيق في الفساد؟
ألن تشجع هذه النتائج زعيم التيار الصدري على إنهاء مقاطعته للحياة السياسية التي دفع إليها دفعاً كما نتذكر وبموجب فتوى من المرجع الحائري، والتي وصف فيها الصدر بأنه "فاقد للاجتهاد أو لباقي الشرائط المشترطة في القيادة الشرعية فهو -في الحقيقة- ليس صدريًّا مهما ادعى أو انتسب"، خصوصا وقد كشفت الأحزاب الشيعية المناوئة للصدر في أزمة القصف الإيراني الأخيرة لأربيل بأنها سيمكن أن تتمرد وبقوة على إيران من أجل الاحتفاظ بالسلطة.
وتبقى الخلافات بين هذه الأحزاب والمليشيات خلافات شكلية بين مجموعة من أحزاب المنظومة الحاكمة المكوناتية والتابعة والقابلة بالهيمنة الأميركية ولا فرق بين هذا الحزب أو ذاك وبين الحلبوسي والمالكي والبارزاني وحتى الصدر طالما لن يتبَّ البرنامج الوطني الاستقلالي القائم على مناهضة الهيمنة الأميركية وطرد قواتها ومعها القوات التركية من العراق ووقف التدخلات الإيرانية الفظة في الشأن العراقي وإعادة كتابة الدستور الاحتلالي بما يكفل إقامة نظام حكم ديموقراطي يحرم ويجرم الطائفية السياسية وتقسيم العراق مجتمعيا وسياسيا على أساس الطائفية. وكل ما حدث ويحدث وسيحدث سيكون مرتبطا بغياب البرنامج الوطني الاستقلالي والقوة السياسية التي تتبناه وتعمل على تجسيده حتى هذه اللحظة ولا يبدو في المدى المنظور أن قوة استقلالية كهذه ستبرز إلى الوجود!
***
علاء اللامي