أقلام حرة
ضياء محسن الاسدي: الأحلام مؤجلة في بلادي
ونحن في عام 2023 ميلادية هناك شعوب ودول قطعت شوطا طويلا في التقدم والمعرفة والعلم والرفاهية لشعوبها. وكثير من الحكومات في العالم أخذت تتصارع وتتسابق فيما بينها لتقديم ما هو أفضل وأرقى المتطلبات لإسعاد شعوبها منها من غزى دولا في سبيل تلبية متطلبات شعبها ماديا ومعنويا وتقنيا ومنها من أخذت تستورد القمامة من الدول المجاورة لإنتاج الطاقة الكهربائية ودولا تسير قاطرة لنقل طالبة واحدة فقط لمدرستها ذهابا وإيابا ودولا جعلت من المعلم يمتاز براتب شهري يوازي رئيس الجمهورية أو البرلماني وإطلاق يده كوزير للدفاع من خلالها حققت أحلاما لشعوبها فاقت الخيال وعلى مدى قصير .
إلا في بلادي كل الأحلام البسيطة والتي لا تتعدى المألوف والموجود في ساحة الإمكان والتطبيق مؤجلة في نظر ومخيلة العراقيين الآن إلى وقت غير معلوم من غير بصيص من الأمل يلوح في أفق الحياة التي تقودها الحكومات المتعاقبة كونها تفتقد لخط الشروع في الانطلاق لتحقيق جزءا بسيطا من الأمل للمواطن العراقي كما أنه غير مسموح له أن يحلم أو يفكر أو يُمسك بخيط رفيع من التمني كالحفاظ على راتبه شبه كاملا من قبل أن ينفذ أو يتفرق بين جيوب الدائنين وسلف الدولة ومصارفها أو قبل أن يذوب في نيران أسواقنا المشتعلة كما أنه وقف عاجزا أمام صعوبات الحياة التي رسمتها وفرضتها عليه الحكومة وتركته فريسة لها يخوض غمار حربها الشرسة لوحده يلعق جراحاته وهو يرى راتبه الشهري يتبدد بين تكاليف الدروس الخصوصية والمدارس الأهلية التي أثقلت كاهل الأسرة العراقية على مرأى ومسمع وزارة التربية كما أن الشاب أستبعد من ذهنه كل فرص العمل والتعين بعد سنوات طوال من التعليم لتكوين أسرة جديدة له كما أنه يرى كيف يتلاشى جزء كبيرا من راتبه لجشع أصحاب المولدات الأهلية بدون رحمة ورقابة .كما أن في بلادي أصبحت الحقوق أمنيات صعبة المنال وبعيدة التحقيق بعدما همش المواطن وضاعت حقوقه وتفرقت أحلامه بين أروقة الحكومة وتطايرت فوق سحب الوعود وسُرقت الأمنيات من خزائن عقول المواطنين وقلوبهم الذين ما زالوا يفترشون بساط الأمل الطائر بأحلام العصافير تتقاذفه رياح الحكومات المتعاقبة الساعية في طمس الأحلام وجعلها ضربا من الخيال ومجرد التخيل بها تعد جريمة يُعاقب عليها المواطن البسيط الذي يأس من الكذب عليه حيث ما زال المواطن العراقي يحلم في يوم من الأيام يصحو بعيدا عن ضوضاء التظاهرات المطالبة بالتعين أو أن ينام هادئا على أخبار تثلج صدره من غير قتل أو سرقة أو انتحار بعدما وصلت الأمور المعيشية إلى حد الانهيار لغياب القانون وتطبيقاته بعدما رفعت الحكومة شعارا لا للأحلام حاليا كونها طموحات غير مشروعة وغير مرغوب فيها لأنها تُتخم المواطن بالتمنيات وتزيد من سقف تطلعاته وطموحه التي لا تستطيع الدولة من تحقيقها داعية المواطن العراقي الفقير تأجيل الحلم بحقوقه المشروعة التي أصبحت أحلاما والثبات على هذا القدر من العيش المفروض إجباريا للتكيف والتطبع على هكذا نمط من المعيشة تاركا أحلامه إلى كثير من البطون المترفة لتشبع وجيوبا تملا بمال السحت الحرام تاركة المواطن يقبع في دهاليز الفقر والعوز لتبقى في بلادي الحقوق أمنيات بعيدة عن التطبيق ولتبقى حبيسة الوعود ومسروقة من خزائن عقول الموطن العراقي.
***
ضياء محسن الاسدي