أقلام حرة
صادق السامرائي: إستهلاك الطاقات الوطنية!!
أنظمة الحكم في دول الأمة، منهج حكمها أنها تبدد طاقات الشعوب المتسلطة عليها، وذلك بالإجتهاد في إبداع الملهيات اللازمة لإشغالها بهموم يومية قاهرة، تمنعها من التأمل والتفكر بحقوقها وما تقوم به الكراسي من مفاسد وإستحواذ على الثروات الوطنية.
فالشعب مشغول ببعضه، ويئن من القوانين المفروضة عليه، القاضية بالقبض على مصيره، وتحجيم دوره، وتحويله إلى موجود بلا قيمة أو معنى، فالشعوب أرقام في عيون الحكام!!
ووفقا لهذا المنطلق، يتحقق إنهاك الشعوب وتفريغها من طاقاتها الإيجابية، وتأجيج الطاقات السلبية فيها، اللازمة لتأمين الإنشغال والتفاعل التصارعي بين أبناء الوطن الواحد.
ومن أفظع أساليب الإلهاء والإستهتار بالوجود الإنساني للشعوب، إستعمال الدين كوسيلة للتدمير الذاتي والموضوعي، والعمل بمعطيات الطائفية والمذهبية المقيتة، وإيهام الناس بأن الصراع ديني، ومن ضرورات التقرب إلى الرب المعبود، وفي جوهره صراع سياسي، وتقاتل على الكراسي والمناصب والأطماع، والقدرة على الإستحواذ الأكبر.
لا يوجد صراع ديني بين أبناء الشعب الواحد، بل يتم توريط الدين كقناع لتمرير نوازع وتطلعات النفس الأمارة بالسوء الفاعلة في الذين دينهم هواهم.
وهكذا صارت التحزبات ذات طابع ديني، والنشاطات القائمة في المجتمع ذات توجهات مذهبية، وآليات تبعية وتقليد للذين يطمعون في البلاد والعباد، ويضعون مصالحهم فوق كل شيئ.
ويبقى المسخَّرون لتمرير أجندات الطامعين، يتحركون على إيقاع أوهامهم، وتصوراتهم التضليلية، وهم كالمنومين السكارى بالبهتان لحد الثمالة والغثيان.
فمتى سيستيقظ أبناء الوطن المبتلى بالمأجورين، والمنفذين لأوامر الآخرين؟
"تنبهوا واستفيقوا أيها العرب
فقد طمى الخطب حتى غاصت الركب
*
ألفتم الهون حتى صار عندكم
طبعا وبعض طباع المرء مكتسب
*
وما دماؤكم أغلى إذا سفكت
من ماء وجهٍ لهم في الفحش ينسكبُ"!!
***
د. صادق السامرائي
9\6\2024