أقلام حرة
صادق السامرائي: التأريح والدين!!
الكتابات السائدة في الواقع المعرفي العربي محكومة بالتأريخ والدين، وكأن الأمة لاتزال في العصور الوسطى، بينما الكتابات المهيمنة على الواقع الأرضي، مشحونة بالمفردات العلمية والنشاطات الإبداعية الإبتكارية، التي غيرت الواقع الحياتي للبشر فوق التراب.
ومجتمعاتنا لا تزال غاطسة في التأريخ والدين، ولا تمتلك الشجاعة والقدرة على التحرر من قبضتهما، فكل ما نراه ونفكر به يكون محصورا في وعاء التأريخ والدين، وإياك أن تخرج منهما لأنك ستتهم بما يبرر القضاء عليك.
ولو تأملنا نشاطات المفكرين والفلاسفة والإصلاحيين منذ القرن التاسع عشر وحتى اليوم سنجدها تدور في هذين المحورين، والبعض القليل حاول الخروج من أسرهما لكنه صار عدوا لكل شيئ، وواجه ما لا تحمد عقباه.
وهذه علة حضارية ووباء طاعوني الطباع، أسهم بتعضيل القدرات وتعطيل الإرادات، وتعزيز التأسن والإستنقاع، وفقدان القدرة على الإتيان بأصيل.
والبراهين كثيرة، ومنها أن دول الأمة قد سبقت غيرها في تأسيس كياناتها الإدارية وحكوماتها السيادية، وما إستطاعت أن تخطو بثبات إلى أمام، بل إندحرت في دوامة مفرغة من البناء والهدم وتدمير الطاقات وتغييب القدرات، حتى سبقتها دول تكونت بعدها بعقود عديدة.
وتجدنا اليوم أمام أجيال لا تستطيع الفكاك من هذه النمطية والتفكير بأسلوب جديد، فالمهم أن يحضر الدين والتأريخ في نشاطاتها، وتسود التفاعلات السلبية التناحرية التي تسجل البطولات بالعدوان على إبن البلد والنيل منه وسحق رأسه، وبذلك يكون الفخر والتباهي والشموخ.
والبطولة أيضا أن تتمشيخ على الناس من حولك، وترى نفسك سيدا وغيرك عبيدا تحت إمرتك، وهذا ما تشجع عليه أدوات القضاء على الأوطان وإستعباد البشر وحجرهم في زنزان.
ولن تخرج الأمة من ورطة الدين والتأريخ، ما دامت تلعن العلم، وتبيح الظلم والفساد وتستهين بالحق وترفع من شأن الباطل، ولا تصون أمانة المسؤولية، وتستدعي أعداء الدين والتأريخ ليكونوا أسيادها وقادة وجودها والقابضين على مصيرها.
والأمم بأبنائها، "ومَن يهن يسهل الهوان عليه"!!
"وما لجرح بميتٍ إيلام"!!
***
د. صادق السامرائي