أقلام حرة
عاهة التأخر!!
عندما يُطرح أي سؤال عن التأخر العربي، يكون الجواب واحدا، وبمقاربات خامدة وعقيمة، لم يتحرر من قبضتها المفكرون والفلاسفة والمثقفون.
ولا زلنا نقرن التأخر بأحداث مضى عليها قرون، وكأن المجتمعات الاخرى لم تحصل فيها أحداث أبشع وأقسى من التي عندنا.
فعدم التقدم المتوافق مع إرادة العصر، ناجم عن أسباب نفسية ومشاعر سلبية، تفاعلت في الواقع الذي لم تتوفر فيه قيادات إيجابية ذات قدرات معرفية، ووعي تأريخي، وفهم لطبيعة الإنسان وجوهر ما فيه.
وتفاقمت الحالة بعد الحرب العالمية الأولى، عندما أدركت الدول المنتصرة فيها، أن عليها أن تنيخ الشعوب وتستعبدها بآليات مباشرة وغير مباشرة، أو إستعمار ناعم، وآخر خشن، وتقلص الإستعمار الخشن مع الأيام لكلفته الباهضة، وتنامى الإستعمار الناعم لربحيته العالية، وبموجبه يُزرع في الهدف أسباب الضعف والإنكسار وفقدان الإرادة، وإقناع الناس بأنهم عالة وعليهم بالتبعية والخضوع لإرادة الطامع فيهم، فتوجهت الأقلام ووسائل الإعلام للترويج لثقافات الإنكسار والإندحار والدونية، وتحقق تسويق العديد من الأشخاص ليكونوا أبواقا للإنهزام والقبول بالأمر الواقع، وإستلطاف البكاء على الأطلال، وتمجيد الغوابر وتقديم التأريخ بأساليب خيالية وتقديس شخوصه، وإعتبار الماضي مجدا خارقا لا يمكن الوصول إليه، وتم إخراج رموزه من آدميتهم، وإعتبارهم مخلوقات لا تتجسد فوق التراب، وكأنها لا تموت.
وعلى هذا المنوال سارت الأجيال متعثرة بالأجيال، وحتى يومنا المعاصر تجد العديد من الأقلام تكتب ما تبرر به التأخر وتحسبه تحصيل حاصل.
وهكذا تأسن الواقع بتكرار ما هو سلبي تجاه الأمة والإنسان، وغياب القيادات القادرة على إستنهاض الطاقات وبناء الحاضر والمستقبل، وإشتداد الهجمات الإعلامية بأنواعها؟
فالجيل العربي تم خداعه، والنيل منه، والقسوة عليه، وتدمير وجوده، ومصادرة حقوقه، وتعطيل عقله بآليات السمع والطاعة، حتى صارت الخطايا مقدسة.
***
د. صادق السامرائي