أقلام ثقافية

رحال الادريسي: إضاءة في قصيدة الشاعر الاستاذ كامل فرحان

هذا الدمُ لي

وبقايا خمار امي

لي

 وعكّاز أبي

لي

وحدي أتجشم عناء البقاء حيّاً

فلا ضلٍّ قريبٍ

لأحتمي

 أو حتى صديقٍ لأرتمي .

هذا الدثارُ

 ليس لي

وبقايا الخيمة

 ليس لي

ولابقايا المكرفون

الملقى على قارعة الموتى

ولاسترة ذلك الصحافي الشهيد،

كان شاب مغموراً

 كثير ماكان يتررد اسمه في أروقة الإعلام

وهل من يبحث عن الحقيقة اليوم ؟!

وحدي أدافع عن أمتّهِ من الموتى

وحدي أدافع عن الثكالى

عن الأرامل عن الجياع

وحدي بين ركام المدينة واقفٌ

وأسأل عروبتي هل مات آخركم ؟!

أأرعنْ أم ديوثٌ من يحكمكم ...؟!

ولازلت وحدي أروّض نفسي الثكلى

فتأبى أن تطاوعني ..

***

كامل فرحان

....................

إضاءة في قصيدة الشاعر كامل فرحان

الشاعر لا ينكر دمه، ولا بقايا خمار أمه، ولا عكاز أبيه...يتفرد في تجشم عناء البقاء، لأن البقاء ثقل وأمانة، ولأن البقاء مسؤولية، فكيف يحافظ على البقاء إذن؟ وكل مقومات الحياة سلبت، سُلِب الفكر بالتفاهة، وسلب الحق بالغصب، وأما تصريح بالخذلان: فلا ضل قريب

لأحتمي

أو حتى صديق لأرتمي

...و كأنه يقول وبلسان الحال: أين المحضن الدافئ وأين القلب الرحيم في ضجبج ملأ الكون متاهة وخوفا من القادم...

ثم ينتقل الشاعر من ولاء إلى براء

يتبرأ من الدثار:

هذا الدثار

ليس لي

و بقايا الخيمة ليس لي

لانه لم يتسبب في دمار، ولم يروع اهل ديار، الشاعر يبني القصيدة كما يرسم تاريخ أجيال تنقرض أمام ماكينة الجشع اليوم والهلع،

كما يتبرأ الشاعر من مسؤولية المكروفون الملقى، لم يكن يوما قاتل حق ولا غاصبا له، في الدلالة المكروفون...الإعلام وتبليغ رسائل الواقع إلى ضمائر حية تمّ التعتيم عليها في موطن ما، لكن الشاعر هنا يرمي برشقه الجميل، في من ألقي عليهم أسلوب التبليغ بالحق للحق في الحق عن الحق، فشبههم بالموتى وقارعتهم مقابر أحياء، لصمتهم عن مناصرة المظلوم والوقوف في وجه الظالم...في إشارة إلى شهداء الحق ...

و وحده الشاعر لا يدافع عن أمته من الموتى

و حدي بين ركام المدينة واقف

... وقد تكون المدينة المطلوبة المدينة الفاضلة...لكن كيف تكون؟

و هو يسأل العروبة؟

و يسأل الحكام؟

حيث يقول:

و أسأل عروبتي هل مات آخركم؟

أ أرعن أم ديوتي من يحكمكم؟

و لا زلت وحدي أروّض نفسي الثكلى

فتأبى أن تطاوعني.

و أقول: كلنا نروّض تلك النفس الثكلى لعلها تطاوع، لكن شقاء الجهل يقتل فينا خيط محبتنا الناظم، فكيف بي أشبع ودمعة هناك تبكي جوعا؟ وكيف بي أنام وأطفال تقصف وبها يعصف، ليت حروفي تموت لدمع خالط النبض، وليت تحليلي أشفى غليل القصيدة.

***

الإدريسي رحال - المغرب

 

في المثقف اليوم