أقلام ثقافية
ثامر الحاج امين: فيلم "الصوت الهامد".. درس في الصمود

ضمن انجازات السينما العالمية انها تبنت القضايا المصيرية للمرأة وقامت بإبراز دورها ومساهمتها الفعالة في حياة الشعوب ونهضتها، فعبر تاريخها الطويل حرصت السينما من خلال العديد من الافلام على انصاف المرأة وتقديمها في انماط ايجابية مختلفة ومنها شخصية المرأة المناضلة وكفاحها الدؤوب من أجل التحرر وذلك من خلال اظهار مشاركتها الفاعلة في حركات المقاومة المناهضة للإمبرياليّة وللأنظمة الاستبدادية، ومن بين الافلام المهمة التي تندرج تحت هذا التوصيف فيلم (THE SLEEPING VOICE الصوت الهامد) انتاج اسباني 2011 المأخوذ عن رواية تحمل الاسم نفسه للكاتبة " دولتشي تشاكون "، فهذا الفيلم يسلط الضوء على الحقبة السوداء التي عاشتها حركة اليسار في اسبانيا تحت ظل حكم الجنرال فرانكو الذي حكم نهاية الحرب الأهلية الاسبانية بين عامي ( 1936 ــ 1939 ) بعد دعم من المانيا النازية وايطاليا الفاشية حيث شهد عام 1940 تعرض الاشتراكيين والشيوعيين المناصرين للجمهورية الى أوسع حملة مطاردة واعتقالات طالت شرائح عدة ومنها المرأة الاسبانية المناضلة التي واجهت ابشع انواع التعذيب والانتهاكات في سجون فرانكو، ويجسد هذا الفيلم قصة اختين قطعت الحرب اوصال العلاقة بينهما، الاخت الصغرى تعيش حياة عادية بينما الكبرى (هورتينسيا) مناضلة منخرطة في اعمال المقاومة لحكم الجنرال فرانكو التي ينتهي بها الطريق الى قضاء حكم الاعدام وهي حامل بطفل من زوجها المناضل الهارب من قوات الجيش الذي يحكم البلاد بقبضة حديدية، وابرز المشاهد المؤثرة التي تقوم عليها فكرة الفيلم هو مشهد خروج الرضيعة حية من السجن الذي ولدت فيه الى فضاء الحرية بعد اعدام امها وهو مشهد يشير الى بقاء الفكر حيا رغم محاولات الجلاد قمعه وتغييبه، كما يشير هذا المشهد الى ان هذا الكائن هو امتداد لفكر الأم التي استطاعت بصمودها الأسطوري ان ترعب جلاديها عندما لم تهادن ولم تتنازل عن مبادئها وبالتالي لم تخضع لنظام مستبد فقد واجهت الموت بكل جرأة وشجاعة .
فيلم (الصوت الهامد) يقدم درسا في الصمود ويؤكد حقيقة ان موت المناضل لا يعني موت قضيته، فقد علمتنا تجارب التاريخ ان الأفكار لا تموت بموت اصحابها انما هي كالصفات الوراثية تنتقل من روح الى أخرى.
***
ثامر الحاج امين