أقلام ثقافية

بنيامين يوخنا دانيال: القمامة.. عندما تهدد السياحة

يأتي التلوث في مقدمة التهديدات والتحديات التي تواجهها صناعة السياحة والسفر في الوقت الراهن، بغض النظر عن مصدره ونوعه وأوجه انتشاره. وتعتبر القمامة بانواعها (سكنية، صناعية، سياحية، الخ...) من المصادر الرئيسية لهذا التلوث خصوصا في الدول التي تفتقر إلى ادارة فعالة في معالجتها والحد من الآثار السلبية التي تتركها حتما على البيئة والمجتمع، والتي قد تلجأ فيها إلى وسائل وسبل بدائية ومتخلفة في التخلص من هذه القمامة، مثل طمر القمامة في الشواطئ (كما كان يحدث في الارجنتين قبل الانضمام على الاتفاقية الأمريكية لحماية السلاحف البحرية) والجزر (مثلما يحدث في المالديف) وأطراف الغابات (كما يحدث في بعض البلدان الآسيوية) التي قد تكون حساسة وهشة بيئيا، أو احراقها بالقرب من الفنادق والقرى السياحية، كما حدث في خليج مكادي وسهل حشيش ومنطقة مجاويش جنوب الغردقة المصرية عام 2008، الأمر الذي هدد باغلاق هذه الفنادق والقرى السياحية جراء عزوف العديد من السواح عن التوجه إلى هذه المناطق بسبب سحب الدخان السوداء التي صارت تغطي سماء المنطقة كل يوم، وما صاحبها من غازات وأدخنة وأبخرة في غاية الخطورة على الصحة. أما في الجزائر فقد دفعت القمامة ومسببات التلوث الأخرى إلى قيام وزارة السياحة في العام 2012 إلى ادراج (188) شاطئا في (14) ولاية في قامة الشواطئ التي يحظر فيها السباحة فيها من قبل السواح والزوار، منها (13) شاطئا في وهران وحدها و(17) في تلماس و(5) في تيزي ايزو. وذلك لأسباب صحية. الأمر الذي انعكس سلبا على الرياضات المائية والأنشطة السياحية المختلفة التي كانت تزاول على هذه الشواطئ. كذلك فعلت السلطات المعنية في تونس عام 2011 بالنسبة ل (13 %) من الشواطئ المنتشرة في البلاد، مثل شاطئ رواد وشاطئ السواسي وجنوب شاطئ مليان. أما مدينة (ديربان) بجنوب أفريقيا المعروفة كمقصد سياحي ييم شطره السواح من مختلف بلدان العالم فقد تسبب ارتفاع كميات القمامة والفضلات في عام 2008، وسوء إدارة مياه الصرف الصحي في (4) من الشواطئ الموجودة فيها إلى جردها من الرايات الزرقاء الممنوحة إليها من قبل (مؤسسة التعليم البيئي) (رسم) في حينها بحسب التقرير المنشور في صحيفة (صنداي تايمز)، وذلك لتردي مستوى نظافة وجودة المياه وتراجع مستوى الخدمات السياحية المقدمة في هذه الشواطئ، وضعف إجراءات السلامة المطلوبة والمتعلقة بالفعاليات والأنشطة السياحية، وعدم تطبيقها ضوابط وتعليمات الاستدامة البيئية. وهي جوانب حيوية ومهمة على نحو ملح، وتطرح بقوة في موضوع العلاقة التبادلية بين البيئة والسياحة في ظل تنامي الوعي البيئي لدى الناس بصورة عامة، والسواح على وجه الخصوص، وادراك أصحاب القرارات السيادية في قطاع السياحة والسفر لأهمية هذه الجوانب، وضرورة الأخذ بها من أجل الارتقاء بالمنتج السياحي وتنويعه وايصاله إلى هؤلاء في مختلف الأسواق، والدفع باتجاه التنمية السياحية المستدامة المطلوبة اليوم، وبما يحافظ على التوازن البيئي من جهة ومقومات السياحة من جهة ثانية وعلى قاعدة الاستدامة.

***

بنيامين يوخنا دانيال

.........................

* عن (السياحة والتلوث: مقالات) للباحث، مطبعة بيشوا، أربيل – العراق 2013.

في المثقف اليوم