أقلام ثقافية

بنيامين يوخنا دانيال: السياحة في المحميات الطبيعية.. هل تشكل خطرا؟

تمثل المحميات الطبيعية بأنواعها مصادر جذب فعالة ومهمة بالنسبة للزوار والسياح من ذوي الأهتمامات المتعلقة بالبيئة، وهذا ما دفع السلطات السياحية والبيئية في الكثير من الدول إلى الترويج إلى المنتوج السياحي الذي يقدم من خلال المحميات على نحو مخطط ومدروس من أجل زبادة معدلات التسوق، ودعم التدفق السياحي، وتقديم خدمات متميزة للسياح مع تحقيق إيرادات مالية مناسبة، تساعد على تطوير وإدارة هذه المحميات بالشكل المطلوب. ووفقا لقواعد الاستدامة المعروفة التي تهدف إلى الاستخدام المستدام للموارد الطبيعية وصونها، للحيلولة دون الاضرار بأوجه التنوع الحيوي (البيولوجي) التي تتمتع به. وذلك من خلال تنظيم حركة الأفواج السياحية إليها عددا وتوقيتا، ونوعية السياح وتوجيههم بضرورة الألتزام الكامل بالتعليمات والضوابط، لتجنب أي شكل من أشكال الاخلال بالنظام الايكولوجي الذي يزخر به، مثل: عدم العبث بالأنواع والأصناف النباتية من أشجار ونباتات والمحتويات الأخرى داخل المحميات هذه، وعدم ازعاج الحيوانات التي تعيش فيها بأي شكل كان، والألتزام بالحدود المقررة عند الحركة واللأقتراب منها لغرض المشاهدة والمراقبة والتصوير، وذلك لدواع أمنية، ولتجنب نقل الفيروسات التي قد يحملونها معهم، فتصيبهم بامراض وأوبئة، يصعب معالجتها والسيطرة عليها، فتهدد حياتها على المدى القريب والبعيد، وتؤثر في أعدادها ونوعيتها، وبما يتعارض مع الأتجاهات الرامية إلى الأستدامة البيئية، مع ضرورة عدم ترك المخلفات لاحتمال تسببها بالتلوث. ففي عام 2009 أصيبت (11) غوريلا جبلية من أصل (12) غوريلا موجودة ضمن إحدى المجموعات ال (8) في واحدة من المحميات الطبيعية في جبال (فيرونجا) على ارتفاع (2500) م فوق مستوى سطح البحر ب (روندا) بسلالة من فيروس بشري مسبب للالتهابات الرئوية، انتقل إليها جراء اقتراب السياح الأجانب منها، وفقا للنتائج البحثية لأحد المراكز الطبية الأمريكية. وهي نوعية نادرة اكتشفت في عام 1909، ولا يوجد منها حاليا سوى (700 – 800) غوريلا، منتشرة في كونغو الديمقراطية ورواندا وأوغندا. الأمر الذي دفع إدارة المحمية إلى اصدار توجيهات قاسية، لا تسمح إلا بزيارة واحدة لكل مجموعة منها في اليوم لقاء (500) دولار، يذهب إلى صندوق المحافظة على حديقة البراكين في الشمال، وعلى وجه الخصوص لحماية الغوريلا الجبلية من الانقراض، بالأضافة إلى الرسوم المفروضة من قبل الحكومة الرواندية على الأنشطة المرتبطة بالغوريلا منذ عام 2008. وهناك تجارب متميزة في هذا المجال، طبقت في استراليا وجمهورية جنوب أفريقيا وإيطاليا وكوستاريكا وكندا وكينيا وجمهورية أفريقيا الوسطى. وقد نجحت إلى حد بعيد في إزالة التضارب بين تطبيق قوانين المحافظة على البيئة الطبيعية ومستلزمات صناعة السياحة ومتطلباتها، مع وضع المحميات الطبيعية بانواعها كأحد عوامل الجذب والتسوق السياحي الفعالة في استقدام وجذب المزيد والمزيد من السياح والزوار من أصدقاء البيئة الطبيعية من داخل وخارج البلاد.

***

بنيامين يوخنا دانيال

....................

* عن (السياحة والتلوث: مقالات) للباحث، مطبعة بيشوا، أربيل – العراق 2013.

 

في المثقف اليوم