أقلام ثقافية

سقيفة خاصة / ترجمة: محمد غنيم

بقلم: لويز كينيدي

ترجمة: د.محمد عبدالحليم غنيم

***

لويز كينيدي تتحدث عن العزلة السعيدة في غرفة الكتابة في حديقتها الخلفية

***

اشترينا منزلنا في عام 2007. كانت المالكة السابقة من هؤلاء الأشخاص الذين الذين يديرون ظهورهم لك عندما تمد يدك، وقد حولت مبنى خارجي بسيط للغاية إلى عيادة صغيرة أنيقة بها كهرباء وتدفئة ومياه جارية. كانت الجدران معزولة والسقف مغطى بألواح من خشب الصنوبر. تمت إضافة هيكل خشبي إلى الواجهة، وهو عبارة عن قاعة مدخل من نوع ما، إلى جانب مرحاض.

في الأسبوع الذي انتقلنا فيه إلى المنزل، سألني زوجي: "فيم سنستخدم هذا السقيفة ؟" أخبرته أنني خططت لكتابة كتب جريئة هناك، وهو ما وجده مضحكًا للغاية؛ فقد كنت طاهية ولم يتعدَّ مجال كتابتي قوائم التحضير وقوائم الطعام.

ولعدم وجود شيء أكثر إثارة، وضعنا غسالة ومجففة الملابس هناك، لكن أنبوبًا انفجر خلال موجة برد واضطررنا لحفر الأرضية. بعد ذلك، امتلأت السقيفة بأشياء مثيرة للجدل—أشياء اعتقدت أنها مجرد خردة بينما رآها زوجي مفيدة—إضافة إلى أدوات الحديقة المعتادة، وعلب الطلاء نصف الفارغة، ودراجات الأطفال.

بدأت الكتابة في عام 2014. في السنة الأولى تقريبًا كنت أتجول من غرفة إلى أخرى، محاولًة الابتعاد عن زوجي وأطفالي لأكتب القصص الومضية، والقصص القصيرة، وقطعًا صغيرة من المذكرات. بدأت المسودات المطبوعة والدفاتر تتكدس. لا بد أن الوضع كان سيئًا، لأن زوجي، الذي لا يُعرف عنه ميله إلى الترتيب والنظام ، اقترح أن أنقل نفسي وأوراقي إلى السقيفة. قمنا بتنظيفها، ونقلنا غسالة الملابس إلى داخل المنزل، وأنفقنا 50 يورو على أرضية من إيكيا، كانت مناسبة جدًا لأنها مصنوعة من ورق مُعاد تدويره. الآن أصبح لديّ سقيفة للكتابة، مما جعلني أشعر بطريقة ما بأن لديّ عملًا؛ أنه حتى لو لم يدفع لي أحد أبدًا، فأنا كاتبة.

إن امتلاك غرفة خاصة بك هو بمثابة هدية، على حد تعبير فرجينيا وولف. ومن الرائع أيضًا أن يكون هناك مكان لوضع كل تلك الأوراق.

لقد كتبت مسرحية هناك أثناء فترة عيد الميلاد المجيد التي شهدت ثلاث عواصف متتالية أطلق عليها أحد العاملين في مكتب الأرصاد الجوية اسم ديزموند وإيفا وفرانك. بدأت في إرسال أعمالي إلى المجلات الأدبية والمسابقات. التحقت ببرنامج الماجستير في الكتابة الإبداعية وعملت على أطروحتي من الصباح الباكر حتى الليل. وقد أدى الماجستير إلى الدكتوراه وساعات من قراءة المقالات الأكاديمية. لم يكن كل شيء ورديًا.

قبل أسابيع قليلة من موعد تقديم أطروحتي، تركت المفتاح في الباب فجاء لصّ في الليل وسرق جهاز اللابتوب. بعد أن غادرت الشرطة، نظفت بقايا مسحوق البصمات وجلست للعمل، لكن كان من المزعج التفكير في غرباء يتحركون داخل المكان الذي أصبح مكاني الخاص. استغرق الأمر بضعة أسابيع قبل أن أعود إلى هناك مجددًا. وفي الشتاء التالي، دخلت الفئران إلى السقف—وأنا لدي خوف غير مبرر من هذه المخلوقات الصغيرة—فأخذت أغني بصوت عالٍ وأنا أكتب لأغطي على صوت الخدش.

"أثناء الوباء، شعرت أنني أسعد امرأة في أيرلندا."

أثناء فترة الوباء، شعرت بأنني أسعد امرأة في أيرلندا. في ظل غياب أي شيء آخر للقيام به، أنهيت مجموعة قصصية بعنوان نهاية العالم هي طريق مسدود، وأعدت كتابة روايتي تعديات عدة مرات، وكتبت أطروحة الدكتوراه الخاصة بي، وقمت بعدد لا يحصى من اجتماعات الزوم على مكتبي. كنت مشغولة للغاية لدرجة أن عندما بدأ رجل على بعد شارعين مني في الغناء في شرفته مع تشغيل مكبرات الصوت بالكامل كل عطلة نهاية أسبوع، لم يزعجني الأمر كثيرًا. (أقسم أنني لم أكن من اشتكى للشرطة).

ولأنني أقضي الكثير من الوقت في سقيفة منزلي، فلا عجب أن تجد الأشياء من حولي طريقها إلى كتبي. فالسلة الموجودة على قمة رف الكتب تعود لعمتي عندما كانت طالبة، وقد ألهمتني لكتابة السلة التي تحملها بطلة تعديات، كوشلا لافري، إلى المدرسة وإلى دروس اللغة الأيرلندية. كما أن الكتب التي استخرجتها من الرفوف، مثل جود المجهول والأمير الأسود وشعر سياران كارسون، قد أدرجت أيضًا في روايتي. بالإضافة إلى ذلك، أعطتني مجموعة من الصور العائلية فكرة لقصة قصيرة تُروى من خلال الصور. ووجودي في الحديقة ساعدني على فهم كيف يمكن استخدام الطبيعة للتعبير عن مرور الوقت في الرواية بشكل فعّال.

لا أحتاج إلى العزلة للعمل. قبل بضع سنوات، ذهبت إلى كوخ في جزيرة وحدي لأكتب. بعد أسبوع، بدأت أرى أشباحًا—أعتقد أن العزلة الحقيقية تعيقني. بينما أستطيع أحيانًا أن أجلس في مكتبي في السقيفة لفترات طويلة، في أيام أخرى أجد نفسي أتردد على المطبخ لتحضير الشاي (أنا أشرب الكثير من الشاي). آخذ استراحة لتقشير الخضار للعشاء وأرش المبيض في أرجاء المكان. توجد مدرسة ابتدائية خلف منزلنا، وأحب أن أكون في الخارج عندما يكون الأطفال في ساحة اللعب، أجلس على طاولة في الحديقة لأستمع إليهم وهم يرددون الشعارات، ويصرخون، ويتناقشون.

لكن من الرائع أن يكون لديك غرفة خاصة بك، ومن الرائع أيضًا أن يكون هناك مكان لوضع كل تلك الأوراق.

***

..........................

الكاتبة: لويز كينيدي/  نشأت لويز كينيدي بالقرب من بلفاست. تعديات هي روايتها الأولى. وهي أيضًا مؤلفة مجموعة من القصص القصيرة بعنوان نهاية العالم هي طريق مسدود. كتبت للغارديان، والتايمز الأيرلندية، وبي بي سي راديو 4. قبل أن تصبح كاتبة، عملت كشيف لمدة تقارب الثلاثين عامًا. تعيش في سليجو، أيرلندا.

في المثقف اليوم