أقلام ثقافية
سُوف عبيد: الشاعر حسين القهواجي.. عاشقُ القيروان
ألقاه بين فترة وأخرى هادئا مطمئنا في أحدِ الشّوارع وقد اِنتهى لِتَوِّهِ من إصدار كتاب أو مُستعدًّا لطبع كتاب آخر جديد.
نحيفُ الجسم رقيقُ الكلمات لطيفُ الحركات غير شاكٍ ولا باكٍ فصديقي من أولئك الذين يعلمون أنّ دروب الأدب طويلةٌ أوّلًا وصعبة ثانيا وأنّ بلوغ تخقيق الأماني لن يتسنّى إلا بالمكابدة والدّأب وأنّ الذي يرومُ حرقَ المراحل مصيره الاِحتراق قبل الأوان.
هو الشّاعر حسين القهواجي الذي في رصيده إلى الآن سبعة كتب إبداعية على الأقلّ… إنّه ما يزال على نفس الإصرار في عشق الحروف وإبلاغها إلى النّاس ولو على حساب الضّروريات من الحياة،
من هذه الدّواوين:
ليل المقابر
غراب النبوءات
أنْدَرُ من بُروق الصّيف
أرقُّ من غيمة الخريف
يوميات في مارستان
الأرواح البيضاء
كتاب الأيام
تندرج نصوص حسين القهواجي الشّعرية ضمن السّياق التجديدي العام من حيث المبنى وتتمحور حول الهواجس الذّاتية من حيث المعنى الذي كثيرا ما يحُومُ حول المعاني الصّوفية بما فيها من وجْدٍ وتغَنِّ بالكون والمَلَكُوتِ اِنطلاقًا من التراث الصّوفي العام.
يقول الشّاعر في ديوانه (غراب النبوءات) وفي قصيدة (نمل) التي تُوحي برباعيات الخيام لكنّها جاءت على شكل الدُّوبيتْ القديم:
1- بخدّي أُخدود ماءٍ غصّت به الجُفُونُ
أيُّنا أحصى شهور الحمل وهو جنين
2- جيئُوني بحفَّار وناعِ
قبل أن تنبش أشلائي الأفاعي
3- ولأنّ الدّهر كالعنكبوت نسّاجُ أكفانْ
هيَّأتُ فوق البُرج لحمي وليمةً للعُقبانْ
4- رياحٌ من عهد إرَمَا
ملأتُ بيتي مَأَتَمَا
5- هلالُ الخريف اِبتلعته غمامهْ
أسفًا دروبُ الفجر مُطفأةُ العلامهْ
فهذه المجموعة الشّعريّة ترشح بالمعاني الصّوفية فبالإضافة إلى الخيَام نقرأ فيها إحالات على الحلاّج وعلى غيره من النُسّاك والقدّيسين والفلاسفة في أثينا وفي غيرها وبقدر ما نلاحظ اِستيعابًا للأدب الصّوفي لدى الشاعر حسين القهواجي فإنّه من ناحية أخرى اِستطاع أن يرسم الملامح الخاصّة به في هذا الغرض القديم الذي حاول أن يضيف إليه لونه فيصبغه به:
أنكرتُ الوجوه والكتب التي أعرف
عساي أتصيّد الرّبيع
في قصب السكّر يغفو
لو عُدتُ للمهد صبيًّا
كنت صوّرت الأرض هالهْ
طوّافةً بين قرنيْ غزالهْ
ولاِنهمر الغيمُ ورقًا نديًّا
هكذا أعيشْ:
فانوسُ يرشح مَوْتًا
***
سُوف عبيد