أقلام ثقافية
حسين صقور: وحيد قصاص الباحث عن منابع الضوء...
على امتداد شريط تجربته الطويلة كانت عيناي تتنقل ما بين لوحاته الكثيرة سابرا الأغوار وباحثا عن ذاك الخيط السحري الكاشف عما تخفيه شخصية مبدعها من أسرار إنه الفنان الجميل وحيد قصاص.
للون امتداده الذي لا ينتهي وهو قابل للتحول دوما ولخلق أشكال مغايرة بقدر قدرته الحركية فوق سطوح فليلة الامتصاص وخادمة لتقنيته الباحثة عن منابع الضوء يمكنها أن تشع من قلب العمل ويبدو لي كمن يرسم فوق سطوح زجاجية ومرايا عاكسة لصور الحياة لتظهر لا عبر تفاصيلها الدقيقة انما عبر واقعيتها المغطاة بوشاح شفاف كما الحلم .
تلك هي لوحته الساعية لترويض الصعوبات وذاك هو الفنان يستأنس بحضورها الساطع في ليالي غربته الموحشة
تجمعات بشرية وسط الدمار والأحياء الشعبية القديمة والأثرية تترابط عبر اسلوب المعالجة التوشيحي الذي يظهر ولا يخفي ذاك الغنى التي تتمتع به سطوحه من نقوش ورسوم تصنع ذاك النسيج الموحي ببصمات على جدار الزمن بصمات لازالت صامدة ولازالت تشع عبر ذاك البريق الذي يصنعه ذاك التجاور والتكامل والتداخل الساحر وعند الحدود الفاصلة للونين متتامين الأزرق والأحمر بكامل الطاقة الكامنة لسطوعهما الضوئي
وحيد قصاص يشكل أساساته بعناية فائقة تشي بروح تتمتع بالانتظام والترتيب ولكنه حين يغمس فرشاته باللون يفرشها فوق سطح الغمل ساعيا لإخراج لحظي متكامل وغير قابل للتأجيل وهو يمتلك تلك الركيزة الأكاديمية التي تمكنه من تأليف مواضيعه بمنتهى السهولة واليسر يتقدم اللون على الرسم ويأتي الرسم في الغالب عبر الحف بأدوات حادة وهو بهذا يعطيك الفرصة لترى العالم من وجهتين واقعية تعبيرية تفيض بالآلام والمآسي وتكوينات تجريدية تنبثق من قلب الحلم عبر اللطخة المتلاشية للون المتمم فوق عالم مغاير
وأقول أخيرا اشتغل الكثير من الفنانين على تقنية الإضاءة بالحف لكنها لم تتبلور وتنضج بالشكل الذي هي عليه الآن سوى من خلال الفنان وحيد قصاص ..
وربما كان من المؤسسين لها مع حسين حمزة بما قدمه من أعمال صغيرة حتى وإن اختلف عنه عبر الموضوع والإخراج النهائي الذي يشي بالكثير من الأناة والصبر الذي يتمتع به من خلال منمنماته وأعماله المأخوزة عن مقاطع واقعية للطبيعة الساحرة بكل ما تحمله من تفاصيل
***
الفينيق حسين صقور