أقلام ثقافية

زهرة الحواشي: حكايتي مع صالح الڨرمادي (3)

أو عمّ صالح كما كان يحلو لأصحابه وطلبته أن يسمّوه

لم تزدني غرابة موت صالح الڨرمادي وما يدور حولها من شكوك وريبة وغموض إلّا إلحاحا على التّغلغل في  عالمه .

صالح الڨرمادي المولود يوم 12 أفريل سنة 1933

المتوفّي  يوم 12 أفريل سنة 1982 أي في نفس التاريخ لميلاده وعمره 49 سنة فقط !!

صالح الڨرمادي هذا الشّاعر المثقّف المناضل الماركسي والنقابي المقدام الذي أبهر السّاحة الثّقافية والجامعيّة في السّبعينات بمواقفه وإصداراته المتنوّعة .

هو ابن الحي الشعبي الحلفاوين بالعاصمة وابن عامل بسيط متنقّل بين السّكك الحديدية وورشات ميكانيكبة والتحارة في السّوق المركزية.

وبالموازاة مع دراسته مارس صالح الڨرمادي بعض المهن اليدويةمثل النّجارة وصناعة الفخّار وقد كان متفوّقا في دراسته بشكل بارز في المعهد الصّادقي بشعبة الآداب الكلاسيكية ثمّ في جامعة باريس حيث حاز التّبريز في اللغة والآداب العربية وكان عنصرا نشيطا في الحركات الطّلابية التّقدمية بفرنسا .

عند عودته إلى تونس واصل انخراطه في قضايا الديمقراطية و الحرية والعدالة الاجتماعية.

في بداية السّتينات درّس في الجامعة و أسّس علم الألسنية.

كان ينتمي إلى نخبة من الشبّان المثقفين الذين أصدروا مجلّة  التّجديد.تعدّدت إنتاجاته الأدبية بين اللسانيات والترجمة والمقالة والشّعر والقصّة والمسرح. والحديث يطول عن عوالمه.

نعود إلى لحمته الحيّة التي هي محور حديثنا هاهنا.

أخذت تلك المؤلّفات وعدت إلى المنزل وكأنّي "جبت الصّيد من وذنو" وبدأت بقراءتها فلم أفهم منها إلّلا النّزر القليل سواء بالعربية أو بالفرنسية.

 أشعار ثنائية اللسان عربي وفرنسي مطعّمة من حين لآخر بكلمات تونسية أصيلة مثل الطّار والبندير والفرازط والعلّوش

 و غيرها يدرجها في معانيه وصوره وتصويره للمجتمع التونسي وحقيقة ومرارة الواقع التونسي بأسلوب هزلي تارة وتهكّمي تارة أخرى، مليء بالأمل مرّة وحزين يائس أخرى فيأخذك إلى الأعلى ثمّ يطرحك أرضا دفعة واحدة ليوقظ فيك وعيا عميقا بمرارة واقعك و يرجّك رجّا حتى لا تستسلم للنّعاس وقد شعرت وأنا أقرأ نصوصه بالإحباط والعجز ووجدتني " نهدّ في جبل بڨادومة " وأيّ جبل !! فالرجل يتلاعب بالألفاظ ويراقصها ويولّد من المفردة ألف معنى ومعنى اليس هو الذي يسوس اللغة اللاتينية والانجليزية والألمانية زيادة عند الفرنسية والعربية وغيرها....

وقررت أن اتخلّى عن فكرة ترجمة هذه اللحمة التي آلمتني قبل أن ألمسها لكنّ شيئا ما من صالح الڨرمادي"كبّش فيّا " وألحّ عليّ أن أستمرّ .

(يتبع)

***

زهرة الحوّاشيي - تونس

 

في المثقف اليوم