أقلام ثقافية

نايف عبوش: شاعر البادية محمود حمادي الهندي.. ابداع النظم وبلاغة التوظيف

للحديث عن الريف والديرة والموروث الشعبي، مع شاعر البادية محمود حمادي الهندي، نكهة خاصة، وذلك لموهبته، وتمكنه، وبلاغته، وتراكم تجربته. وتجدر الاشارة الى ان المتلقي يتلمس في ثنايا سرده معه،كيف توطنت بعمق، ذكريات الماضي في وجدانه الريفي الزاخر بكل صفحات تلك الذكريات الحالمة . ويتملكه عندئذ،  شعور عارم برهافة حسه الشاعري في الوصف، حيث تتجلى بلاغة توظيفه المفردة الشعبية، باقتدار واضح، في نظمه القصيد، حتى يخال له انه يعيش الحدث، ساعتئذ، بمعيته، بين احضان جداتنا أيام زمان، حيث يقول في قصيدة له:

أشكَد مشتاكلج يادار أهلنه

تعاليل وفرح ورياح حنّه

*

بيادر والحصاد وبيها جدّاح

نسينه رسومها وهن مانسنّه

*

جريبة من الكَلب كَرب الشرايين

ولو حتى الليالي باعدنّه

*

جانون وبرد وبليلج أنخاف

وياجدّاتنا إشكَد خورفنّه

*

أثاريها سوالف للينامون

وكل ظنّه السعالو ياكلنّه...

ويلاحظ المتابع لنظمه، انه نتاج بيئة ريفية النكهة، والتقاليد، يسود أعرافها الفخر، والإعتزاز بمكارم القوم، والتغني بالربع، والربوع، والمكان. ومن ثم فإن نظمه، يأتي في صميم ممارسته شعر الوقوف على الإطلال، في الشعر العربي الأصيل، وما ينطوي عليه من تقليد ظاهرة ابراز المعاني، والدلالات التعبيرية الرفيعة، لعلاقة الإنسان العربي،بالموروث من التقاليد، والمكان.

وبذلك فإن شاعر البادية محمود حمادي الهندي، بجدلية التعبير عن علاقة وجدانيات الحس المرهف بالمكان، في نظمه الابداعي، انما يحاكي، اسلوبية شعرية، وثقافة عربية متجذرة بالأصالة، عصية على المسخ،والتشويه، والضياع،بضحيج تداعيات عصرنة صاخبة، بكل ابعاد جوانبها السلبية.

انه بهذا الإبداع المتميز في النظم، والتمكن المقتدر في تصوير مفردات الموروث،يمثل طاقة إبداعية متوهجة من طاقات الديرة الواعدة،ولعل نعته بشاعر البادية، إنما يأتي تجسيدا حيا، لاقتداره المفرط، في إختيار المفردة الشعبية،ونجاحه في دسها ببلاغة مدهشة، في ثنايا نظمه،دون تكلف.

***

نايف عبوش

في المثقف اليوم