أقلام ثقافية
صادق السامرائي: التشاعر النثري!!
أقرأ في تراثنا الأدبي نثرا أروع من الشعر وينطبق عليه القول: "أن من البيان لسحرا"، وهو نثر يتفوق على الشعر، فلغتنا العربية فيها طاقات تعبيرية مطلقة، وليس من الصحيح أن نخلط بين أجناسها، وتفرعاتها التعبيرية الزاهية البيان.
وتجدنا اأمام محنة "قصيدة النثر" المجردة من القوانين والضوابط ويدّعي أصحابها بأنها من ضرورات التجديد بالشعر، وكأن الشعر العربي لم يتجدد على مر العصور.
"قطعة نثر موجزة بما فيه الكفاية، موحدة، مضغوطة، كقطعة من البلور".
فهل هي قصيدة، كما تعرفت عليها الأجيال؟
هذا ليس ضد ما يُكتب، لكن الحيرة تكمن في التسميات، والإدّعاءات الخالية من الضوابط والقواعد والمعطيات التي تشير إلى المُسمى.
قال لي أنه كان يكتب ما يسميه شعر الإيقاعات الداخلية، ويرى أن في كل إنسان يكمن إيقاع خاص، وكان يقرأ نصوصه على مسامعي منذ السبعينيات من القرن العشرين.
وكنت أتمتع بكتاباته وأحسبها نثرا بديعا، وتعلمت منه كيف أكتب جميلا.
كان أستاذه في الصف يدعوه لقراءة ما كتب على مسامع التلاميذ، وهو يردد: كلماتك تطربني وتسحرني.
وما كنا نحسبه يكتب شعرا.
وترانا اليوم نقول بأن علينا الإعتراف بقصيدة النثر، فهي حرة بلا وزن ولا قافية وبسيطة موجزة ومكقفة، ويركزون على وحدة الموضوع وعضويته، وغيرها من المعايير التي يريدون إقحامها لتبرير القول بأن النثر قصيدة.
فليكتب مَن يكتب، المهم أن يكون شكل الكتابة عبارة عن كلمات مرصوفة على الطريقة اليابانية، من الأعلى إلى الأسفل، وأن تقرأها على هذا النحو.
وبموجب قصيدة النثر، كل مَن كتب فهو شاعر، فلا تتعجب!!
***
د. صادق السامرائي