أقلام ثقافية
هيثم البوسعيدي: أساتذتي الكرام
يمضي العمر سريعا، وعبر محطات زمنية نقف بشكل مؤقت لكي نعود إلى ذكريات قديمة، نتذكر وجوه كثيره. إنهم المعـلمون الذين تعـلمنا على أيديهم شتى العلوم والمعارف خلال الدراسة في مرحلة الإعدادية والثانوية.
كانوا أساتذتنا من عدة بلدان عربية: تونس، المغرب، السودان، مصر، فلسطين، الأردن، السعودية، بالإضافة إلى أبناء بـلـدنا الأساتذة العمانيين الذين كانت أعدادهم محدودة في ذلك الزمان.
إن سنين الصبا وأيام المراهقة تعيش داخل أعماقنا للأبد، لذا فإن الجزء الأكبر من أسماء هؤلاء ووجوههم ومواقفنا معهم لا تُمحى؛ لذا بقت الذكريات خالدة، كما أن أيامنا السالفة كانت جميلة جدا لأن مدارسنا أصبحت نماذج لتجمعات عربية أشبه بما يمكن وصفه "وطن عربي مصغر".
لكن حينما تركنا مدارسنا وأنطلقنا إلى الجامعة أهملنا التواصل مع أساتذتنا...البعض منهم ظلوا على أرض عٌمان لسنوات محدودة ثم رحلوا إلى بلدانهم أو بلدان آخرى وبعد مرور سنوات طويلة من العطاء نتسائل: كيف أصبحوا؟ وما هي أحوالهم؟ هل هم أحياء أم أموات؟
ولكن لأن زماننا زمن التواصل السريع بسبب توفر وسائل التواصل الاجتماعي ولوجود مجموعة من زملائنا يمتلكون مهارة النفس الطويل في التواصل مع هؤلاء الاساتذة مهما باعدت بينهم السنوات والمسافات, فإننا نتفاجئ يوما ما بخبر نبأ وفاة أحد هؤلاء الاساتذة أو يُتناقل مقال لأحدهم أو تصلك صورة أحدهم وقد غير الزمان حاله من الشباب إلى الشيب.
عند هذه اللحظة يصحو الضمير ونتمنى لو تلتقي بهم من جديد لتتسائل عن أحوالهم وبعد حين تدرك أنه لا فائدة من الندم وعليك فقط أن تبدأ وتستمر بعادة تكرار الدعوات لهم بالصحة والعافية والبركة إن كانوا أحياء وإن كانوا أموات بإن يشملهم المولى عزوجل بالرحمة والمغفرة.
أخيرا أقول سلاما لهم أينما كانوا وأينما حلوا أجساد وأرواحا فقد تحملوا الصعاب من أجل لقمة العيش وتحملوا قسوة الظروف، كم كانوا كرام وسخائهم بالعلم نحونا لا حدود له، ولا نقول أنهم ملائكة فكل أنسان له صفات ايجابية وآخرى وسلبيه.
أخيرا أعبر لهم عن امتناني وشكري الجزيل بعدد قطرات المطر فهم الذين بثوا فينا البذور الأولى للعلم والمعرفة وآثار أفعالهم في شخوصنا لا حدود لها.
***
هيثم بن سليمان البوسعيدي