ترجمات أدبية
نايومي شهاب ناي: حياته / ترجمة: عادل صالح
قصيدة نثر وتعليق
بقلم: نايومي شهاب ناي
ترجمة: عادل صالح الزبيدي
**
حياته- قصيدة نثر
لا اعلم عما يفكر فيه. ليلا سرداب وجهه ينغلق عليه. يمكن ان يكون تحت الأرض. يمكن ان يكون كنزا مدفونا. يمكن ان يكون حمارا محتجزا في "منجم بيزبي"، تم انزاله منذ زمن طويل بالبكرات والسيور، وهو يرفس، حتى يتلاشى فراؤه الناعم وتعمى عيناه. كانوا يجعلون الحمير تجر العربات الصغيرة المحملة بالمعدن الخام من شق لشق. ليلا حين يضع آخر الرجال اقدامهم في المصعد الذي يصدر صريرا، كانت الحمير تبكي. بعضها عاش لمدة سبعة عشر عاما هناك في الأسفل. لا يزال عمال المنجم يشعرون بالسوء حيال ذلك. كانوا سيسحبونهم الى الخارج كي يتنفسوا هواءا حقيقيا في الأماسي، الا ان النفق كان عميقا جدا وما كانوا قط ليستطيعوا ان يدخلوهم بالقوة مرة ثانية.
***
تعليق
تدعونا قصائد النثر الى ان نقفز قفزات دراماتيكية او غريبة نوعا ما نحو الأغوار العميقة—دونما توسع في البناء او كلمة تقديم او خاتمة. تعجبني مباشرتها. يعجبني ايمانها بنا—بأننا، ان حالفنا الحظ، او استحوذ علينا على نحو مشابه، نتتبع تجوالها داخل منطقة آسرة معينة. في "حياته" انظر الى شخص عليّ ان اعرفه جيدا لكنني لا اعرفه جيدا، ثم (من اجل الارتياح؟) اغوص في منجم قديم في بيزبي بولاية اريزونا كنت قد زرته مؤخرا،مستعيدة في ذاكرتي ما قاله عامل منجم سابق يعمل الآن مرشدا سياحيا لمجموعتنا بعد ان امطرناه بالأسئلة (وعيناه مغرورقتان بالدموع فيمسحهما). بعد ان ينتهي المشوار، اتأمل حيوات، سواء أ كانت حيوانية او بشرية، انفقت في اوضاع مقيدة، ولكن هل عليّ ان اعبر عن ذلك بتعابير لا لبس فيها؟ كلا، كلا، كلا ! ثمة شيء مقنع بشكل لانهائي في الشكل الكتلوي لقصيدة النثر، بعد كل الزوايا الحادة والفضائية الرحبة للشكل الشعري الشاقولي. قصائد النثر مادة منعشة، واحة على طريق القراءة الطويل. المداخل والمخارج مؤشرة بوضوح. يسهل الشعور بالمشاركة. شكل قصيدة النثر يوحي ايضا بجيوب وطاولات (البليارد). ومن اللافت كيف ينتابني شعور بالارتياح بمجرد ان ارى واحدة تظهر امامي في مكان ما. تعود بي الذكريات الى ذلك الوقت القصير في صف الدراسة الأول حين يدعونا (معلمنا المكفهر، كما في حالتي) كي "ننشيء فقرات"—بعد ان نكون قد اتقنا فن "الجملة" الدقيق والصعب. يا للعجب ! الربط البسيط للأسطر للتحول الى اشكال بيتية صغيرة ذات نوافذ وابواب ونقاط ومماسح ارجل... طوال حياتي في المدرسة كنت انتظر ان أُدعى لانشاء "فقرة" مرة ثانية. لكن لم يكن الأمر كافيا قط لأي شخص.
***
.............................
نايومي شهاب ناي: شاعرة وروائية فلسطينية أميركية ولدت في فلسطين عام 1952 لأب فلسطيني وأم أميركية. بدأت النشر مبكرا تحت تأثير أمها وأصدرت كتيبين شعريين في عامي 1977 و 1978 تحت عنوان (اذرع موشومة) و(من العين إلى الأذن)، إلا أن أول مجموعة شعرية مكتملة صدرت لها عام 1980 تحت عنوان (طرق مختلفة للصلاة) توالت بعدها عدة مجموعات منها (القفاز الأصفر) 1986، (الحقيبة الحمراء) 1994، و(وقود: قصائد) 1998، (نحلة العسل: قصائد وقطع نثرية قصيرة) وغيرها. نال شعر ناي جوائز عديدة وشغلت مناصب فخرية كثيرة.