ترجمات أدبية

حكايتان شعبيتان

ترجمة: د. محمد عبد الحليم غنيم

***

(1) الروائح والرنات

حكاية شعبية يابانية

يحب أهل ييدو الثعابين المشوية كثيراً. ذات يوم، كان هناك تاجر ثري يُدعى كيسابورو، معروف ببخله الشديد، انتقل إلى منزل بجوار محل لرجل يُدعى كيتشيبى، الذي كان يصطاد ويطبخ ثعابين الأنقليس لكسب رزقه. كان السيد كيتشيبى يصطاد بضاعته ليلاً، ويقدمها في النهار لزبائنه وهي ساخنة ومُدخنة. تُقطع ثعابين الأنقليس إلى قطع بطول ثلاث أو أربع بوصات، وتوضع لتُشوى على شبك حديدي فوق فحم أحمر حار، حيث  كان يُبقيه متوهجاً عن طريق التهوية المستمرة.

كان كيسابورو راغبًا في توفير المال، وكان يتمتع بخيال قوي، فكان يجلس كل يوم وقت تناول الطعام بالقرب من باب جاره. كان يأكل أرزه المسلوق، ويستنشق روائح الثعابين المشوية، وهي تنبعث من المنزل، وكان يستمتع بأنفه بكل ما لم يكن ليدفع ثمنه ليضعه في فمه. وبهذه الطريقة، وبينما كان يمدح نفسه، كان يوفر الكثير من المال، وكان صندوقه القوي يزداد ثقلًا يومًا بعد يوم.

وعندما اكتشف كيشيبي، صائد الثعابين، هذا الأمر، فكر في أن يفرض على جاره البخيل ثمن رائحة ثعابينه. لذا، قام بإخراج فاتورته وقدمها إلى كيسابورو، الذي بدا مسرورًا للغاية. ونادى على زوجته لإحضار صندوق نقوده المحكم الغلق، وهو ما تم بالفعل. وبعد أن أفرغ الكتلة اللامعة من الكوبان (قطع ذهبية بيضاوية، تساوي خمسة أو ستة دولارات)، والإيتشي-بو والني-بو (قطع فضية مربعة، تساوي ربع دولار ونصف على التوالي)، وجعل القطع تصدر رنينًا عاليًا، ثم لمس فاتورة بائع الأنقليس بمروحة، وانحنى بعمق وقال بابتسامة:

" حسنًا، أيها الجار كيتشيبى، لقد أصبحنا متساويين الآن."

بائع الأنقليس: "ماذا! ألن تدفع لي؟"

فأجابه: "بلى، لقد دفعت لك. لقد فرضت عليّ رسومًا على رائحة ثعابين الأنقليس الخاصة بك، وأنا دفعت لك برنات نقودي."

(تمت)

***

(2) لا يقطع الماس سوى الماس

حكاية شعبية تايلاندية

ذات يوم كان هناك رجل فقير أراد زيارة قريب مريض في مدينة أخرى. كانت المدينة الأخرى على بعد يوم واحد سيرًا على الأقدام، لذا أعطته زوجته قطعة أرز ليأكلها في الطريق. ولأن أسرته فقيرة، لم يكن بمقدوره أن يأخذ الكاري أو الحساء ليأكله مع الأرز.

كان الرجل الفقير يمر بالصدفة أمام منزل أحد أصحاب الملايين، وكان طباخه يعد الكاري للغداء. كانت رائحة الكاري لطيفة للغاية لدرجة أنها جعلت الرجل الفقير يشعر بالجوع. جلس على الفور تحت شجرة وأخرج أرزه وبدأ في الأكل. تخيل أنه يأكل أرزه مع الكاري. كانت رائحة الكاري طيبة للغاية لدرجة أنه أكل كل الأرز. عادة، كان من الصعب جدًا عليه أن يبلع الأرز بدون كاري أو حساء.

وبعد أن انتهى من وجبته ذهب إلى مطبخ المليونير ليطلب من الطاهية شربة ماء وقبل أن يودعها أثنى على الطاهية وقال لها إنها طاهية ماهرة بكل تأكيد لأن الكاري الذي تعده له له رائحة طيبة وقال لها إنه يستطيع أن يأكل كل أرزه بدون كاري أو حساء بفضل الرائحة ففرحت الطاهية كثيرا لسماع ذلك وشكرها ثم تابع طريقه.

ابتسمت الطاهية وأخذت الكاري لتقدمه لسيدها. ولدهشتها، تذوق المليونير الكاري وشكا من أنها أعدت الكاري بشكل سيئ. كانت الطاهية خائفة من العقاب، لذلك أخبرته أن الكاري أصبح بلا طعم لأن رائحته قد سرقها الرجل الفقير الذي كان يمر بجوارها بالصدفة.

غضب المليونير البخيل غضباً شديداً عندما سمع ذلك، فأمر خدمه بإحضار الرجل الفقير إليه وطلب منه أن يحكي له قصته،اعترف الرجل البريء بأنه أخذ بعضًا من رائحة الكاري اللذيذة دون إذن. فطالب المليونير بتعويض من الرجل الفقير. كان الرجل الفقير مترددًا في الدفع، إذ لم يكن يمتلك سوى عملة صغيرة واحدة وكان لا يزال مضطرًا للسفر مسافة طويلة لزيارة قريبه المريض، وربما يحتاج لاستخدامها.

قام المليونير باعتقال الرجل الفقير وأخذه ليحاكم أمام زعيم القرية. بعد أن سمع القصة كاملة، أمر زعيم القرية خادمه بإحضار وعاء من الماء. ثم سأل الرجل الفقير كم من المال لديه. فأخبره الرجل الفقير بأنه فقير للغاية ولا يملك سوى عملة واحدة ليستخدمها إذا لزم الأمر أثناء السفر.

ثم أخبر زعيم القرية الرجل الفقير بأن يضع تلك العملة في وعاء الماء. كان المليونير البخيل سعيدًا جدًا، لأنه اعتقد أنه سيحصل على العملة مقابل رائحة الكاري.

قال المليونير بابتسامة عريضة: "شكرًا جزيلاً لك يا رئيس القرية. لقد أصدرت حكمًا عادلاً. لهذا السبب يحترمك جميع الناس كثيرًا".

مد المليونير يده بسرعة ليأخذ العملة المعدنية من وعاء الماء، لكن رئيس القرية استعاد وعاء الماء فجأة وأمر الرجل الفقير باستعادة عملته المعدنية.

قال زعيم القرية: "حسنًا! هذا الرجل أخذ رائحة الكاري اللذيذة الخاصة بك، والآن يمكنك أن تأخذ ماء عملته كتعويض عن خسارتك.

ثم أكد  زعيم القرية ذلك للمليونير، الذي شحب وجهه فجأة: ولكن يُسمح لك بأخذ الماء فقط، ولا تأخذ الوعاء لأنه ملكي."

(تمت)

***

 

في نصوص اليوم