ترجمات أدبية
ليزا ثورنتون: المقيم في الغرفة رقم 402
قصة: ليزا ثورنتون
ترجمة: د. محمد عبدالحليم غنيم
***
أؤخر زياراته لآخر اليوم حتى يتمكنوا من العمل وقت إضافيا. يهتف العمال عندما يرونني لأنه لا يحب الجميع ويسبهم أحيانًا ويحاول طعن أيديهم بسكين الزبدة.
يقول:هل أنت فتاتى؟ وينظر إلي وكأنني ملكة جمال أمريكا.
لا، أنا ممرضتك، وأضع سماعتى الطبية على صدره لأريه، وألف شريط ضغط الدم حول ذراعه النحيفة.
يومىء برأسه ويقول إنه كبير جدًا بالنسبة لي على أي حال. ثم ينظر إلى مرة أخرى.ويقول: هل أنت فتاتى؟
نقوم بتلوين الصور باستخدام أقلام التلوين على الطاولة في عيد الميلاد، ثمة سيدة على كرسي متحرك يسيل لعابها بجانبنا. يغطي فمه بيده وهو يميل ويهمس لى، انظرى إليها، إنها من دار لرعاية المسنين.
*
في المرة الأولى التي قابلته فيها كان يرقد في السرير ويحدق في الحائط. لا يرد على اسمه،عيناه كابيتان ومخططتان بالجيل. لذا أشغل أغنية "حلقة النار" لجوني كاش، وأمسك بهاتفي وأضعه على أذنه لأنه كان في الأربعينيات من عمره في الستينيات، لذا لا بد أنه يعرف ذلك، على ما أعتقد.
عندما تندفع أصوات الأبواق، تتحول عيناه، عائدتين إلى الغرفة، و الحاجز ذى الستارة والخزانة الخشبية الرخيصة. النافذة المطلة على الحقول والثلج بالخارج.
*
سأرى يسوع، أخبرني بمجرد تسجيل أصوات رئتيه وأبعاد الجرح. لكنه يقول إنه قلق من أن أسرته لا تريده هناك.
أجبته أن الجنة مفتوحة للجميع، وتخيلينا شجرة كبيرة يجلس تحتها والداه يناديان اسمه وعندما يصل سينهضان فى نشاط للترحيب به.
يقول: لا أعرف، وهو يتامل يديه المشدودتين. ثم يضيف: لا أعرف.
أتخيله شابًا، يرتدي قميصًا أحمر من الفانيلا وبنطلون جينز أزرق بحزام جلدي، مثل كان يرتدي أصدقائي في المدرسة الثانوية، وكما كان يرتدي أبى عندما اصطحبنا جميعًا للتنزه خارج المنزل. يسير في الشارع الرئيسي في المدينة، يتقاطر المتسوقون داخل وخارج متجر الأجهزة، المطعم مليء بالسكان المحليين الذين يصطدمون ببعضهم البعض في طريقهم إلى الموائد. يستقر لتناول الجعة في الحانة، ورفاقه يقذفون بالنظرات الحادة على بعد أمتار قليلة. يأخذني في جولة بشاحنته الحمراء، الشاحنة التي يشعر بالقلق الشديد حيالها دائمًا. نذهب للرقص.
أو يضربها. الزوجة التى في الجناح المجاور تصرخ كلما رأته. من ينسى أنه يعيش هنا ويترك الأمر على هذا النحو. خلع الحزام الجلدي وضربها به مرارًا وتكرارًا.
*
هذا مكان بين بين، هكذا قال لي من كرسيه المتحرك في ظهيرة أحد الأيام عندما كان يتعرف اسمه.
يشير إلى الكراسي المتحركة الأخرى الموجهة إلى التلفزيون، ومنضدة البطاقات، والنوافذ، وهي متنائرة فى جميع الاتجاهات مثل كرات البلياردو بعد الاستراحة. يقول إننا لسنا أحياء ولا أموات هنا.
أقضي أيامي في مساعدة الآخرين على الموت حتى يحين دورهم، ونجلس بجانب النافذة. أقول لزوجي أنني وقعت في حب مريضي. أم أنه مجرد غموضه الذى أحبه؟ يبتسم زوجي دون أن يعلق.
*
هل تريدين أن تأتي؟ سألنى ذات يوم ونحن نجلس بجانب النافذة. سنكون طائرين ونطير فوق هذا الحقل والنهر.
لدي عائلة، أذكره. أنا أم، علي أن أبقى. نعم، أومأ برأسه متذكرًا، على أي حال أنا بالنسبة لك عجوز جدًا.
سيدفنوه في مقبرة صغيرة في ساحلبحر فول الصويا. يقول نظام تحديد المواقع العالمي (جى بى إس) أمامى إننى فى طريقى إلى هناك ولكنى أشك، لذلك أتوقف عند مزرعة وأسأل عن الاتجاهات.
هل أنت قريب له ؟ يستهجن الرجل. أجبت أنني كنت ممرضته، وأنا أتذكر الشتائم وسكاكين الزبدة. والزوجة.
وضعوه في صندوق تعلوه أزهار حمراء و حفنة من الأقارب الحقيقيين حوله. الغطاء ضخم بمفصلات ضخمة مطلية بالفضية. لا يمكنني الوصول إليه لوضع الكريم على ذراعيه أو ضمادة عليهما، أو إحضار شراب الماونتن ديو له أو اختيار لحن نسمعه معا.
لا توجد شجرة في الأفق. تهب الرياح فوق سقف الخيمة القماشية التي نتجمع تحتها جميعًا، فتبدو مشدودة.
يقرأ قسيس من الكتاب المقدس. قاموا بإنزال الصندوق في القبر بسلاسل معدنية سميكة بينما الطيور تنهض من الحقول مثنى وثلاث.
(تمت)
***
..............................
* المؤلفة: ليزا ثورنتون تعيش ليزا ثورنتون في إلينوي مع زوجها وابنها. حصلت على درجة البكالوريوس في العلوم السياسية من جامعة ولاية كولورادو وبكالوريوس العلوم في التمريض من جامعة لويزيانا في لافاييت.