ترجمات أدبية
بوشكين: حكاية طفل يتيم
الشاعر الروسي الكساندر بوشكين وقصيدة
حكاية طفل يتيم
Александр Пушкин.
Романс − (Под вечер, осенью ненастной…)
ترجمة الدكتور: إسماعيل مكارم
***
حكاية طفل يتيم
في ليلة من ليالي الخريف الباردة،
مشت فتاة في دروب بعيدة
ويداها تضمان بعطف وحنو
وليدَ علاقة حبٍ غير سعيدة.
الغابة والجبالُ والطبيعة كلها
في سبات ٍعميق، تلفها عتمة الليل،
راحت بعينيها تتفحص المدى
مع رعشة وخوف يتملكان الفؤاد.
*
وبلهفة توقف نظرها
على هذا الوليد البريء قائلة:
" أأنت نائم الآن يا طفلي، وسبب عذابي،
ولا تدري بآلامي وحرقة قلبي.
أخاف أن تفتح عينيكَ ولن تجد
صدري، الذي تودّ أن يَضمّك ويحضنك
ولن تنعمَ غدا بقبلة تطبعها
أمك َالبائسة على وجنتيك
*
عبثا سوف تناديها ...!
خجلي الأبدي من عاري
سوف تنساني إلى الأبد
غير أنني لن أنساكَ
ستجد لدى الغرباء مأوى ، ولكن
سيقولون لك: "أنت غريب، ولستَ مننا "
وسوف تسأل: " أين أهلي"
ولن تجد أسرتك الحبيبة.
*
سوف يغمر الفكر الحزين ملاكي
طالما هو بين أترابه من الأطفال
وسيزوره الأسى القاسي
عند رؤيته عطف الأمهات على أطفالهن.
وسيبقى أينما حلّ وحيدا، غريبا
وسوف يلعن هذا الحدَّ القاسي*
وسيسمع ولدي كلماتٍ قاسية، حارقة...
أرجوك سامحني، سامحني حينها يا ولدي.
*
ربما أيها اليتيم الحزين
تلتقي والدكَ وتعانقه
يا أسفاه، أين هذا الخائن،اللطيف،
أين؟ أنا لن أنسى أبداً ما فعل.
هوّن على هذا المتألم،
قل له : "لقد تركتْ هذه الدنيا،
لم تتحَمّلْ لاورا هذا الفراق،
لقد رَحَلتْ، تاركة هذا العالمَ القاسي".
*
ماذا أقول؟ بل ربما
ستقابل أمّك المذنبة يا ولدي..،
سوف تهزني نظراتك الحزينة !
كيف لي أن لا أعرفكَ يا ولدي؟
آه لو أن هذا المصير المحتوم
يَمنعُ حُدوثهُ دعائي الصّادقُ...
ربما ستمر بجانبي يا ولدي كما الغريب
كوني يا بني قد تركتك إلى الأبد.
*
أأنت نائم يا صاحب الحظ التعيس
دعني أضمّك إلى صدري للمرة الأخيرة
إن هذا العرف الظالم والقاسي
يدفع بنا إلى العذاب والأسى.
ما دامت الأعوام
لم تطرد بعد فرحَك الغافل
نم يا حبيبي، فلن يطالَ الأسى
أيامَ الطفولة الهادئة ".
*
وفجأة بان في ضوء القمر الشاحب
كوخٌ صَغيرٌ بالقرب منها، خلفَ الأشجار،
حملت الفتاة طفلها بحذر وعناية
واقترَبتْ من ذلك الكوخ،
انحنتْ بكل هدوء ووضعت
الطفل الرضيعَ على عتبة الكوخ الغريبة
وحَوّلت نظرها بسرعة، والخوف يتملكها
وسرعان ما اختفتْ في ذلك الليل المُخيف.
1814 م
***
.......................
مصادر وهوامش:
* الحد القاسي – هو العرف الإجتماعي وما هو سائد في المجتمع من أعراف وتقاليد في فترة زمنية محددة.
ملااحظة: لقد كتب الشاعر الروسي ألكساندر بوشكين هذه القصيدة وهو في أول شبابه، إذ كان قد بلغ من العمر خمسة عشرعاما .من أين له هذه الأفكار النبيلة وهو لم يبلغ بعد سن الحكمة.
* حافظنا في النص العربي على عدد المقاطع وعلى عدد الأسطر مثلما جاء في النص الأصلي الروسي، وهذا ما تمليه أخلاق الترجمة.
Александр Пушкин. Евгений Онегин. Стихотворения.
Проза. Москва. 2020 г.