علوم والذكاء الاصطناعي

حسن عجمي: فرضية لا مُحدَّدية القوى الطبيعية

تؤكِّد فرضية لا مُحدَّدية القوى الطبيعية على أنَّ القوى الطبيعية كالجاذبية والقوة الطاردة غير مُحدَّدة. من هذا المنطلق، من الممكن التعبير عن لا مُحدَّدية الجاذبية والقوة الطاردة من خلال القانون الفيزيائي التالي: الجاذبية × صفر = القوة الطاردة × صفر. فبما أنَّ قوة الجاذبية × صفر = القوة الطاردة × صفر، إذن قوة الجاذبية = (القوة الطاردة × صفر) ÷   صفر. وبذلك قوة الجاذبية = صفر ÷   صفر. ولكن الصفر مقسوم (رياضياً) على صفر نتيجته غير مُحدَّدة. من هنا، قوة الجاذبية غير مُحدَّدة. من المنطلق نفسه، بما أنَّ قوة الجاذبية × صفر = القوة الطاردة × صفر، إذن القوة الطاردة = (قوة الجاذبية × صفر) ÷   صفر. وبذلك القوة الطاردة = صفر ÷   صفر. ولكن الصفر مقسوم على صفر نتيجته غير مُحدَّدة. من هنا، القوة الطاردة غير مُحدَّدة. هكذا ينجح القانون الفيزيائي القائل بأنَّ "قوة الجاذبية × صفر = القوة الطاردة × صفر" في التعبير عن لا مُحدَّدية الجاذبية ولا مُحدَّدية القوة الطاردة.

ينجح العلماء في الحصول فقط على قياسات تقريبية للقوى الطبيعية كالجاذبية والقوة الطاردة. بكلامٍ آخر، لا يوجد أيّ قياس يقيني ودقيق لأيّة قوة في الطبيعة فالعلوم الطبيعية خالية من اليقينيات[1]  . أما القانون الفيزيائي السابق فينجح في تفسير استحالة الحصول على قياس دقيق للقوتيْن الجاذبة والطاردة وذلك على النحو التالي: بما أنَّ القانون السابق القائل بأنَّ "قوة الجاذبية × صفر = القوة الطاردة × صفر" يتضمن أنَّ قوة الجاذبية غير مُحدَّدة والقوة الطاردة غير مُحدَّدة أيضاً، إذن من المتوقع استحالة الحصول على قياس دقيق ويقيني لقوة الجاذبية والقوة الطاردة من جراء لا مُحدَّدية الجاذبية ولا مُحدَّدية القوة الطاردة. هكذا ينجح القانون السابق في تفسير استحالة الحصول على قياس دقيق لقوة الجاذبية والقوة الطاردة. وعلى ضوء هذا النجاح التفسيري يكتسب القانون السابق صدقه.

من جهة أخرى، بالنسبة إلى علوم الفضاء، الكون محكوم بالقوة الجاذبة والقوة الطاردة فالجاذبية مسؤولة عن تكوّن المجرات بينما القوة الطاردة مسؤولة عن توسّع الكون وتسارع توسّعه [2]. والقانون الفيزيائي السابق ينجح في تفسير لماذا الكون محكوم بالقوتيْن الجاذبة والطاردة معاً. فبما أنَّ قوة الجاذبية × صفر = القوة الطاردة × صفر، إذن الجاذبية تتضمن القوة الطاردة والعكس صحيح. وبذلك من المتوقع وجود القوة الجاذبة والقوة الطاردة معاً مما يفسِّر لماذا الكون محكوم بالجاذبية والقوة الطاردة معاً بدلاً من أن يكون محكوماً فقط بالجاذبية أو محكوماً فقط بالقوة الطاردة. هكذا ينجح القانون السابق في تفسير لماذا الكون محكوم بالقوتيْن الجاذبة والطاردة في آن. وبفضل هذا النجاح التفسيري يكتسب القانون السابق صدقه. من المنطلق نفسه، بما أنَّ الكون محكوم بالجاذبية بينما، بالنسبة إلى القانون السابق، الجاذبية تتضمن القوة الطاردة، إذن من المتوقع أن يكون الكون محكوماً أيضاً بالقوة الطاردة. هكذا ينجح القانون السابق في تفسير لماذا توجد القوة الطاردة.

بالإضافة إلى ذلك، يؤكِّد العلماء على أنَّ ترابط الذرات محكوم بالقوة الجاذبة والقوة الطاردة في آن [3]. وينجح القانون السابق في تفسير ذلك على النحو التالي: بما أنَّ قوة الجاذبية × صفر = القوة الطاردة × صفر، وبذلك القوة الجاذبة تتضمن القوة الطاردة والعكس صحيح، إذن من المتوقع أن يكون ترابط الذرات محكوماً بالقوة الجاذبة والقوة الطاردة في آن. هكذا ينجح القانون السابق في تفسير لماذا ترابط الذرات محكوم بالقوتيْن الجاذبة والطاردة في الوقت عينه. وهذا النجاح التفسيري يدلّ على صدق القانون الفيزيائي السابق.

القانون السابق قانون علمي لأنه قابل للاختبار. فبما أنَّ القانون السابق القائل بأنَّ "قوة الجاذبية × صفر = القوة الطاردة × صفر" يتضمن لا مُحدَّدية قوة الجاذبية ولا مُحدَّدية القوة الطاردة، إذن إذا تمكّنا من تحديد قوة الجاذبية أو القوة الطاردة، فحينئذٍ القانون السابق كاذب. بذلك من الممكن اختبار القانون السابق مما يجعله قانوناً علمياً. بكلامٍ آخر، بما أنَّ القانون السابق يتضمن أنَّ قوة الجاذبية غير مُحدَّدة والقوة الطاردة غير مُحدَّدة أيضاً، إذن إذا تمكّنا من الحصول على قياس يقيني ودقيق لقوة الجاذبية أو للقوة الطاردة، فعندئذٍ القانون السابق كاذب. وبذلك هو قانون قابل للاختبار مما يدلّ على أنه قانون علمي.

***

حسن عجمي

....................

المراجع

[1] Carlo Rovelli: “Science Is Not about Certainty” published in “The Universe”. John Brockman (Editor). 2014. HarperCollins Publishers.

[2] Antonino Del Popolo (Author): The Invisible Universe: Dark Matter, Dark Energy, and the Origin and End of the Universe. 2021. World Scientific Publishing.

[3] “Why does the potential energy get lower as atoms get closer?” 2016. Physics Forums.

في المثقف اليوم