قراءات نقدية

ربى رباعي: جماليات الخطاب الوجداني في الأدب النسوي

أولًا: تعريفات وتمهيد نظري

1. الأدب النسوي: هو ذلك الأدب الذي تكتبه المرأة، ويعبر عن قضاياها وتصوراتها للعالم، ويرتبط عادةً بتجربتها الذاتية كامرأة في مجتمع قد يكون ذكوريًا أو مقيدًا.

2. الخطاب الوجداني: هو الخطاب الذي يعكس العاطفة والانفعال الذاتي، ويعتمد على التعبير عن الأحاسيس الداخلية مثل الحب، الألم، الحنين، الغربة، الانكسار، الحلم، الأمل...

 ثانيًا: جماليات الخطاب الوجداني في الأدب النسوي

1. الذاتية الصادقة: الكاتبة النسوية كثيرًا ما تستند إلى تجاربها الخاصة، وتُعبّر عنها بشفافية وصدق، مما يمنح نصها عمقًا وجدانيًا وجمالية إنسانية. لا تتصنع الألم أو الفرح، بل تنقله من الداخل إلى النص.

2. لغة عاطفية شفافة: الخطاب الوجداني النسوي يتميز بلغة ناعمة، رقيقة، أحيانًا شاعرية، لكنها قوية ومشحونة بالمعاني. يتم توظيف المجاز، والاستعارة، والصورة الفنية لنقل الإحساس.

3. التوتر بين الداخل والخارج: الكاتبة تعبّر عن صراعها الداخلي في مواجهة واقع اجتماعي أو ثقافي ضاغط، ما يُنتج خطابًا وجدانيًا يعكس التمزق، والحنين إلى الحرية، أو إلى ذاتها الحقيقية.

4. جماليات الألم والتحول: في الأدب النسوي، كثيرًا ما يتحوّل الألم إلى عنصر جمالي، من خلال تصويره بلغة فنية، وتحوّله إلى قوة دافعة نحو التغيير أو التمرد.

5. صوت الأنوثة الخاص: الخطاب الوجداني النسوي لا يقلّد الذكوري، بل يُبرز خصوصية الأنثى في التعبير عن الحب، الفقد، العلاقة بالجسد، الأمومة، الخيبة، مما يمنح النص فرادة أسلوبية.

6. كسر السرديات التقليدية: الكاتبة النسوية قد تتخذ أسلوبًا غير تقليدي في السرد، من حيث التقطيع، وتعدد الأصوات، والاعتماد على البوح الداخلي، مما يخلق جماليات سردية تعكس الوجدان المُشوَّش أو الثائر.

ثالثًا: نماذج تطبيقية (أمثلة)

يمكن دراسة هذه الجماليات من خلال نصوص لروائيات وشاعرات مثل:

غادة السمان: حيث الخطاب العاطفي ينبثق من تجربة ذاتية ممزوجة بالتمرد والحرية.

مي زيادة: التي عبّرت عن وجدان المرأة المثقفة والباحثة عن الحب والمعنى.

هدى بركات أو أحلام مستغانمي: حيث يتجسد الحب والخذلان والحنين في لغة شعرية.

رابعًا: الإطار النقدي

يمكن تحليل الخطاب الوجداني النسوي من خلال:

نظرية التلقي: كيف يستقبل القارئ هذا الخطاب ويتفاعل معه وجدانيًا؟

التحليل النفسي: كيف تعكس الكاتبة صراعاتها اللاواعية؟

النقد النسوي: كيف يوظف الوجدان لكسر السلطة الذكورية؟

خامسًا: خاتمة

الخطاب الوجداني في الأدب النسوي ليس مجرد بوح ذاتي، بل هو ممارسة فنية وثقافية تعيد تشكيل رؤية المرأة لذاتها والعالم. تكمن جماليته في الصدق والتوتر والعاطفة الشفافة، وفي قدرته على التحول من الألم إلى مقاومة، ومن التجربة الخاصة إلى رسالة إنسانية.

***

ربا رباعي - الاردن

 

في المثقف اليوم