قراءات نقدية
علوان السلمان: التداعي والتعبير عن الذات في (ذنبي كبير)

ذنبي كبير
يحيى السماوي
ذنبي كبيرٌ.... مرَّ ليلٌ كاملٌ
من دون ِ لثم ِ قرنفل ِ الشفتين والياقوتتين
ودون تمشيطي جدائلَكِ الحريرْ
والركض ِ خلفَ غزالةِ الفردوس ما بين الوسادة الملاءة والسرير
فلتغفريْ ليْ إثمَ معصيتي .. جدي عذرا ً لسادنِكِ الموزَّع ِ
بين بادية ِ السماوة ِ والرّصافة مُطفأَ الينبوع ِ مُتقِدَ السعيرْ
شوقا ً الى صحن ٍ من القبُلاتِ
يقفو جُوعَهُ عطشٌ بتوليٌّ لكأس ٍ من زفير
ولِهَزِّ نخلتكِ القريبةِ.. قرب شمس من عيوني
والبعيدةِ بُعدَ قلبي من يديَّ وبُعدَ وجهِ البدرِ من مُقلِ الضريرْ
***
الخطاب الشعري الصوري نص يقوم على التداعي والتعبير عن ذات تنتج نصا يقوم على التأمل والبوح والاستبطان الذاتي، ويعمل على خلخلة الأجناس الأدبية وصهرها في بوتقة نصية موحدة تقوم على الانزياح، وخلق خطاب مابعد الحداثة..
وباستقصاء عوالم النص الشعري (ذنبي كبير) الذي نسجته انامل منتجه يحيى السماوي نجدها تنحصر في الحبيبة الوجود كونها مستقبل العالم على حد تعبير اراغون.. وعلى مبادئ المدرسة الرومانسية يوجد ال (وطن في أنثى).. وهذا من المرتكزات التي ينطلق منها المنتج (المراة الحبيبة والوطن اضافة الى الحرية التي تمثل التجيد والابداع)
ذنبي كبيرٌ.... مرَّ ليلٌ كاملٌ
من دون ِ لثم ِ قرنفل ِ الشفتين والياقوتتين
ودون تمشيطي جدائلَكِ الحريرْ
والركض ِ خلفَ غزالةِ الفردوس ما بين الوسادة الملاءة والسرير
فالنص يقوم على مستويين: اولهما.. مستوى الرؤيا الذي يترك اثره ولا يعرف النسيان فيبقى محفورا في الذاكرة... وثانيهما.. مستوى التعبير حيث تناغم الالفاظ الموحية تناغمًا يضفي على النص نبرا مموسقا جاذبا.. يمتاز بخصوصيته الجمالية والدلالية..
فلتغفريْ ليْ إثمَ معصيتي .. جدي عذرا ً لسادنِكِ الموزَّع ِ
بين بادية ِ السماوة ِ والرّصافة مُطفأَ الينبوع ِ مُتقِدَ السعيرْ
شوقا ً الى صحن ٍ من القبُلاتِ
يقفو جُوعَهُ عطشٌ بتوليٌّ لكأس ٍ من زفير
فالنص يشكل لوحة فنية.. يربطها خيط شعوري رقيق.. جسده الإحساس.. ورابطه العشق والخروج عن الذات.. تؤطره رومانسية طافحة بالعذوبة والرقة.. اضافة الى تميزه بتنويع أساليبه البنائية والإعلاء من دور التجريب الشعري كي يمنحه قدرة على استيعاب التقنيات المعاصرة كالحوار وتعدد الأصوات وحضور النصوص الغائبة بوعي شعري كشف عن شاعر متزن العواطف دقيق الرؤية، واضح المعالم...
ولِهَزِّ نخلتكِ القريبةِ.. قرب شمس من عيوني
والبعيدةِ بُعدَ قلبي من يديَّ وبُعدَ وجهِ البدرِ من مُقلِ الضريرْ
فالشاعر في نصه المتزن العواطف.. الواضح الرؤية.. يحدث مصالحة بين فكره ووجدانه.. وبين لغته وأفكاره.. اضافة الى اعتماده التكثيف والإيحاء والاختزال والسرد الشعري والتناص ..
وبهذه الروح الرومانسية الشفيفة والنبض الراقص قدم المنتج نصا متكاملاً متوحد الدلالات والرموز والبناء الفني الذي عمق رؤيته.. واضفى عليها جمالا نابعا من صدق التجربة.. الكاشفة عن قيمة النص الموضوعية والتعبيرية والشعورية.. فقدم المنتج خلاصة اكتنزت بأبجديته الأسلوبية.. وأبرزت خطوطه الشعرية ورسّمت خطواته الإبداعية من تجلياتها الاستهلالية فاحدث تنوعا جاذبا كما وكيفا.. بتوظيف لغة مكتنزة بالفاظها الايحائية الجامعة بين الوصف والسرد والحوار...
***
علوان السلمان – كاتب وناقد عراقي