قراءات نقدية
كريم عبد الله: قراءة نقدية أسلوبية في قصيدة "ديسمبر العجوز" لأحلام البياتي
الأسلوب السردي والتعبيري: القصيدة تُعبر عن حالة من التأمل في شهر ديسمبر، مُجسدًا في صورة /العجوز/ الذي يحمل في طياته ذكريات مريرة وآمالًا ضاعت مع الزمن. الأسلوب السردي يعكس هذا التوتر بين الماضي والحاضر من خلال صراع الزمان والمكان. يُظهر الشاعر نزوعًا للتعبير عن تلك اللحظات التي تتداخل فيها مشاعر الحزن والندم والتأمل العميق.
الصور الشعرية والرمزية:
/ديسمبر/ في القصيدة هو أكثر من مجرد شهر، بل هو شخصية متجسدة، /العجوز/، مما يضفي بعدًا إنسانيًا على الشهر الذي يرمز للزمن المتقدم. الشاعر يُصور الأجواء في ديسمبر بأنها تحمل توترات وحروبًا داخلية، مثل /يرتجف أحيانًا من أصوات الألعاب النارية/ و/يضرب السحاب بعضه/ وهي صور رمزية للمتاعب والصراعات النفسية.
التقنيات البلاغية:
يبرز في القصيدة استخدام الاستعارة والتشبيه بشكل جلي، مثل /يغيب عن ناظر الليالي أحيانًا/ و"يغني قصص ماضية في نشر وقاحتها"، حيث يعكس الشاعر بمهارة فوضى الذكريات التي تتداخل مع الواقع. كما نجد أسلوب الجناس في /ليقضم ديسمبر أظافره"/ و/ندمًا على مقعد تركه في يوم رحيله/، حيث يحمل هذا التشبيه تأثيرًا دراميًا يعزز من صورة الندم والحسرة.
التكرار وإيقاع القصيدة:
يظهر التكرار في القصيدة مع تكرار الإشارة إلى شهر ديسمبر، مما يُعزز من حس الانتظار والرتابة في مرور الوقت. الإيقاع يأتي خفيفًا في بعض الجمل الثقيلة التي تدعو للتفكير العميق، مثل /أحيانا يصفع السحاب بعضه بعضا/، مما يضيف تأثيرًا صوتيًا على القراءة ويعكس الخضم الداخلي للأحداث.
البُعد النفسي والتاريخي:
الشاعرة تُدخل البُعد النفسي من خلال تقديم ديسمبر كرمز للأحزان والندم والتذكير بالماضي القاسي. كما تتضمن القصيدة رمزية تاريخية، حيث يشير الشاعر إلى /الهيبة التي تركها في موسم سابق قد شوته الشمس/، مما يعكس شدة الحرارة والاحتراق التي تذكر بحروب أو أحداث صعبة، ما يضفي معنى عميقًا للمشاعر المرتبطة بهذا الشهر.
الخلاصة:
القصيدة تسلط الضوء على الحنين والندم من خلال صورة ديسمبر كرمز للعجوز الذي يحمل ذاكرة الماضي وآلامه. الأسلوب البلاغي المستخدم يحقق توازنًا بين الصور الشعرية والرمزية، مما يعزز الشعور بالزمن الضائع والندم. تُظهر القصيدة القدرة على التعبير عن الذكريات والمشاعر المتناقضة التي تخلق توترًا بين الماضي والحاضر.
***
بقلم: كريم عبد الله - العراق
....................
ديسمبر العجوز
للآن لم يبرح ديسمبر مكانه؛ فهو يرتجف أحيانا من أصوات الألعاب النارية وينثرها في بقعة لا تكاد يلمها بؤبؤ عين الفضاء الصامت، فتثور الأغصان متمايلة بدافع الثورة على الرياح القصية المحملة آمالا شاخت من قِدْمها، وأحيانا يصفع السحاب بعضه بعضا؛ كي يفرض هيبته التي تركها في موسم سابق قد شوته الشمس على أحر من قصص ماضية في نشر وقاحتها على مرمى النجوم الخجولة والتي تغيب عن ناظر الليالي أحيانا، فليقضم ديسمبر أظافره ندما على مقعد تركه في يوم رحيله.
***
احلام البياتي