قراءات نقدية
محمد المخلافي: أصوات تتجاوز الألم في كتاب "الشعر نداء للسلام" لحميد عقبي

يُعَدُّ الشعر من أبرز أشكال التعبير التي تعكس مشاعر الإنسان بكل تفاصيلها، وتتناول قضاياه الأساسية، خاصةً في أوقات الأزمات والصراعات. في هذا السياق، يأتي كتاب "الشعر نداء للسلام: دراسات لأصوات شعرية عربية" للناقد والمخرج السينمائي اليمني حميد عقبي، المقيم في فرنسا، ليقدّم أصواتًا شعرية متنوعة تتناول موضوع السلام. يستعرض الكتاب تجارب اثني عشر شاعرًا، وهم: صبري يوسف، أحمد الفلاحي، ابتسام أبو سعدة، سمير بيّة، دورين سعد، بدر السُّويطي، مفتاح العلواني، آية الوشيش، عبد الودود سيف بن سيف، مروة أبو ضيف، سرجون فايز كرم، وفخر العزب. تأتي هذه الأصوات من خلفيات ثقافية متعددة، مما يُثري الحوار حول دور الشعر في معالجة قضايا الحرب والسلم.
يتناول عقبي في مقدمته أهمية الشعر في معالجة هذه القضايا، مشيرًا إلى الفعاليات الثقافية التي تُعقد سنويًا لتعزيز الحوار في هذا الشأن. من خلال هذا العمل، يسعى عقبي إلى تقديم رؤى جديدة حول قدرة الشعر على تجسيد الأحلام والطموحات الإنسانية في عالم مليء بالتحديات، مما يجعل هذا الكتاب خطوة مهمة نحو تعزيز الوعي الثقافي والإنساني في المجتمع العربي. يتألف الكتاب من 204 صفحات، وصدر عن دار صبري يوسف في ستوكهولم، السويد، في مطلع هذا العام 2025.
تجارب شعراء من ثقافات متنوعة
استعرض عقبي في كتابه تجارب شعراء مميزين، بدءًا بالأديب والتشكيلي السوري صبري يوسف، الذي يُعتبر واحدًا من الأصوات الأدبية والفنية المؤثرة في المشهد الثقافي العربي. يجمع يوسف بين موهبة الكتابة وفن الرسم، مما يُتيح له التعبير عن رؤيته للعالم من خلال عدة أبعاد فنية. يتميز بأسلوبه الشعري الذي يحمل تأملات عميقة حول الحياة والإنسان والطبيعة، حيث تعتمد نصوصه على الرمزية والتشبيهات المبتكرة، مما يعكس تجربته الشخصية كفنان يعيش في زمن الفوضى والصراعات.
السَّلامُ مطرٌ نقيٌّ
يهطلُ مِن أحضانِ السَّماءِ
نعمةً عَلى جبينِ البشرِ!
*
خُصوبةٌ يانعةٌ متدلِّيةٌ
مِن عُيُونِ اللَّيلِ ..
مِن نقاوةِ النَّدى!
*
نورٌ يزدادُ سُطُوعاً كَوَجْهِ الصَّباحِ
تظهر هذه الأبيات أسلوبًا رمزيًا قويًا، حيث يُجسّد السلام كنعمة تُهطل من السماء، مما يعكس الأمل في الخلاص. استخدام الاستعارة يعزز من شعور القارئ بجمالية السلام، في مواجهة قسوة الواقع.
أما أحمد الفلاحي، الشاعر اليمني البارز، فيُعتبر من أبرز الأصوات الشعرية المعاصرة في اليمن. وُلِد في بيئة ثقافية غنية ساهمت في تشكيل رؤيته الشعرية الفريدة. من خلال تنوع نصوصه وعمقها، يعبر الفلاحي عن القضايا الإنسانية والاجتماعية، مُبرزًا معاناة الشعب اليمني في ظل الأزمات والصراعات. يتميز أسلوبه بلغة مكثفة وصور رمزية قوية تعكس قلق الإنسان العربي في مواجهة واقعه المعقد.
"الآن وقد بدأ العام"
ألآن وقد بدأ العام،
ماذا يعني؟
الحرب ما زالت تبيض،
والأطفال يلتحفون الرَّماد،
وأسماك الزِّينة تركض في الحوض.
لا جدوى سوى الآهات
تكرّر زفراتها،
والأوطان تسكب عبراتها،
والموتى
يتوسّدون اللَّحد.
الكربون يفيض بالماء،
والبيئة تغتاظ.
تتسم هذه الأبيات بالقلق والاحتدام، حيث تعكس معاناة الشعب اليمني. الصور الشعرية المكثفة تُظهر الفوضى التي تعيشها المجتمعات، ويبرز استخدام الرموز مثل "الأطفال يلتحفون الرَّماد" عمق المأساة الإنسانية.
من جهة أخرى، تُعد ابتسام أبو سعدة، الشاعرة الفلسطينية، من الأسماء اللامعة في الساحة الأدبية العربية. وُلدت في بيئة غنية بالتاريخ والثقافة، مما شكل لها مصدر إلهام دائم في كتاباتها. تعبر قصائدها عن الآلام والتجارب الإنسانية التي يعيشها الشعب الفلسطيني، مستندةً إلى الذاكرة والحنين. تتميز أسلوبها الشعري بالتجديد والعمق، حيث تمتزج فيه المشاعر الخاصة بالمعاناة مع القدرة على تصوير الجمال.
أخبريه حين أموت..
أن ثمة لاجئة تعبت من الشتات وحطت على صدره
امرأة تفتش بين أغصان الأشجار العتيقة على أحرفٍ
نقشها العشق قديمًا فلم تمت.
تعبث بالأوراق اليابسة عن أثرٍ لقبلاتكما المختبئة خلف الأسوار
تخبِّئ آخر رصاصة يحملها مقاوم في صدرها.. سيُنهيها بها يومًا..
وأن ثمة موتًا يعيش في قلبي ولا يقتله..
أخبريه كم كان حزنه متورِّطًا في حزني
وكم كان وجعه متوغِّلاً في لحمي.
تتجاوز هذه الأبيات حدود الألم الشخصي لتصبح تأملًا في الهوية والحنين. تُبرز الشاعرة الصراع بين الحياة والموت، مما يُكسب النص عمقًا عاطفيًا يعكس تجارب اللاجئين.
عبد الودود سيف بن سيف، رمزٌ للشعر اليمني المعاصر، حيث تمتد تجربته لأكثر من نصف قرن، رغم قسوة الواقع والأزمات المستمرة التي تعصف باليمن. بعيدًا عن الأضواء، يجد الشاعر في منصات التواصل الاجتماعي متنفسًا لنشر قصائده، متجاوزًا بذلك غياب الدعم الإعلامي الذي يعاني منه الكثير من المبدعين.
تتسم قصائد بن سيف بتجسيد المعاناة الإنسانية تحت وطأة الحرب، حيث يعيش الشاعر في عالم يتبدل فيه ثمن الرصاص ليصبح أقل من ثمن الخبز. هذه الصورة تعكس واقعًا مأساويًا يتمثل في مفارقات الحياة والموت، حيث تتقاطع الأبعاد الإنسانية مع القسوة التي تفرضها الظروف.
تداعيات.. بدخول عمر الرَّابع والسَّبعين.
١ ـ متعّبٌ! ودمي مطبِقٌ في خناق دمي. أحتمي بعناد الطَّلاسم؟
أم أرتمي صوب اَخر قبَّرةٍ سوف تسطعُ جاهشةً من زنادِ فمي؟
أم أؤجِّلُ هذا الدُّعاءَ وهذا الدُّعاءَ إلى حلمٍ مرجأٍ، سوف يصدحُ
ثانيةً، ربّما، من رمادِ شذى الياسمين؟
الطَّواحينُ عامرةٌ. والسَّلاطينُ إنْ كسروا أمةً؛ أسروا أمّةً.
وليكنْ! تلك أحلامهم. هم يخافون عنفَ الشّذى، ونعافُ صنوفَ
الأذى. فلماذا إذا افتتحوا قريةً قاسمونا البطولةَ؟
إنَّ الشَّجى يستجرُّ الشَّجى. والرَّمادُ إذا حاصر الجمرَ أرمدها عنوةً.
فلندع ما "لروما" لقيصرها! ولنقلْ: إنَّ بعضَ الرَّثاءِ، إذن، صالحٌ
للهجاءِ.
تعبّر الأبيات عن حالة من الألم والاختناق، حيث يصف الشاعر معاناته الداخلية ويطرح أسئلة وجودية حول الهروب من الواقع. يتردد بين الأمل والإحباط، مشيرًا إلى حلم هش قد يصدح من "رمادِ شذى الياسمين". كما يتناول الظلم الاجتماعي والسياسي، متسائلًا عن الهوية والانتماء في ظل الاستبداد. في النهاية، يعكس استمرار الألم، مشيرًا إلى أن الحزن يمكن أن يحمل قيمة في التعبير الفني، مما يجسد رحلة البحث عن الأمل في سياق المعاناة.
يُعَدُّ الدكتور سرجون فائز كرم، الشاعر اللبناني، صوتًا مميزًا في عالم الشعر المعاصر. ينسج كرم قصائده بأحلام نابضة بالمحبة، متجاوزًا قسوة البعد عن الوطن. نصوصه ليست مجرد كلمات، بل لوحات حية تنبض بروح بيروت المتعبة، التي تحمل في طياتها أملًا لا ينطفئ. تتداخل مشاعر الغربة والحنين، مما يجعل من بيروت رمزًا خالدًا للحياة التي تعاند القبح والانكسار.
من خلال صور متشابكة ودلالات ساحرة، يفتح كرم نافذة على عالم شعري يمزج بين التشظي الداخلي والرغبة في السلام. تتجاوز قصائده حدود الألم لتكون دعوة للتأمل في قوة الحب والإبداع، حتى في وجه الصراعات. كل نص يُعتبر استكشافًا لذاته، حيث لا ينسى وطنه لحظة. تتكرر أسماء المدن في قصائده، مما يجعل القارئ يشعر وكأنه يعيش اللحظة بكل ما فيها من معاناة.
بيروت
الغربان تتداعى إلى الاجتماع
فتتداعى فيه.
*
في يدي البرهان
حين يخرج ظلّي في مظاهرة خلفي
كي يمسك يديك فوق علبة سجائري
تشعلان لينطفئ الكون
فأرى…
*
في بيروت
أحبّ الناس وأكره جثّة القصيدة
التي تفوح بي ومنّي،
وأصلّي أن يعود الله غدًا من حيث جاء
وثغره الباسم
وردة ملء يديه.
تتسم الأبيات بالحنين والارتباط بالوطن. استخدام الرمزية يعكس التوتر بين الجذور والغربة، ويظهر كيف يمكن للشعر أن يكون وسيلة للتعبير عن الحب والافتقاد.
تفرض الحرب نفسها كواقع مؤلم في أغلب الكتابات الإبداعية اليمنية، مما يجعل من الصعب على المبدعين ابتكار وهم السعادة في وطن يعاني. في خضم هذه المعاناة، تبرز تجربة الشاعر فخر العزب، الذي يعبّر في قصائد عن الألم والبحث عن الأمل والسلام. تتسم نصوص العزب بالتكثيف والتشظي، مثلما يتجلى في قصيدته "التقاطات"، حيث يُستخدم "الوعل اليماني" كرمز للحوار الذاتي، مما يجسد القوة والصمود في مواجهة الخراب.
التقاطات
أخبِّئ نفسي في قرن وعلٍ يماني
هكذا أصافح التاريخ
وأصاحبه في حله وترحاله
وأكوِّن نديمه
حين يشرب النَّبيذ من أباريق الجرار.
*
أكوِّر نفسي في نعيق غراب
يستريح على ساحل "صيرة"
تحت عيون شمس الظهيرة
وهو يفكر كيف يقضي يومه في معية البشر
(غاق.. غاق)
وأنا بلا صدى
كاسمٍ عالقٍ في هامشٍ منسي.
تُبرز هذه الأبيات قوة الرموز، مثل "الوعل اليماني"، كوسيلة للحوار الذاتي. النص يعكس الصمود في مواجهة الأزمات، ويظهر كيف يمكن للفن أن يكون ملاذًا في أوقات الشدة.
بدر السويطي، شاعر ومترجم وروائي عربي، ينسج قصائده من عمق الأحلام، ويطلقها كزفرة تحمل آهات الحياة، لكنه يظل مبتسمًا، متمسكًا بالأمل. تتجلى في عناوين دواوينه عناصر النفي والغياب، مما يعكس حلمه بالسلام والوطن. ورغم غنى تجربته الشعرية، إلا أنها لم تحظَ بالاهتمام النقدي الكافي.
نموذج من ديوان "شوارع برائحة القهوة والمطر"
مرَّتِ الأيَّامُ بلذَّتِها ومرارتِها
بلهفةِ شاعرٍ يَترقَّبُ المَواعيدَ
يرتشفُ قهوتَهُ الصَّباحيّةِ
وينظرُ للساعةِ مُرتبكاً
قَلقٌ كعصفورٍ على غُصنٍ
يرتجفُ قلبُهُ مِنْ شدَّةِ القًلَقِ
وثرثرةِ الرِّيحِ في أكشاكِ الهواتفِ
العموميَّةِ المطليّةِ بالأحمرِ
تردِّدُ كذبةَ نيسان
لتزهر الأحلامُ في الرَّبيعِ
لقاءٌ وعناقٌ
يا إلهي لقَدْ مرَّ الزَّمنُ مِنْ هنا
حَاملاً على ظهرهِ ما تبقَّى مِنَ الزَّمنِ
كحافلاتِ "لندن" الحَمراء
تَقلُّ الرُّكَّابَ إلى وجهتهم
وتُكمِلُ مسيرَها في صخبِ المدينةِ
الَّتي كانَتْ تجلسُ بالقربِ منّي
وأنا أحاولُ حَلَّ أحيائِها المتقاطعةِ
هكذا مرَّ الزَّمنُ
في مدائنِ المطرِ والضَّبابِ
وذهبت إلى النِّسيانِ
لأكملَ سيرةَ النَّفي والغيابِ!
تُعبر هذه الأبيات عن الزمان والمكان كعوامل مؤثرة في تجربة الإنسان. الأسلوب السلس يعكس الأمل في الحياة، رغم المعاناة، مما يجعلها تعبيرًا عن البحث عن الجمال في الفوضى.
تُبرز قصائد دورين سعد الشاعرة اللبنانية عمق المعاناة الإنسانية، مسلطةً الضوء على كوارث الواقع وآلام المرأة، الضحية الكبرى للأزمات الاقتصادية والسياسية. تتجنب الهروب إلى المتخيّل، بل تسعى لجعله يعيد تشكيل الواقع، فتطرح أسئلة وجودية عميقة دون إجابات جاهزة. تعكس كتاباتها جماليات التعبير بلغة بسيطة، تلامس الجروح المؤلمة، وتجسد مشاعر معقدة تعكس حالة المرأة التي فقدت القدرة على الاستمتاع بالحياة.
لا تسألها
لا تسلْ عن حزنٍ حفر في عيني امرأةٍ
أو ابتسامةٍ غابت عن شفَتي وردةٍ
كانت تُضيء الحياة،
تلك المرأة لا تُشبه نساء الأرض.
لا تُفرحها حفلة راقصة
ولا يُغريها غنَّآء…
تُبرز هذه الأبيات الصراع الداخلي للمرأة. الأسلوب المباشر يعكس الألم والمعاناة، مما يُكسب النص طابعًا واقعيًا، ويعبر عن حالة فقدان الأمل.
كما تمثل الشاعرة الليبية آية الوشيش صوتًا شابًا يتجاوز الحدود التقليدية للشعر، مُعَبِّرةً عن واقع مجتمعها المليء بالتناقضات والصراعات. تجمع في كتاباتها بين السخرية الحادة والبوح الأنثوي الشجاع، مُسلِّطةً الضوء على تجارب ذاتية ومجتمعية في مواجهة الأزمات الكبرى مثل الحروب والفقدان.
وانتظرتُكَ
حتَّى جفَّ قلبي
وصارَ زيتونة
مجعَّدة
انتظرت المواعيد
الَّتي حلفت بابتسامتك العريضة
أنَّها حقيقيّة
خلف تكَّات السَّاعة
كان قلبي يركض كلّ ليلة
أعدُّ الثَّواني وأراقصها
وأصنع من الصَّبر حجاباً
لكنَّك لم تأتِ.
تُعبر الأبيات عن الانتظار والأمل المفقود، حيث تتداخل الصور الشعرية لتظهر التجربة الإنسانية المعقدة. الأسلوب يمزج بين السخرية والجدية، مما يجعل النص مستنيرًا بتجارب الحياة.
أسلوب أدبي متنوع
في كتابه "الشعر نداء للسلام"، يتبنى حميد عقبي أسلوبًا أدبيًا متنوعًا يجمع بين السلاسة والعمق، مما يتيح للقارئ الانغماس في عالم من المشاعر والأفكار. يتسم أسلوبه بالرمزية، حيث يستخدم الصور الشعرية لتجسيد القضايا الإنسانية المعقدة، مثل الحرب والسلام.
يمثل أسلوب عقبي في الكتابة جسرًا بين الألم والأمل، حيث يسلط الضوء على قوة الشعر كوسيلة للتعبير عن التجارب الفردية والجماعية. من خلال تناوله للوضع النفسي وتأثير البيئة، يظهر كيف يمكن للكلمة أن تكون أداة للتغيير والتواصل في عالم مضطرب. إن هذا الكتاب، بعمقه ورمزيته، يدعونا جميعًا للتفكر في دور الأدب في بناء عالم أكثر فهمًا وتسامحًا.
كما تكمن أهمية هذا الكتاب في دراسة تجارب متنوعة ونصوص جديدة تنتمي أغلبها إلى ما بعد الحداثة، حيث لا تزال دراسة مثل هذه النصوص قليلة. ومثل هذه الأعمال يصعب أن يتم تطبيق مناهج النقد القديمة أو المتداولة، فهي تتميز بالتداخل مع فنون صورية وأجناس متعددة. وكان تناول عقبي لها بعين سينمائي وفنان تشكيلي، ولم يكن تشريحًا نقديًا أكاديميًا. في تحليله للنصوص، نلمس كأنه أشبه بالدراماتورج الذي يحاول معالجة هذه النصوص مسرحيًا، أو السيناريست الذي يبحث عن المشهدية واللقطات المؤثرة التي تحمل عمقًا رمزيًا ودلاليًا وجماليات بصرية. اتبع عقبي منهج التحليل الموضوعي والنفسي، لكنه يذهب أكثر من مجرد تقديم تحليلات نقدية للدراسة الأكاديمية، كونه حاول محاورة المبدع عبر نصه وفهمه، والكشف عن نداء السلام الذي قد يأتي همسًا أو صراخًا أو مجرد حلم في هذه النصوص. كل هذه الأصوات من بلدان أصابتها الحرب والخراب ويعبث بها الموت، صورت نصوصهم لقطات من هذا الرعب المخيف والقلق النفسي وفداحة الفقد، ولكن يظل الأمل والحلم وحب الحياة والعشق للجمال رغم قسوة الواقع ورعبه.
في ختام هذا الاستعراض، يتضح أن كتاب "الشعر نداء للسلام" لحميد عقبي لا يقتصر على كونه مجرد مجموعة من النصوص الشعرية، بل هو تأمل عميق في الإنسانية وآلامها. يعكس الكتاب قضايا معقدة تتعلق بالسلام والحرب، مستندًا إلى تجارب شعراء من خلفيات متنوعة. يمثل أسلوب عقبي في الكتابة جسرًا بين الألم والأمل، حيث يسلط الضوء على قوة الشعر كوسيلة للتعبير عن التجارب الفردية والجماعية.
***
محمد المخلافي - كاتب وباحث/ يمني