قراءات نقدية
كريم عبد الله: قراءة في قصيدة "هذه هي مشاعري" للشاعرة الايطالية إلِيزَا مَاشِيَا
هذه هي مشاعري - إلِيزَا مَاشِيَا – ايطاليا
في لحظة ما من الطريق
أدركت أنك إلى جانبي
ربما أُرسلت لتكون عوني
تحت السماء المضيئة، وجسدي المتعب
*
قدمت لي رشفة من إكسير الحب
وكان حديثك صريحًا منذ اللحظة الأولى
وكما في الأزمنة البعيدة، قبَّلت ظهر
يدي، ومنذ تلك اللحظة، فُتح لك قلبي.
*
ما أشعر به هو انعكاسك
أفكاري منذ البداية كانت تنبض معك
وفي عينيك أرى جوهري الحقيقي
*
أرى نفسك في قالبك الحقيقي
الذي يتجدد كل يوم كهدية
حتى وإن لم تكن الحضور مضمونة.
***
إلِيزَا مَاشِيَا – ايطاليا.
القراءة النقدية:
القصيدة التي بين أيدينا، /هذه هي مشاعري/ للشاعرة الإيطالية إلِيزَا مَاشِيَا، هي قصيدة تتميز بالشفافية العاطفية وتقديم تجربة شعورية إنسانية مليئة بالتفاصيل الدقيقة التي تبرز تفاعلات النفس البشرية في سياق علاقة حب أو تواصل عاطفي عميق.
الأسلوب الأدبي:
الرمزية والتشابيه: الشاعرة تستخدم الرمزية بشكل لافت، حيث تقدم المشاعر والأفكار بصورة تتجاوز الواقع الحسي إلى عالم أعمق يعكس الصراع الداخلي والتساؤلات الوجودية. مثلًا، حين تقول: /قدمت لي رشفة من إكسير الحب/, فإن هذه الصورة تمثل العاطفة كعلاج أو إكسير يحيي الروح. هذه الصورة تجعل من الحب فكرة سامية ومنقذة.
التكرار: في القصيدة نجد التكرار الذي يعزز الفكرة المركزية. مثلًا، /منذ اللحظة الأولى/، /منذ تلك اللحظة/، وهو تكرار يعبر عن التأكيد على اللحظة الفاصلة التي تغيرت فيها العلاقة بين الشاعرة والمحبوب. هذا التكرار يساهم في إبراز التحول العاطفي الذي مرّت به الشاعرة.
الزمن والمكان: هناك تداخل بين الزمن والمكان في القصيدة، وهو ما يعكس مشاعر الشاعرة. على سبيل المثال، في سطر /في لحظة ما من الطريق/, نجد أن الشاعرة تستخدم الزمن بطريقة غير دقيقة، ربما تقصد به لحظة من الوعي أو الإدراك، لا لحظة مادية. أما المكان فهو يتنقل بين السماء المضيئة والطريق والجسد المتعب، مما يعكس الحركية والتغير المستمر في الحالة العاطفية.
اللغة العاطفية والشفافية: اللغة هنا شفافة تمامًا وتحرص على نقل الأحاسيس الداخلية للشاعرة بشكل مباشر، مما يجعل القارئ يشعر وكأنه جزء من التجربة نفسها. العاطفة تترجم بتفاصيل دقيقة، مثل قبلة على ظهر اليد التي تفتح الباب للقلوب والمشاعر.
الدلالات العاطفية والوجدانية:
الإدراك المتأخر والتواصل: تشير الشاعرة في بداية القصيدة إلى لحظة إدراك مفاجئة: /أدركت أنك إلى جانبي/. هذا الإحساس بالوجود المفاجئ للشخص الآخر يعكس أهمية اللقاء واللقاء العاطفي الذي يحدث في وقت غير متوقع ولكن له أثر عميق.
الحب كإكسير: من خلال جملة /رشفة من إكسير الحب/, تجعل الشاعرة من الحب مصدرًا للحياة. هذا الحب لا يقتصر على العاطفة البسيطة بل يُعتبر قوة تجدد الحياة، مما يبرز فكرة أنّ الحب هو العنصر الذي يحيي الروح ويمنح الشخص قوّة داخلية.
انعكاس الذات: في السطور التالية، تعبر الشاعرة عن فكرة غاية في التأمل، حيث تقول: /ما أشعر به هو انعكاسك/. وهنا تكمن فكرة أن المحبوب ليس مجرد شخص آخر، بل هو مرآة للشاعرة نفسها، تعكس مشاعرها وأفكارها. العيون، في هذا السياق، تصبح وسيلة لرؤية الذات بوضوح أكثر.
التجدد في الحب: تشير الشاعرة إلى أن الحب والمشاعر في العلاقة ليست ثابتة، بل هي كهدية تتجدد كل يوم، مما يعكس فكرة الديناميكية والتغير المستمر في الحب.
البنية الشعرية:
البنية الشعرية للقصيدة تقليدية إلى حد ما من حيث استخدام الأسطر الشعرية المتوازية، مما يجعل القصيدة سريعة القراءة وواضحة في إيصال مشاعرها. الأبيات تتسم بالبساطة والوضوح، مما يجعل الرسالة الشعورية تصل مباشرة إلى القارئ دون تعقيد.
الخلاصة:
القصيدة /هذه هي مشاعري/ هي تعبير شعري عن تفاعلات داخلية معقدة في علاقة عاطفية. الشاعرة تستخدم الأسلوب الرمزي والعاطفي لتعرض تجربتها في الحب والتواصل مع الآخر. استخدام الصور الشعرية واللغة الشفافة يعزز من قوة المشاعر التي تعبر عنها، مما يجعلها قصيدة مثيرة للتأمل وتحفز القارئ على التفكير في معنى الحب والعلاقات الإنسانية.
***
بقلم: كريم عبد الله – العراق