قراءات نقدية

كريم عبد الله: قراءة نقدية أسلوبية مختصرة في قصيدة "ديسمبر المضيء" لفراس الوائلي

الأسلوب السردي والتعبيري:

القصيدة تتسم بأسلوب سردي تأملي مع استخدام تعبيرات قوية وحِمْل رمزي، حيث تنقل شعورًا عميقًا باليأس والخيبة. الافتتاحية بـ /ديسمبر ليل مضيء/ تعكس تباينًا بين الضوء والظلام، مما يهيئ القارئ لتصعيد في الأحداث والتوتر العاطفي. الشاعر يربط الزمان والمكان بالذاكرة البشرية المحبطة، مما يعزز التيمة المتعلقة بالفقدان والانكسار.

الرمزية واستخدام الصور:

الرمزية حاضرة بشكل واضح في القصيدة، حيث يمثل /ديسمبر/ فصلًا رمزيًا من السكون والتأمل، بينما /الخفاش/ و/جلاد الموتى/ يشيران إلى قوى الظلام التي تقاوم الأمل والتقدم. صورة /الفرات يجهش بالبكاء/ تعكس مشاعر الحزن والدمار المرتبطة بالمأساة، و/بابل تفتح عينيها بعد سبات القرون/ هي صورة قوية لاستيقاظ تاريخي متأخر على واقع مؤلم.

التناقضات والتوتر:

تطرح القصيدة توترات بين الحياة والموت، النور والظلام، الأمل واليأس، وهو ما يعكس حالة الأزمة التي يمر بها العالم العربي. كما أن التناقض بين /الدم المستباح/ و/السماء تمطر الرماد/ يسلط الضوء على الفوضى والموت الذي يحيط بمصير الشعوب في ظل الأنظمة القمعية.

اللغة والمفردات:

المفردات في القصيدة تحمل وزنًا دلاليًا عميقًا. كلمات مثل /جلاد الموتى/، /الفناء/، /الرماد/، /النسيان/ تحمل أبعادًا قاتمة وتساهم في بناء الإحساس العام بالفقد والانهيار. اللغة تأتي مشبعة بالحزن والتصوير المأساوي، مما يعزز من الوجع الذي يعبر عنه الشاعر.

البُعد السياسي والتاريخي:

القصيدة تغلف رؤية سياسية وتاريخية لواقع مؤلم، حيث يختلط الماضي بالحاضر ويظهر التفاعل بين الأساطير والهزائم التاريخية. /الحلم القومي في قارورة النسيان/ يعكس ضياع الطموحات الوطنية في ظل النكبات والظلام السياسي، ويعبر عن إحساس بالخيانة التاريخية على صعيد الأمة.

الخلاصة:

قصيدة /ديسمبر المضيء/ لفراس الوائلي هي قصيدة تأملية مشبعة بالرمزية تعبر عن الحزن والخذلان في سياق سياسي وتاريخي. اللغة القوية والمفردات الموحية، بالإضافة إلى الصور الرمزية التي تجسد مأساة الشعوب والهزائم القومية، تعكس رؤية شاعرية نقدية تلامس واقعًا أليمًا، محملًا بالندم والفقدان.

***

بقلم: كريم عبد الله - العراق

.......................

ديسمبر المضيء

ديسمبر ليل مضيء الأسرار لذاكرة بشرية نائمة في سجن رقمي يعصر فيها الضوء الأوجاع فجر دم مستباح، السماء تمطر الرماد، الفرات يجهش بالبكاء فيما الخفاش يلتهم الأرض يقضم القبور جلاد الموتى يدفن الحلم القومي في قارورة النسيان يلقيها في أعماق البحر تاركا صراخ الشعوب تحت ظلال العناكب على رفوف التاريخ

المتربة حتى فتحت بابل عينيها بعد سبات القرون تنادي الآلهة لماذا غَرَست في أرضها بذور الفناء وصار الزمن رمادا تحمله الأساطير تغنيه الأجيال في مواسم النكبات حين يغرق الضوء في لجج الظلام مودعا حلم العروبة المكبل بالطغيان.

***

فراس الوائلي - العراق

 

في المثقف اليوم