قراءات نقدية

كريم عبد الله: قراءة فلسفية في قصيدة "من أنا في لغة الانكسارات؟" للشاعرة آمال قزل

قصيدة /من أنا في لغة الانكسارات؟ / للشاعرة الفلسطينية آمال قزل تحمل في طياتها الكثير من الأسئلة الوجودية والتأملات الفلسفية. تتناول الشاعرة قضايا الهوية والانتماء، بالإضافة إلى تأثير التاريخ والظروف الاجتماعية على الذات الفردية والجماعية.

1. البحث عن الهوية

تبدأ القصيدة بسؤال صريح /من أنا/، مما يعكس حالة من الضياع والبحث عن الذات في عالم مليء بالانكسارات. هذا السؤال يُظهر الصراع الداخلي الذي يعيشه الفرد في مواجهة واقعه، والذي يبدو مُعقدًا وصعبًا.

2. الانكسار والخيال

تتطرق الشاعرة إلى فكرة الكتابة كوسيلة للهروب من الواقع، حيث تعيش الخيال أكثر من الواقع. يُبرز ذلك التوتر بين ما هو حقيقي وما هو مُتخيل، مما يُعبر عن معاناة الشاعرة ككائن شعري يسعى إلى تجاوز الألم من خلال الفن.

3. استحضار التاريخ

تستحضر الشاعرة شخصيات تاريخية مثل جان دارك، مما يُعكس تأثير التاريخ على الهوية. تطرح تساؤلات حول العدل والظلم عبر الأزمنة، وتسلط الضوء على التناقضات في القيم الإنسانية، مثل تقديس الشخصيات بعد تعذيبها.

4. العبودية والحرية

تناقش القصيدة مفهوم العبودية، سواء في سياق العلاقات الإنسانية أو في ظل الأنظمة السياسية. تتساءل عن مدى الحرية التي يمتلكها الإنسان، وتعرض صورة قاتمة عن الطبيعة البشرية ووجود الطغيان.

5. البحث عن العدالة

تختتم القصيدة بنبرة تشاؤمية حول عدم وجود عدالة على الأرض. تُظهر أن الإنسان مُحاصر بين قسوة العالم وطغيان الزمن، مما يُعكس أزمة القيم في المجتمع.

خلاصة

قصيدة آمال قزل تُعد تأملًا عميقًا في قضايا الهوية، التاريخ، والعدالة. من خلال لغتها الشاعرية العميقة، تدعو القارئ للتفكير في المعاني المتعددة للوجود، مُسلطة الضوء على انكسارات الإنسان ومعاناته.

أنّ هذه القصيدة تتجاوز السطح لتقدم دراسة فلسفية عميقة للوجود الإنساني. دعونا نستكشف بعض العناصر الفلسفية والنفسية في هذه القصيدة بشكل أكثر تفصيلًا:

1. الانكسار كحالة وجودية

تتكرر في القصيدة فكرة /الانكسارات/، والتي تمثل تجارب الفشل والإحباط. هذا المفهوم يشير إلى حالة الوجود الإنساني الذي يتسم بالتناقض، حيث يجد الفرد نفسه بين آماله وطموحاته من جهة، وواقعٍ غالبًا ما يكون قاسيًا من جهة أخرى. الشاعرة تسلط الضوء على كيفية تأثير هذه الانكسارات على الهوية الفردية والجماعية، مما يجعل القارئ يتساءل عن قيمة الذات في ظل هذه الظروف.

2. تداخل الواقع والخيال

الأسئلة التي تطرحها الشاعرة حول العيش في /الخيال أكثر من الواقع/ تدل على الصراع بين الطموحات والأحلام من جهة، والواقع المحبط من جهة أخرى. هذا التداخل يُظهر كيف أن الخيال يصبح ملاذًا للأفراد، يحاولون من خلاله تجاوز معاناتهم. يمكن أن يُفهم الخيال كأداة للتكيف، حيث يتمكن الشاعر من التعبير عن مشاعره وأفكاره بحرية أكبر مما هو متاح في الواقع الملموس.

3. التاريخ والهوية

استحضار الشاعرة لشخصيات تاريخية مثل جان دارك يُظهر كيف أن التاريخ يلعب دورًا كبيرًا في تشكيل الهوية. هذه الشخصيات تمثل الاضطهاد والبطولة، مما يعكس الصراع بين الحق والباطل عبر العصور. كما تُظهر الشاعرة كيف أن هذه الشخصيات تُقدس بعد موتها، مما يثير تساؤلات حول مفهوم العدالة والظلم.

4. أسئلة العبودية والحرية

تتناول القصيدة مفهوم العبودية بشكل موسع، حيث تطرح تساؤلات حول الحرية الفردية والجماعية. تُظهر الشاعرة أن العبودية ليست فقط في المعنى الجسدي، بل تشمل أيضًا العبودية الفكرية والنفسية. تتجلى هذه الفكرة في وصفها للعبودية كعبودية للزمن والأفكار، مما يُظهر كيف أن الأنظمة الاجتماعية والسياسية تُقيّد الأفراد.

5. التناقضات الإنسانية

تشير القصيدة إلى التناقضات في الطبيعة البشرية، حيث يُظهر الإنسان في نفس الوقت ميولًا للخير والشر. العبارات التي تتحدث عن /ملك ومملوك/ و/قاضي وسفاح/ تعكس كيف يمكن أن يتداخل الخير والشر في النفس البشرية، مما يخلق حالة من الاضطراب الأخلاقي.

6. نداء للعدالة

تنتهي القصيدة بنبرة تشاؤمية، تُعبر عن انعدام العدالة في العالم. هذا يُظهر كيف أن الشاعرة لا تكتفي بمجرد الاستغراق في الألم، بل تدعو القارئ للتفكير في السبل الممكنة للتغيير. يُعتبر هذا النداء بمثابة دعوة للوعي الاجتماعي والتفكير النقدي حول قضايا العدالة.

خلاصة أعمق

قصيدة آمال قزل ليست مجرد تعبير شعري، بل هي تأمل فلسفي عميق في طبيعة الوجود الإنساني. تُظهر الصراعات الداخلية والخارجية التي تواجه الفرد، وتطرح تساؤلات حول الهوية، التاريخ، العدالة، والحرية. من خلال استخدام الرموز والشخصيات التاريخية، تخلق الشاعرة عالمًا غنيًا بالمعاني، مما يُعزز من قيمة الشعر كوسيلة لفهم الواقع والتفاعل معه.

***

بقلم: كريم عبد الله – العراق

......................

من أنا في لغة الانكسارات؟!

بقلم: آمال قزل

لماذا أكتب بكل هذا الكم!

ولماذا أحمل كل هم الشعوب!

لماذا أعيش الخيال أكثر

من الواقع!

لماذا تسبح روحي الملهمة في ملكوت الله

بكل هذا الشغف!!

من أنا في لغة الانكسارات!

من أنا

في لغة الانتصارات

من أنا في لغة الأنوثة!!

من أنا في سر التكوين!!

من يعاقبني على حلمي البعيد من يطوق حرفي الشريد!

من يقرأني عبر سطورٍ

تعمقت في الميدوزا

من يفك طلاسمي المعقدة!

من يكشف لغتي على جداريات الروح!

من يسير طريق الفلاسفة ويهوى وعورة الطريق يتحدى السير

وراء القطيع

من يقيم مدينة

أفلاطونية التفكير

ويسير درب الحرير!!

من يوشوش البحر

ويسأل صدفاته التي

توارت كما تتوارى السفن

عن سر الشواطئ وتسونامي الوقت!

من يسألني عن أحدب نوتردام وكيف أحرقوا كنسيته في يومٍ أغبرَ!!

من قيد جان دارك!!

ومن أحرقها!

ومن بعد هذا أقر أنها قديسة.!

يا لتلك الأضداد!!

يا لتلك الأحكام!

يا لعبوديتنا التي نفرضها

على بعضنا

يا لعقول طاغية

عَبرت قرون من الوقت

لكنها عادت بوجهٍ أخر

وانتحلت شخصية

راسبوتين وهولاكو

يا لأطرافنا الباردة

يا لرؤوسنا الجوفاء

يا لعبودية الزمنكان

لا عدالة على الأرض

لا عدالة

من يوم ولد الأنسان

ولد ليتعذب

ولم يزل

ملك ومملوك

وقاضي وسفاح

وأرض لا تعرف غير الطغيان..

وقساوة الأنسان

للإنسان..

***

آمال قزل

 

في المثقف اليوم