قراءات نقدية
كريم عبد الله: قراءة نقدية أسلوبية مختصرة في قصيدة (قَمْحُ شَّيْبَـتِي)
لشاعر السَّـــلام/ عدنان الريكاني - كردستان العراق.
الأسلوب الشعري والتعبيري:
القصيدة تتسم بأسلوب شعري سردي تأملي، يمزج بين الواقع والرمزية ليعكس الصراع الداخلي للشاعر. يبدأ النص بتعبير عن التشظي والتمزق من خلال تصوير (قَمْحُ شَّيْبَتي) كرمز للزمن والماضي الذي يتناثر بين (تشقق الأرض). هذه البداية تعكس شعورًا بالضياع والشتات في عالم يعج بالتحديات.
الرمزية واستخدام الصور:
الرمزية حاضرة بقوة في القصيدة، حيث يتكرر حضور الطبيعة كرمز للوجدان الداخلي. صور (سنابل العشق الأخضر) و(طائر البجع قبل الرحيل) ترمز إلى الأحلام المفقودة والحنين للماضي الجميل، بينما تشير (الناي) و(الفزاعات) إلى حالة من العجز والخذلان. الصورة الرمزية للـ(رسائل الغفران) التي تذرف دمًا، تعكس معاناة الشاعر الداخلية في مواجهته للندم والألم.
التناقضات الداخلية:
القصيدة تتخللها تناقضات متوازية بين الحب والوجع، الخلاص والموت، الرغبة والمعاناة. (الميلاد بلون الأحمر) يشير إلى علاقة معقدة بين الحب والتضحية، بينما (لعنة الخطيئة) و(موت الرغبات) تسلط الضوء على الصراع النفسي، الذي يعيشه الشاعر بين الحب والرغبة في الخلاص من آلام الماضي.
اللغة والمفردات:
اللغة قوية وعميقة، تحتوي على مفردات غير تقليدية تعكس حالة من الصراع الداخلي بين الأمل والخيبة، مثل (فزاعات) و(رسائل الغفران). تزدحم المفردات بالحزن والتوتر النفسي، مما يساهم في تكوين صورة مفعمة بالعاطفة، تعكس تفاعل الشاعر مع محيطه الوجداني.
التكرار والعمق النفسي:
تكرار تعبيرات مثل (سأخْتَبِئُ) و(تَذْرِفُ) يظهر الحالة من الفراغ الروحي، ويضيف المزيد من التوتر والتدفق العاطفي داخل القصيدة. هذا التكرار يسلط الضوء على تأمل الشاعر في ألم الوجود وإحساسه بالخذلان.
الخلاصة:
قصيدة (قَمْحُ شَّيْبَــــتِي) لشاعر السَّـــــــلام/ عدنان الريكاني هي تعبير عن الحنين والحزن، مشبعة بالرمزية العميقة التي تعكس الارتباك الداخلي والتحديات النفسية. الأسلوب الشعري الذي يمزج بين الواقع والمجاز، واستخدام الصور الرمزية الموحية، يخلق تأثيرًا عاطفيًا قويًا في القارئ، في حين يعبر عن التوتر الداخلي الناتج عن الحب، الفقدان، والبحث عن الخلاص.
***
بقلم: كريم عبدالله - العراق
....................
قَمْحُ شَّيْبَــــتِي..
لا تَدَعْ قَمْحُ شَّيْبَتِي مَنْثُوْرَاً بَيْنَ تَشّقُقَاتِ الأرّضِ، كُلمَا دَارَ عَليْهِ الزَّمَانُ تَذَكرّ سَنَابِلَ عِشْقِهِ الأخَضْرَّ حِيْنَ يُرَّاقِصُ الحُقُوْلَ، وَيُغَنِي فِي بُحَيْرَةِ أحَلامِهِ طائِرُ البَجَع قَبْلَ الرَّحِيْل، سَأخْتَبِئُ تَحْتَ فُسْتَانُكِ الأزْرَّقْ وَلا أخْبِرُ أحَداً عَنْ سِرُّكِ المَدْفُوْن فِي مَقْبَرَّةِ صَدْرِي، وأنْحَنِي مَعَ دَوَائِرَهَا المَلسَاء عِنْدَمَا تَتَكَوْرُ حَوْلَ مَفَاتِنَكِ المُثِيْرَة لِلجَدَل، أصَافِحُ كُلَ نَسْمَةٍ عِطْرٍ تَتَهَيْجُ ضُمُوْرَهَا وَهِيَ تُضَاجِعَ نُورُ وَجْنَتَيْكِ لِيَغْرِسَ الأمَل..
امْلَئِي ثُقُوْبَ النَّاي بِنَشْوَةِ نَصّرِ الفَزَّاعَاتِ التِي أكَلَتِ الطُيَورُ مِنْ رَّأسِهَا، ورَّسَائِلُ الغُفْرَّانِ فِي جِيُوْبِهَا تَذْرِفُ دَمَاً بِخُطُوْطِ كَفْي، يا رَّسُولَ الوَجَعِ أسْمَاكُ السَّمَاءِ مَعْصَوبَةٌ الأعْيُنِ تُجَادِلُ عُتَمَةَ الضَمِيْر..
وَفَوْقَ رَّوَابِي تُرَّابُكِ الزَّيْتِي رَّسَمْتِ أحْجَارَاً لِطَحْنِ وِلادَتِي، ونَسَيْتِ أنَّ مِيْلادِي بِلَوْنَ الأحْمَرّ شَغَفُ حُبٍ بِلا ضِفَافْ، أيَتُهَا التِيْجَانَةُ السَرّمَدِيْة ارّفَعِي عَنِي لّعْنَة الخَطِيئةِ وَأمْتَصي مِنْ مَسْخِ وَجْهِي شَرّاهَةُ اللقَاء، مُعّذِبَةٌ تِلْكَ الرَّغَبَاتُ الَّتِي تَنَاحَرَّتْ فِيْ مَبْسَمِي والانْتِظَارُ بِقَتْلِي لا يَرّحَمُنِي..!
***
شاعر السَّـــــــلام/ عدنان الريكاني / 2024