قراءة في كتاب

كاظم الموسوي: قراءة في كتاب "اللا بشر"

كتاب "اللا بشر" عنوان لافت وحجمه من الصفحات كذلك، مملوء بالمعلومات الموثقة والفاضحة لفترة صعبة من تاريخ بريطانيا والعراق خصوصا وامتداداتها المستمرة، في بلدان وضد شعوب عدة، كما كشفت تلك المعلومات والوثائق سياسات الغرب الجائرة ضد الشعوب وذرائع الحروب عليها وانتهاك القوانين والاعراف الدولية وشعارات الخداع، الديمقراطية والعدالة وحقوق الانسان، وغيرها.

صدر الكتاب عن دار اوراق البغدادية، من تاليف الباحث والصحفي والمؤرخ البريطاني مارك كيرتيس (Mark Curtis). وترجمة عزام محمد مكي، بعنوان رئيسي: اللا بشر، وتحته عنوان ثان: انتهاكات بريطانيا السرية لحقوق الانسان في العراق ودول اخرى. والكتاب في 468 صفحة، وطبعته الاولى نشرت اواخر النصف الاول من  هذا العام 2024.

في تعريفه كتب المترجم عزام محمد مكي اسباب تفرغه لترجمة الكتاب، ودلالات عنوانه وهدفه منه. فقد وجد فيه تحليل المؤلف والمؤرخ مارك كيرتيس آلاف الوثائق الحكومية البريطانية التي تم رفع السرية عنها وإماطة اللثام عن الدوافع الحقيقية للحرب الانجلوسكسونية على العراق عام 2003، كما كشف طبيعة السياسة الخارجية البريطانية تجاه القضية الكردية، وعدد من البلدان الاخرى. واللافت هو استخدام مصطلح (اللا بشر (Unpeople كعنوان رئيسي للكتاب، ينسب نعوم جومسكي (تُشُومِسْكِي Chomsky) "استخدام هذا المصطلح لأول مرة في الكتابات الأدبية، الى جورج اوريل في مؤلفه (1984) وبين جومسكي كذلك بان المصطلح قد أستخدم من قبل مارك كيرتيس في دراساته السياسية". "ان مفهوم (اللا بشر) حسب استخدام مارك كيرتيس هو التعبير الحقيقي لموقف الأنظمة الامبريالية تجاه العالم. هم (البشر) حسب مفهومهم، اما البقية فهم (اللا بشر) المتأصل في الأنظمة الراسمالية التي تظهر في بشاعة سياساتها بين فترة واخرى، من خلال الحروب التي تشنها في مختلف البلدان او من خلالها تمارسه هذه الأنظمة ضد شعوبها". وختم المترجم " ان ما جاء في الكتاب حسب ما أعتقد من معلومات ستساعد الكثير من الوطنيين في تكوين صورة أوضح لما حدث ولما يمكن ان يجري وستكون عونا في دحر متخادمي الاحتلال ".

اما مقدمة المؤلف فاعطت خلاصة لجهده في هذا الكتاب، موضحا "ان هذا الكتاب محاولة لكشف واقع السياسة الخارجية البريطانية منذ غزو العراق عام 2003. كما يحلل عدة حلقات رئيسية في السياسة الخارجية البريطانية السابقة، ويستكشف بالتفصيل ملفات الحكومة السرية السابقة التي تم تجاهلها من قبل المعلقين العاديين". وأكد المؤلف "يعتبر مفهوم اللا بشر ((Unpeople امرا محوريا لكل من السياسات البريطانية السابقة والحالية التي تم تناولها في هذا الكتاب". واضاف: في هذا الكتاب أهدف الى توثيق أول سجل سري لبعض الحلقات في التخطيط الحكومي. واشار إلى مباديء أساسية وجهت قرارات السياسة الخارجية البريطانية وتحالفاتها. مبينا ان المبدا الاول هو الكذب المنهجي والطبيعي للوزراء البريطانيين للجمهور.(..) وان ثقافة الكذب على الناخبين وتضليلهم جزء لا يتجزا من عملية صنع السياسات البريطانية. والمبدأ الثاني هو ان صانعي السياسة عادة ما يكونون صريحين بشان اهدافهم الحقيقية في السجل السري. وهذا يجعل الملفات التي تم رفع السرية عنها أساسا جيدا لفهم أهدافهم الفعلية. اما المبدأ الثالث هو عدم وجود الاهتمامات الإنسانية على الإطلاق في الاساس المنطقي وراء السياسة الخارجية البريطانية.

يقسم الكتاب الى اربعة اجزاء، وكل جزء يضم فصولا عدة، حملت عناوين؛ الاول: العراق، والثاني: الدعاية، الواقع، والثالث: الرعب، العدوان، والرابع: انقلابات ودكتاتوريون. وكل فصل بعنوان تفصيلي لمحتواه. اضافة الى جدول بعنوان بريطانيا والوفيات على الصعيد العالمي، والمسؤولية المباشرة وغيرها، والمراجع بالإنجليزية التي اخذت 75 صفحة من الكتاب.

من عنوان الفصل الاول: احتلال العراق؛ الهجوم على الديمقراطية، اكد المؤلف على فضائح السياسة البريطانية، وملخصها على وجه الخصوص: انتهاك القانون الدولي، وانتهاك الحكومة للامم المتحدة، وخداعها للجمهور ودعمها للعدوان الاميركي.  كما كشف خديعة "الديمقراطية البريطانية" والغزو والاحتلال والتخادم مع امريكا في العمل، من خلال اللاعبين الرئيسين الثلاثة في احتلال العراق: داوننغ ستريت والبرلمان ووسائل الاعلام، شارحا دور كل منها. حيث تتعرى التناقضات بين المفاهيم والممارسات، ويظهر الخداع والتضليل عمليا وفعليا. واستند الى وثائق نشرت حينها او كشف عنها لاحقا، ونقل منها ارقاما وإحصائيات عن الجرائم التي ارتكبت وضحاياها البشرية والمادية، وما استخدم من وسائل حربية عدوانية، واخطارها الجسيمة. "واشار تقرير صادر عن مركز الحقوق الاقتصادية والاجتماعية ومقره الولايات المتحدة  في يونيو 2004 الى ان "إدارة بوش ترتكب جرائم حرب وغيرها من الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي في العراق كمسألة سياسة روتينية " ووثقت عشر فئات من الانتهاكات. وشملت هذه الانتهاكات: الهجمات غير القانونية التي تنطوي على خسائر مدنية واسعة النطاق وغير ضرورية، والاعتقال غير القانوني والتعذيب، (..) والعقاب الجماعي،" وغيرها, وبعد مرور عام على الاحتلال وكل هذه الجرائم لم تتم مقاضاة جندي امريكي واحد لقيامه بقتل مدني عراقي بطريقة غير قانونية (ص 27). وفي الصفحة التالية نقل المؤلف عن تقرير صادر عن الصليب الاحمر في مايو/ ايار 2004 العديد من الانتهاكات الجسيمة للقانون الانساني الدولي.

ختم الفصل الاول بما اكد ما اورده عن السياسة البريطانية " لناخذ على سبيل المثال القائمة الطويلة للحكومات التي أطاحت بها بريطانيا مباشرة او حاولت الإطاحة بها: إيران (1953)، غيانا البريطانية (1953 و1961)، مصر (1956)، إندونسيا (1957-1958، 1965)، اليمن (1962، 1970)، عمان (1970)، ليبيا (1996)، يوغسلافيا (1999)، افغانسان (2001)، وهناك أيضا العديد من الحالات التي رحبت فيها بريطانيا بإسقاط الحكومات من قبل الولايات المتحدة، مثل؛ غواتيمالا ( 1954) والعراق (1963)، وفيتنام (1963)، والدومينيكان (1965)، وشيلي (1973)، نيكاراغوا (1980)، وبنما(1989)"(ص42).

واصل المؤلف في الفصول الاخرى للجزء الاول في تحليل ما كشف من وثائق وما نشرته منظمات دولية عن الغزو والاحتلال، فجاء الفصل الثاني بعنوان لاعلاقية القانون الدولي، والفصل الثالث بعنوان؛ خداع الجمهور: حملة العراق الدعائية، والفصل الرابع، وزارة العدوان الجديدة، والفصل الخامس، مجازر في العراق: التأريخ السري. مؤكدا منذ البداية على انتهاك القوانين الدولية ويقتضي ان يحاكم توني بلير وجاك سترو وباقي وزرائه كمجرمي حرب، مستندا الى وقائع وحقائق، حيث "تشير الأدلة الى ان الحكومة البريطانية كانت تدرك ان الغزو كان غير قانوني" (ص45)، وان الدوائر القانونية في وزارة الخارجية عبرت عن شكوكها حول شرعية الحرب وأن نائبة رئيس الفريق القانوني للخارجية قد استقالت، وقالت: لم اوافق على ان استخدام القوة ضد العراق كان مشروعا. وان الحكومات البريطانية طوال فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية تزدري الأمم المتحدة وتمارس سياسة "الرشوة الاقتصادية والترهيب"، معها كما مع غيرها من المنظمات والحكومات. معتبرا ان وصف مصطلح السياسة في بريطانيا هو فن خداع الجماهير. وهو ما بحثه في الفصل الثالث،  الذي كشف فيه ان الحكومة البريطانية كانت تعمل منذ اثني عشر عاما على الترويج لعملية تهدف الى انتاج معلومات استخبارية مضللة بان العراق يمتلك أسلحة دمار شامل، وإنشاء وحدة عمليات مع المخابرات البريطانية الخارجية للخداع والتضليل وتمرير المعلومات والتقارير غير المؤكدة والمعلومات السرية عبر عملاء المخابرات والى الصحف واماكن اخرى، (ص63). واستخدام وسائل الاعلام المختلفة كجزء من الة الحرب، عبر خطة استراتيجية وتنسيق عبر الحكومة مع إجتماع يومي بين الادارات للتنسيق الإعلامي برئاسة رئيس الوزراء، وتم نشر 200 صحفي اضافي من قبل وزارة الدفاع لدعم جهود الحملة الإعلامية. (ص64)، وقيام الحكومة بتنظيم "هجوم إعلامي " يحمل الاسم السري "Big October" لاقناع الجمهور بدعم ما ترتب عن حرب العراق. حيث كانت "عصابة بلير عازمة على تعزيز مصالحها التي تفترضها من خلال الغزو، والتي كانت من نتائجها استراتيجية خداع عام كانت تسعى لتبرير خوض الحرب. يظهر هذا كم هي بعيدة المصلحة الوطنية عن مصالح هذه النخبة الضيقة المسؤولة عن صنع السياسة "(ص73).

إستمر المؤلف في فضح حكومة بلير واهدافها من الغزو والاحتلال، في الفصل الرابع، اذ كشف عن وثيقة نشرتها الحكومة في شباط/ فبراير 2003، قبل أسابيع من بدء الغزو تظهر مدى اهتمامها بتأمين الطاقة من مصادر اجنبية، رادا على ما اقسم فيه بلير وجاك سترو واخرون بان الحرب مع العراق لا يمكن ان تكون لها أي علاقة بالنفط. ووثق ذلك من خلال وثائق وبيانات حكومية رسمية، تدعو الى اعادة تشكيل الإستراتيجية العسكرية البريطانية والأولويات التي تؤمن امدادات الطاقة، ملخصا ما يثبت التقارير والملفات التي رفعت عنها السرية، وان المقارنة بينها تشير إلى ان الاستراتيجيات الاساسية لا تتغير إلا قليلا بمرور الوقت، فقط الذرائع تتغير. وانها اساس "لفترة جديدة من التدخل العالمي، والتي توفر دافعا اكثر منطقية لغزو العراق من التصريحات حول التدخل الانساني والارهاب وأسلحة الدمار الشامل التي رددها العديد من المعلقين الاعلاميين والمحللين الأكاديميين (ص100).

توقف المؤلف ومن خلال الوثائق عند المجازر الدموية التي ارتكبت في العراق، وكانت بريطانيا وبالتعاون او بالمشاركة مع الولايات المتحدة وراءها. "لقد.كشفت الملفات التي تم رفع السرية عنها بان واضعي الخطط في بريطانيا قد قاموا بتلفيق التهديد العراقي من اجل تبرير التدخل البريطاني لتامين اعتماد قادة الدول الغنية بالبترول على الحماية البريطانية "(ص 104). والتدخل في الشان الداخلي، حتى شركة نفط العراق ابلغت وزارة الخارجية البريطانية برسالة عن ملاحقة الشيوعيين، واقرت وزارة الخارجية "بان المجازر التي حدثت ضد الشيوعيين كانت عدوانية بشكل سافر"، وان "عمليات القتل كانت تحصل في الوقت الذي لا توجد فيه ادلة على وجود تهديد من الشيوعيين"،(ص108). واستمر التواطؤ البريطاني مع العنف في العراق ودعم الحكومة العراقية في العدوان على الاكراد، وفي رسالة وجهتها الخارجية البريطانية الى سفارتها لتوضح السياسة البريطانية ورد"لقد اعتقدنا طوال الوقت بإمكانية ان السلاح الذي نزوده قد يمكن استخدامه ضد الكرد، ولكن علينا أن نوازن بين هذا الجدل وعوامل اخرى" والتي ستؤدي الى بناء علاقات جيدة مع القادة العراقيين وإبعادهم عن مصادر الأسلحة السوفيتية (ص115).

(وبالمناسبة نشرت اربعة كتب عن هذه الاحداث ودعوت الى انشاء مرصد يتابع ويرصد، فالجرائم التي ارتكبت لا تذهب بالتقادم. وهذه الكتب هي؛

* لا للحرب، خطط الغزو من اجل النفط والإمبراطورية.. دار نينوى، دمشق 2004.

* لا للاحتلال.. إسقاط التمثال وسقوط المثال، دار التكوين، دمشق 2005.

* واشنطن – لندن: احتلال بغداد،  دار التكوين، دمشق 2007.

* العراق، صراع الإرادات، دار التكوين، دمشق 2009.)

في الجزء الثاني واصل المؤلف قراءته للهجمة الاعلامية واساليبها واهدافها وتحشيد مختلف القوى لها، ذاكرا ان للحملة عاملين رئيسيين، الاول: القول المستمر حول الدوافع الأخلاقية والنوايا الاكثر نبلا، والذي يتخلل كل خطاب وتعليق عام لوزراء بريطانيين … والثاني هو "تشغيل المعلومات" النوعي والتي ينظر اليها على انها جزء مهم بشكل متزايد من سياسة الحكومة، بما في ذلك التدخلات العسكرية (ص123). وينقل تعريف الجيش الامريكي للعمليات الإعلامية على انها "توظيف للقدرات الأساسية للحرب الإلكترونية، ولعمليات شبكات الحاسوب، والعمليات النفسية، والخداع العسكري، وأمن العمليات… للتاثير في والدفاع عن المعلومات والنظم المعلوماتية، وللتاثير في صنع القرار.

واضافة الى مراكز الهيمنة على المعلوماتية، استخدام نظام "دمج" الصحفيين مع الجيش، "وحسب الصحفي الاستقصائي David Leigh فأن وكالات الاستخبارات السرية تقوم بالتلاعب بالصحفيين البريطانيين -وبالمجلات البريطانية- بثلاث طرق: الاولى هي محاولة تجنيد صحفيين للتجسس على اشخاص آخرين او جعل الجواسيس أنفسهم ينشطون تحت غطاء صحفيين، والثاني عندما يتظاهر ضباط المخابرات بانهم صحفيون لكتابة مقالات مغرضة باسماء مستعارة، والثالث عندما يتم دس القصص الدعائية للصحفيين الراغبين الذين يخفون المصدر عن قرائهم (ص128).

واعتمدت العلاقات بين السياسات البريطانية والامريكية وحلفائهما، الى درجة الاحساس بتحول بريطانيا الى العوبة بيد الولايات المتحدة، ولكن تظل الأهداف الرئيسية لها في مقدمة الخدمات التي يعمل عليها المخططون للسياسات الخارجية والمصالح المشتركة. وفي الملفات يتم الكشف عن الاسس الضعيفة للسياسات الخارجية البريطانية والتي لا تعمل لصالح الناس في الخارج، بل تضر بهم وبمصالح الشعب البريطاني ككل (ص168).

توسع المؤلف في الجزء الثالث في تورط بريطانيا في الارهاب. "وبالتأكيد واثناء "حرب ضد الارهاب" مفترضة، تعد بريطانيا، وفقا لأي مؤشر عقلاني، واحدة من أبرز الداعمين للارهاب في ألعالم، علاوة على ذلك، فقد تم تصعيد دعم بريطانيا للدول التي تروج للارهاب بشكل ملحوظ في أعقاب غزو العراق " (ص169). حيث تضاعفت صادرات الأسلحة البريطانية من عام 2000 الى عام 2001 لتصل الى 22,5 مليون جنيه، وهو العام الذي شهد تصاعدا حادا للعدوان الاسرائيلي على الاراضي المحتلة، واضافة الى التعاون العسكري وامدادات الاسلحة جرى تدريب ضباط في بريطانيا، وبناء الجدار على طول الضفة الغربية، على الرغم من قول الحكومة بلا قانونيته. وأعترفت الوثائق المفرج عنها، صراحة، ان الخوف من اغضاب الولايات المتحدة هو الذي يمنع بريطانيا من تبني موقف مؤيد للعرب (ص188). وراى ان الدعم البريطاني للارهاب غير محدود، وانحياز الحكومة له لا تغطيه قائمة واحدة، وذكر مثالين، الهجوم بالقنابل على الزعيم الليبي القذافي عام 1966، والتواطؤ البريطاني مع الجماعات شبه العسكرية في ايرلندا الشمالية والذي ادى الى ما لا يقل عن 30 جريمة قتل (ص192). وركز بعدها على بلدين دعمت بريطانيا فيهما ارهاب دولة، اندونيسيا ونيجريا. وافرد الفصل الرابع عن فيتنام ودور بريطانيا في مشاركة الولايات المتحدة في حربها وعدوانها. لينهي الجزء الرابع عن مساهمة بريطانيا في انقلابات دموية في اوغندا وتشيلي وغيانا والجزيرة العربية وحروبها القذرة (ص 344 وما بعدها).

وختم المؤلف كتابه في الخاتمة، التي لخص فيها جهوده في تحرير الكتاب، ومحاولته في توضيح ما قامت به الحكومات، خاصة حكومة بلير، وما ناقشه في كتابه السابق ((Web of Deceit كيف ان اصل مشكلة السياسة الخارجية البريطانية هو النظام السياسي وطبيعة صنع القرار نفسه. حيث أن السياسة الخارجية تصنعها مجموعة من النخب المختارة بشكل سري ومحمية حتى من اي تدقيق ديمقراطي جاد، ناهيك عن اي تأثير منهجي على تلك السياسة من قبل الجمهور. ولم يكن هناك منذ فترة طويلة اي إختلاف جوهري بين حزب العمال وحزب المحافظين في السياسة الخارجية. كما كشف ان غزو العراق "اظهر ازدراء الحكومة للرأي العام، ولم يأت هذا الازدراء من قبل المسؤولين المختارين شخصيا حول رئيس الوزراء ولكن ايضا من قبل النواب الذين حموا الحكومة من خلال التصويت لها"(ص371).

ملاحظات اخيرة حول المترجم والترجمة، هنا وعموما، اذ احسن المترجم في التعريف في المؤلف ونشر معلومات عنه، سيرة ذاتية له، اذ ارى ان هذا مهم جدا للقاريء، كما لابد من ترجمة اخرى عن المترجم لاستكمال الصورة. وثمة دعوة للمترجمين ومنظماتهم في الاتفاق على ترجمة الحروف الاجنبية التي لا يقابلها حرف عربي واحد، كيلا يقود اختلاف الترجمات الى تشويش القراء، مثل حرف g الانجليزي، فتترجم صحيفة The Guardian مثلا الى الغارديان او الجارديان او الكارديان، ومثلها مفردات اخرى، وكذلك حروف اخرى. كذلك في طباعة التاء المربوطة، حيث يجب، ولا يصح تجريدها من نقاطها ونطقها بغير معناها، وبحرف اخر موجود في اللغة العربية. وتبقى العناية بقواعد اللغة ونحوها مهمة جدا، جدا، لاكمال المهمة المطلوبة من طبع الكتب وتدقيق اللغة وتعزيز الثقافات.

***

د. كاظم الموسوي

في المثقف اليوم