قضايا
شيماء هماوندي: العلاج الفلسفي في زمن الميتافيرس
العلاج الفلسفي ليس رفاهية فكرية، بل ضرورة في مجتمعٍ معاصرٍ سريع التغير والتطور، أصبحت فيه الأفكار الكلاسيكية والتقليدية غير كافية لتشخيص ومعالجة المشكلات الفكرية، والتحديات الجديدة التي تواجه الإنسان والمجتمع، إن مشكلة المجتمع الإنساني الأساسية أنه يرث مفاهيم بعينها في الفلسفة، ومُجمل العلوم الإنسانية الأُخرى، ويتعامل معها على أنها مسلمات وحقائق ثابتة، غير قابلة للتدقيق والتصحيح والمعالجة، فيصبح النص الفكري الفلسفي ضعيفاً، مقابل كل التلجيم والتقييد الفكري الذي يواجهه من قِبل الكُتاب، والباحثين الكلاسيكيين والتقليديين أنفسهم، الذين ينتقدون بل ويهاجمون أي رؤية فلسفية جديدة واعدة لديها إسلوب فلسفي عملي وعصري يتماشى مع متطلبات الواقع الجديد والإنسان المعاصر، ويُشخص مشكلاته ويباشر في علاجها.
العلاج الفلسفي في زمن الميتافيرس
نحن بلا شك في زمن الميتافيرس، والتطور التكنولوجي من حيث الصورة والصوت الذي بدأ يتفوق على الحقيقة والواقع الذي نعيش فيه، نحن نعيش في زمن يسيطر فيه الذكاء الإصطناعي على أغلب جوانب حياتنا، حيث بدأ يضخ لنا معلومات هائلة، وغير محدودة في مختلف المجالات، بل وأصبح يمارس هيمنةً فكريةً، وتأثيراً كبيراً على أبناءنا وبناتنا، من الأطفال، والمراهقين، وجيل الشباب، من خلال فيديوهات إصطناعية، لايمكن التمييز بينها وبين الحقيقية، نحن في زمنٍ لم يعد فيه التفكير التقليدي، والحلول الكلاسيكية، كافية لمواجهة الميتافيرس الذي بدأ يزداد ذكاءأ وقوةً يوماً بعد يوم، في مقابل تراجع قدرات البشر الفكرية، نتيجة رفض، وعدم تقبل الحلول العملية الواقعية التي يقدمها العلاج الفلسفي، والفكر التوليدي النقدي الإبداعي، والرؤى الفلسفية الخلاقة التي تدعو الى التطبيق العملي للأفكار الفلسفية، وإختيار مايصلح منها في أن يكون علاجاً للمشكلات المعاصرة، وتطبيقها بصورة عملية على أرض الواقع.
نحن أمام أزمة وجودية حقيقية
في زمن صار فيه الميتافيرس يشكل عالماً كاملاً من الصور والتجارب الإلكترونية، وهيمنة الأفكار الرقمية، وهي تجارب أكثر تشويقاً وجاذبية من الواقع الحقيقي المادي لدى الكثير من البشر، الذين فقدوا ثقتهم في الواقع المادي، وفي حلوله النظرية التي لاتساهم بشكل فعال في حل المشكلات الحقيقية، ونتيجة لذلك، أصبحنا نحن البشر أمام ازمة فكرية، وصراع وجودي، بين ما كان، ومازال، وما ينبغي أن يكون من الأفكار التي اثبتت عدم جدواها على مر السنين، نحن بحاجة الى تشخيص للمشكلات، وليس الى مجرد تحليل نظري لها، لذلك فإن كل علاج فلسفي لا يراعي حاجة الإنسان والمجتمع الروحية والأخلاقية والإنسانية والواقعية، ولا يقدم له حلول حقيقية، وعملية، لن يحظى بقبول ومكان حقيقي في الواقع الجديد، ويجب أن يكون دور الفلسفة المعاصرة هو الحفاظ على ما تبقى لنا من الواقع الحقيقي في مواجهة الميتافيرس، وتفعيل عملي واقعي للوجود الإنساني.
***
شيماء هماوندي
الإختصاص/ الفلسفة والعلاج الفلسفي






