قضايا

سليم مطر: من اجل تدوين جديد لتاريخ العالم العربي (1)

غير التاريخ العرقي الديني السائد.. تاريخ الارض والانسان(1)

ان الشعب الرافض لبعض مراحل تاريخه واصوله، اشبه بالانسان الرافض لبعض اعضاء جسمه وكيانه، يعاني من (انفصام وعوق الشخصية) ويكون عرضة سهلة للتنكر للوطن والخضوع للأجنبي..

***

بالنسبة لتاريخ الاوطان، هنالك نوعان من التاريخ:

ـ التاريخ الاقوامي العرقي: الذي يهتم بـ(اصل الجماعة) العرقي القبائلي وحتى الجيني الموروثي، وخصوصياتها المتعلقة بلغتها واسمها وموروثاتها وحكاياتها.. الخ.. مثل: العرب، الروس، الفرس، الترك، الاكراد، البربر، الانكليز، الالمان.. الخ..(2)

ـ التاريخ البلداني الارضي: أي تاريخ (الوطن) او (مجموعة اوطان مشتركة في اقليم او قارة). ويهتم اساسا بـ(تاريخ الارض) بجميع (اقوامها) (ومراحلها) منذ وجود البشرالاول وحتى العصر الحالي.

هذان النوعان من التاريخ، (الاقوامي العرقي) و(الوطني الارضي)، يمكن اعتبارهما متكاملين او متعارضين، حسب تعاملنا وسردنا لهما.

فمثلا، قد يقوم البعض باعتبار (تاريخ العرقية الانگليزية: Anglo-Saxons) التي استقرت في(بريطانيا) في القرن الخامس الميلادي، والتي منها اشتق اسم (انگلترا: ارض الانگل)، ومعها سيطرت المسيحية واللغة الانگليزية وتأسست الدولة الملكية، بأنه وحده (تاريخ بريطانيا) مع اهمال (تاريخ الارض والوطن) قبل حضور الانگليز بآلاف الاعوام، وكذلك (الاقوام البريطانية) الاخرى مثل (الاسكتلند، والغال، والايرش، والنورماند..).(3)

او سرد (تاريخ قارة اوربا) بالاعتماد مثلا فقط على (تاريخ اللاتين وتأسيسهم للدولة الرومانية)، مع اهمال آلاف الاعوام من التاريخ الاوربي السابق بما فيه (التاريخ اليوناني الحضاري) و(الاتروسكي)، كذلك(الاعراق الاوربية) الاخرى مثل السلاف والسلت والجرمان.. الخ..

لهذا لو عاينا تواريخ جميع البلدان، كذلك تواريخ المجموعات الاقليمية المعروفة: اوربا، اوربا الشرقية، اوربا الغربية، امريكا الشمالية، امريكا اللاتينية، افريقيا السوداء، شبه القارة الهندية، الهند الصينية.. الخ، فأن جميع البحوث تسرد (تاريخ الارض والبشر) اي منذ فجر تاريخ المنطقة والوجود البشري فيها، حتى العصر الحالي، بجميع مراحله واقوامه ولغاته واديانه، بالترافق مع سرد (تاريخ الاقوام) المختلفة التي عاشت سابقا او لا زالت تعيش في (الوطن) او في (المجموعة الاقليمية).(4)

لكن، وهنا المشكلة الغريبة، ما ان يتم الحديث عن أي عنوان فيه كلمة عرب: (العرب.. العالم العربي: Arab world.. الشعوب العربية: Arab Peoples.. البلدان العربية: Arab countries..الخ)، فجأة بصورة عجيبة يتم الغاء (تاريخ الارض والبشر) ليحل محله (التاريخ العرقي القبائلي) الذي يبدأ بـ(اول ظهور للقبائل العربية، ثم فترة ما بعد الفتح، وحتى العصر الحالي)؟؟!!

ولو عاينا جميع الكتابات العربية لكبار الباحثين والمؤرخين، طيلة العصر الحديث منذ قرنين، تراهم يكررون هذا (المنهج العرقي) الذي فرضه علينا المستشرقون لغايات خبيثة سوف نوضحها. (عاين تحت بعض العناوين والكتب السائدة التي تكرر هذا التاريخ العرقي الجيني القبائلي للعرب، مع تجاهل تام لتاريخ الارض والجماعات الاخرى والمراحل السابقة لتاريخ العالم العربي)!![5]

الاكثر غرابة، ان هذا التاريخ العرقي العروبي، سرعان ما يتم الغاؤه ما ان يبدأ الحديث عن تواريخ المجموعات الاخرى المرتبطة بالعالم العربي، مثل:

(الشرق الاوسط:Middle East)، (الهلال الخصيب:Fertile Crescent)، (شمال افريقيا:North Africa)، (شبه الجزيرة العربية: Arabian Peninsula).. إذ يتم سرد تواريخها بصورة (ارضية وطنية).

وكأن كلمة (عرب وعالم عربي) بالضرورة يجب ان تعني (العرق القبائلي العربي) وتلغي (تاريخ الارض والوطن)!؟

بل في السنوات الاخيرة، حتى في الوثائق الرسمية العربية والدولية، يتحدثون عن: (الشرق الاوسط وشمال افريقيا) بدلا من: (العالم العربي)!؟

هذه بعض اخطر الغايات السياسية السلبية التي حققها هذا الالغاء للتاريخ (الارضي الوطني للعرب والشعوب العربية):

1ـ انه فرض على الشعوب العربية عملية قطع وانفصام نفسي ومعرفي، عن التواريخ الاولى لبلدانها واسلافها، السابقة للفتح العربي.

فالمصري الذي يعتبر نفسه (عربي)، حسب هذا الفهم العرقي، لا ينتمي لـ(تاريخ مصر القديمة)؟ كذلك العراقي والسوري والمغاربي والسوداني.. ما دام (العربي) ينتمي حصرا لـ( تاريخ الجزيرة العربية وقبائلها)؟؟! بل الاسوء في هذا، ان (الميراث الاسلامي) يستهين بتاريخنا القديم ويعتبره (تاريخ الحاد واوثان وجاهلية وبداوة اعراب) بنفس الوقت يتبني ويدافع عن: (تاريخ التوراة) باساطيره وعنصريته واحقاده ضد حضارتنا واسلافنا: كنعان ومصر وبابل!؟

2ـ ان هذا الانفصام والتقطيع العرقي الاقوامي، لتاريخ (شعوب العالم العربي)، منح ولا زال، التبرير للجماعات العنصرية الرافضة لـ(عرب)، كي يقولوا: انتم (يا عرب) غزاة اجانب، فعودوا الى جزيرتكم العربية، واتركونا (نحن السكان الاصليون: يهود صهاينة، وتنظيمات عنصرية نشطة من بربر واكراد وسريان ومدعي الآشورية.. الخ).. بل هنالك حتى (جماعات عربية، من اهل الحداثة وعقدة الغرب)، تتفاخر باستنكافها عن الانتماء لـ(العرب البدو الجاهلية الغزاة المتخلفين!) لتدعي الانتماء الى (السومريين.. الفراعنة.. الآشوريين.. نوميديا..الخ..)!؟(6)

حتى (الاسلاميين العرب)، بسبب هذا (الفهم العرقي العروبي) تراهم يعارضون ذكر:(عرب وعالم عربي، وشعوب عربية) لانهم يعتبرونها مناقضة لمفهوم:(المسلمين والعالم الاسلامي). رغم انهم وياللعجب، يتفاخرون بالحديث عن:(عظمة الفرس وايران، والعثمانيين الاتراك)!؟

الهوية المشتركة لشعوب العالم العربي(7)

من يطالع التاريخ ويتمعن بالجغرافية، سيكتشف بكل وضوح ان(المجموعة العربية) اساسها الطبيعي ليس قائما على (العرقية القومية)، بل على (مشتركات طبيعية) قديمة جغرافية تاريخية بيئية اقوامية ثقافية دينية لغوية تعاطفية ومصالحية، اكبر واقدم واعقد من(الهوية العرقية العروبية).

وكما بينا في دراسات سابقة، انه حتى (اللغة العربية) هي نتاج آلاف الاعوام من تمازج (اللغات السامية ـ الحامية).(8) بل ان البحوث الجينية في السنوات الاخيرة، برهنت على ان هنالك (مشتركات موروثية) تشمل غالبية ابناء الشعوب العربية بمختلف اعراقهم ولغاتهم، من خلال الغلبة الكاملة للموروثتين:(: J وE ) وكذلك جينات موميات المصريين القدماء، وجينات المغاربة الاوائل، مرتبطة بجينات المشرق. (9)

***

مراحل تاريخ العالم العربي الحالي

ها نحن نقدم هنا، اول مبادرة لسد هذا الفراغ المعرفي التاريخي، حسب علمنا، بتدوين (تاريخ ارضي بشري، لبلدان العالم العربي). وهو سرد مختصر جدا، آملين ان يلهم مؤرخينا وباحثينا، كي يطوروه ويصدروا الدراسات والكتب في تفاصيله:

ملاحظتان: ـ للسهولة والتوضيح، فاننا هنا نستخدم تسميتي( العالم العربي) و(الشرق) بنفس المعنى، اي (العالم العربي الحالي) بـ(المعنى الارضي) وليس (العرقي السائد).(10)

ـ كما سترون، اننا ابتكرنا هذا (التحقيب التاريخي الجديد) لـ(العالم العربي)، الذي لا يعتمد على (فترات الدول والملوك)، بل حسب (الفترات الثقافية المختلفة: اللغة والدين والحالة الحضارية).

اولاـ مرحلة ما قبل التاريخ، واكتشاف الزراعة والتدجين حوالي عشرة آلاف عام ق .م

من المهم التوضيح، ان (منطقةالهلال الخصيب: العراق والشام ومصر) كانت على صعيد البشرية جمعاء، معقل النشوء الاول والاقدم للتطورات التقنية والمعرفية:

(الاستقرار والزراعة والتدجين والمدينة.. الخ). وذلك يعود الى اسباب جغرافية وبيئية. بالنسبة لمصر والعراق، وجود الانهار الكبرى في سهول قاحلة: (النيل ودجلة والفرات) اما (الشام: كنعان: فينيقيا) فلأنها بسبب موقعها الوسطي بين البلدين، قد شكلت طيلة التاريخ الوسيط بينهما، اقواميا وثقافيا وسياسيا.

كي نتجنب الاشكالية المصطنعة غربيا، والجدال حول(اصل الانسان وتاريخ وجوده وتحولاته الخلقية)(11)، فأننا فضّلنا البدء بالمرحلة التطورية للبشرية، الاقرب والمتفق عليها، وايضا تخص مباشرة تاريخ (العالم العربي) وهي: مرحلة اكتشاف الزراعة والتدجين(العصر الحجري الحديث: Néolithique)، لانها عالميا، قد ظهرت اول مرة في (منطقة الشام وشمال العراق) حوالي ( 10 ألاف ق.م)، ومنها انتقلت الى عموم سواحل البحر المتوسط، الاوربية والعربية. عرفتها مصر وشمال افريقيا في الالف السادس ق.م. ثم اليمن وجنوب الجزيرة العربية في الالف الرابع ق.م.

ـ خلال هذه المرحلة بدأت تظهر ( اولى المدن) التي من علاماتها وجود السور حول مجموعة من البيوت، واقدمها (مدينة اريحا: Jéricho) في فلسطين(12)، ثم في عدة مناطق من الهلال الخصيب.

ـ مع الاستقرار الزراعي والتدجيني، بدأت في منطقتنا بالتدريج تظهر مختلف المكتشفات الاساسية مثل العجلة واستخراج المعادن والمعمار والاسلحة، وغيرها.(13)

ثانياـ المرحلة التاريخية والحضارية، بين ثلاثة آلاف عام ق.محتى اواسط الالف السابق للميلاد

لقد اتفق على ان(العصور التاريخية) لأية منطقة، تبدأ مع اكتشاف الكتابة والتدوين وتسجيل الاخبار.(14) وايضا في منطقتنا، قد بدأ هذا العصر على صعيد العالم، وذلك بابتكار نوعين من (الكتابة التصويرية): (المسمارية العراقية) وقد تبنتها ايضا (عيلام: الاحواز: جنوب النهرين) وكذلك (بلاد كنعان)(15).

وايضا (الكتابة الرسومية المصرية: الهيروغليفية)، ومنها اشتقت (الكتابة المروية السودانية)(16). بجانب (الكتابة والثقافة والدين) برزت في كل من العراق ومصر، دولة قوية موحدة حتمتها ضرورة (الادارة الموحدة لتنظيم ري انهار دجلة والفرات والنيل).(17)

في (كنعان: الشام) بلغ (التمازج الكتابي: المصري العراقي) اوجه في اواخر الالف الثاني ق.م، بظهور اهم ابتكار ثقافي عالمي: (الكتابة الحروفية: الالفباء الكنعانية الفينقية) التي هي اساس جميع الكتابات الحروفية في العالم، كاليونانية واللاتينية والهندية، وطبعا العربية.

ـ بالنسبة لـ(السودان) فتاريخها البشري والحضاري والسياسي متداخل مع (تاريخ مصر) بحكم التداخل الجغرافي ونهر النيل المشترك. ظهرت فيها (دولة كرمة: 2500 ق.م) ثم (كوش) التي حكمت مصر لحوالي القرن(744- 665 ق.م).

ـ بسبب موقع (مصر) الوسطي بين قسمي العالم العربي (المشرقي) و(المغاربي) فأنها طيلة تاريخها ظلت مركز استقبال للهجرات القادمة من القسمين، غالبا سلمية، واحيانا غزوات حربية. ابتداءا من 1800 ق. م، ونهاية (الاسرة المصرية الثانية عشرة)، سيطرت على حكم (مصر) ولفترات متقطعة (اسر كنعانية) من الشام، اشهرهم (الهكسوس: 1650 ـ 1550)، كذلك (اسرة شيشنق: 945 ق.م) الكنعانية الليبية.

بعد حوالي 1500 عام من ظهور الكتابة والحضارة في (الهلال الخصيب)، اي في اواخر الالف الثاني ق. بدأت معالم (الحضارة: الدولة والمدينة والتدوين الكتابي المتنوع والواسع) تظهر في مختلف انحاء العالم، مثل الصين واليونان وايطاليا والهند.(18)

ايضا في هذه الحقبة بدأت تظهر اسس(الحضارة والدولة) في باقي (العالم العربي الحالي) أي في (شمال افريقيا) و(الجزيرة العربية). وكان لشيوع استخدام (الجمل) في هذه الحقبة، دور حاسم لتسهيل التنقل والتواصل القبائلي والتجاري والغزواتي، بين (بوادي العالم العربي)، بدءا من قسمه المشرقي: (الهلال الخصيب والجزيرة العربية).(19)

ـ حوالي 1200 ق.م ظهرت الهجرات الفينقية من (سواحل سوريا ولبنان وفلسطين) نحو سواحل(شمال افريقيا) حيث امتزجوا مع (البربر) وعمّروا المدن الساحلية التجارية من ليبيا والجزائر حتى المغرب الاقصى ومورتانيا، مثل:(صبراته، لبدة، اويا: ليبيا) و(هيبو عنابة، تيباسا، شرشال، قرتا قسطنطينة، سكيكدة: الجزائر) و( طنجة، سبتة، مليلة، صويرة، اسفي: المغرب). واسسوا دولة (قرطاجة: تونس: 800 ق.م).

ـ بالنسبة لـ(الجزيرة العربية)، فهنالك تواصلات طيلة التاريخ مع شمالها: (بلدان الهلال الخصيب)، اما برا عبر (قوافل الجمال) مع باديتي الشام وسيناء، او عبر(الخليج العربي والبحر الاحمر). وهناك شواهد عديدة، مثل (دلمون) في البحرين، وكذلك (مجان: عمان) و(ام النار: الامارات) و(الدعسة والخور: قطر)، بالاضافة الى التواصل التجاري والسكاني المستمر عبر البحر الاحمر بين كل من مصر والسودان مع الحجاز واليمن.

ـ في اليمن ظهرت (مملكة سبأ: 1200 ق.م) واشتهرت بـ (سد مأرب). ثم ظهر(خط المسند) المقتبس من (الابجدية الكنعانية) ربما بتأثير هجرات كنعانية.

ـ في اواخر هذه الحقبة حوالي 1000 ق.م بدأت تظهر وتنتشر في الشام والعراق وسيناء اسماء ثلاث مجموعات قبائل بدوية جديدة: (العرب والآراميون والعبرانيون)، ومعهم ظهر لاول مرة (الجمل) كوسيلة تنقّل حاسمة عبر بواد العالم العربي حتى اقاصي الجزيرة العربية، بل ايضا سيناء ومصر وبوادي شمال افريقيا. ومعهم بدأت تنتشر(اللغة الآرمية) وتشيع ثقافيا واداريا لانها تبنّت (الكتابة الحروفية الفينقية) التي هي اسهل بكثير من(الكتابتين السائدتين:(المسمارية والرسومية). وايضا بدأت تظهر في الاردن (ممالك : مشايخ)(20) عربية مثل (العمونيون والادوميون والمؤابيون)، بجانب اخرى في سوريا وفلسطين تحمل مسميات (آرامية وعبرية).

ـ كذلك برزت (واحة تيماء)، شمال السعودية، تقع على طريق القوافل نحو العراق والشام ومصر، وفيها آثار تعود لهذه الفترة. وكانت خاضعة للدولة النهرينية (الاشورية ثم البابلية)، وفيها: (نقش تيماء) للفرعون(رمسيس الثالث: 1186). واشتهرت بانها قد اصبحت معتزلا روحيا لآخر ملك بابلي (نبونيد) الذي اختفى فيها مع انصاره بعد سقوط ونهاية بابل على يد الاخمين الايرانيين (593 ق.م). وقد نشأت شمالها (قرب العراق) (واحة دومة الجندل) كمركز تجاري وثقافي مرتبط بـ(بلاد النهرين).

ـ يمكن باختصار ذكر اهم ثلاثة انجازات حضارية عالمية قدمتها منطقتنا في هذه الحقبة لعموم البشرية: ابتكار الكتابة الصورية(المصرية العراقية) لاول مرة في تاريخ البشرية، و(شريعة حمورابي البابلية العراقية) اول قانون اجتماعي حكومي مكتوب، و(عقيدة التوحيد والخلود ويوم الحساب المصرية) التي شكلت اساس الاديان السماوية، و(الابجدية الكنعانية) التي اشتقت منها جميع ابجديات العالم.. طبعا مع ما لايحصى من الانجازات والابداعات في جميع مجالات المعرفة والعلوم والتشييد.

ثالثاـ مرحلة نهاية الحضارة والدول المستقلة وبدء الاحتلالات الاجنبية:

(ايران ويونان ورومان وبيزنط) مع بروز الثقافة اليونانية، وتمكن شعوبنا من

استلهام ديانتهم المسيحية ونشرها في العالم. دامت حوالي 1200 عام،

بين (القرن السادس ق.م حتى القرن السابع ميلادي حيث (الفتح العربي الاسلامي).

ان التغيير التاريخي الكبير الذي حصل في المنطقة، يتمثل بظهور قبائل بدوية محاربة تتقن استخدام الجياد، اطلق عليها تسمية: (القبائل الآرية)، او (الهندو اوربية). وهي كما يبدو قد نزحت من (جنوب روسيا) حوالي 2000 ق.م، لتغزو اوربا والشرق الاوسط والهند، وتفرض لغتها على اللغات الاصلية وتصبغها بلونها، لتظهر ما يسمى(عائلة اللغات الآرية: الهندو اوربية).(21) ابتداءا من 1000 ق.م تمكنت هذه القبائل ان تؤسس دول جديدة محاربة في الاناضول وايران واليونان، لتشرع بالتدريج بمحاربة بعضها البعض وتهدد البلدان الحضارية المجاورة: (الهلال الخصيب) والتي اصابها الهرم والانهاك بعد اكثر من الفي عام من الحضارة.

هكذا سقطت اخيرا هذه (الدول الشرقية القديمة) تحت ضربات (الدول الآرية المحاربة الجديدة)، وخضعت لهذه الاحتلالات المتتالية:

1ـ الاحتلال الاخميني الايراني، بين(538 و330 ق.م) : وقد شمل العراق والشام ومصر.

2ـ الاحتلال اليوناني: بين القرن الرابع ق.م حتى الاحتلال الروماني حوالي القرن الاول م: وقد شمل خصوصا العراق والشام ومصر، حيث تقاسمتهما سلالتان يونانيتان: السلوقية والبطلمية.

3ـ الاحتلال الروماني: بين القرن الثالث ق.م حتى القرن الرابع م: وقد بدأ اولا باحتلال (قرطاجة) وهزيمة (البطل هانيبال: حنا بعل) من قبل الرومان في 202 ق.م. ثم امتد الاحتلال الى سوريا ومصر. اما العراق فقد دام حكم اليونان حتى حوالي 200 م، ليعقبه من جديد الاحتلال الايراني البارثي ثم الساساني.

4ـ الاحتلال البيزنطي: ابتداءا من حوالي 400 م حتى الفتح العربي الاسلامي، وشمل جميع (بلدان العالم العربي) الواقعة على البحر المتوسط، من سوريا حتى سواحل الاطلس. بالحقيقة هو امتداد طبيعي للحكم الروماني، بعد انقسام الامبراطورية الرومانية الى (غربية مقرها روما الكاثوليكية)، و(شرقية: بيزنطة) ومقرها(القسطنطينية: اسطنبول) الارثوذكسية.

علما بأنه بالنسبة لشمال افريقيا، قبل وصول البيزنط من الشرق، تمكن (البرابرة الجرمان) اواسط 400 م من عبور مضيق جبل طارق، وتكوين (مملكة الفندال) وعاصمتها(هيبون: عنابة: الجزائر) التي دامت حوالي القرن.

هكذا طيلة هذه المرحلة الطويلة التي دامت حوالي 1200 عام، تحول (العالم العربي) الى ساحة صراع دولية بين يونان وايران ورومان وبيزنط وفندال. يمكن ذكر اهم الامور التي ظهرت خلالها:

ـ ظهور عدة (مشايخ: ممالك) تحمل اسم(عربية) ولكنها تستخدم(الآرامية) في الكتابة: (دولة الانباط: البتراء) في الاردن. (الحضر والحيرة وميسان) في العراق. (بصرى وتدمر) في سوريا.

كذلك ظهرت عدة دول في انحاء الجزيرة العربية، مثل: (المملكة اللحيانية: دادان) شمال السعودية(الحجاز) ومرتبطة بـ(التيماء). و(كندة) في نجد. اما في اليمن، فقد اعقبت (مملكة سبأ) ممالك عدة: (مَعين) و(قتبان) و(حضرموت) و(حِمْيَر).

ـ ظهور اليهودية وكتاب (التوراة) الذي تم تدوينه في (بابل) من قبل الجالية اليهودية، وبالاعتماد على سير شعبية بدوية ممتزجة مع الثقافتين الكنعانية والبابلية. وقد شجع على تكوين هذه الديانة (الاخمين الايرانيون) الذي سيطروا على (بابل) وعموم المنطقة، وارسلوا نخبة من (الجالية اليهودية البابلية) الى (فلسطين) ليحكموها كممثلين للدولة الاخمينية الا يرانية. وفي (بابل) ايضا دونوا (التلمود) وبعضه في (فلسطين). ثم في(مصر) ترجموا التوراة الى (اليونانية: السبعينية).

ـ بروز العديد من الكنعانيين الفينقيين الذين اصبحو اباطرة في روما. مؤسس هذه السلالة الفينقية هو: (سيبتيموس سيفيروس: الفينقي الليبي، وزوجته السورية جوليا دومنا) ثم ابنيهما (كركلا، وغيتا) و(ماكرينوس: الجزائر) و(إيل جبل: سوريا) و(سيفيروس ألكسندر: لبنان) و(فيليب العربي: سوريا).

ـ رغم الخضوع السياسي اللغوي الثقافي، الا ان (اهل الشرق) تمكنوا من المشاركة الفعالة في (الابداع الحضاري) باللغة اليونانية، (بجانب اللغة ألآرامية)، حيث فرضوا ميراثهم الروحي من خلال مراكز حضارية نشطة: الاسكندرية المصرية، ونصيبين(الرها) الشامية، و(سلوقيا) العراقية و(قرطاجة) وعموم الشمال افريقية، حيث ظهرت دولتي(نوميديا) و(موريتانيا) بثقافة مختلطة (بربرية فينقية رومانية).(22)

يمكن تقريبيا الحديث عن حقبتين لهذا النشاط (الروحاني الشرقي):

ـ فترة ما قبل المسيحية: وقد اتخذت مسميات وجماعات مثل: الرواقية (زينون الفينقي) والافلاطونية الجديدة (افلوطين المصري) و(العرفانية: الغنوصية) و(الهرمزية المصرية).(23)

ـ الفترة المسيحية، حيث بدأت شعوب الشرق تنهض وتتميز (دينيا ثقافيا) وتفرض حضورها من خلال دينها الجديد النابع من الميراث الروحي الشرقي الممزوج بالمؤثرات اليونانية والآسيوية.(24) وقد تمكنت من فرض دينها المسيحي على كامل الامبراطورية الرومانية المسيطرة على البحر المتوسط الغربي والشرقي.(25) وقد برزت عدة مذاهب مسيحية وطنية رافضة للهيمنة البيزنطية، مثل اليعقوبية في الشام، والنسطورية في العراق، والقبطية في مصر، والدوناتية في شمال افريقيا. وقد ظهرت شخصيات دينية شرقية كبرى، لعبت ادوارا حاسمة في تكوين المسيحية، مثل(اريوس الليبي الاسكندري) و(اوغسطين: الجزائر) و(انطوان المصري) مؤسس الرهبنة.

ـ ظهور (المانوية البابلية) في العراق ومؤسسها (ماني البابلي) اثناء الحكم الايراني. وكانت ديانة زهدية اشبه (بالصوفية)، واصبحت (السريانية) لغتها المقدسة. وقد انتشرت في انحاء العالم، من فرنسا الى الصين، ولازال اسمها حتى الآن في اللغات الاوربية (ماني كايزم: Manichaeism) من التسمية السريانية:(ماني حيا: ماني الحي). وايضا تركت وثائقا ( باللغة القبطية المصرية). ومن اشهر معتنقيها (اوغسطين: الفينقي الجزائري) الذي اصبح فيما بعد اول (فيلسوف مسيحي). في (الاحواز) تم صلب (ماني البابلي) على يد (الملك بهرام الفارسي) عام 272 م، بطلب من كهنة المجوس.(26)

ـ شيوع (الابجدية الكنعانية) من خلال(اللغة ألارامية) التي نطق بها (السيد المسيح) واصبحت لغة كنائس الشرق باسم(السريانية). لهذا فأنها انتشرت في انحاء العالم من الشام والعراق حتى ايران حتى الهند. وقد اصبحت (لغة الثقافة الاولى) في (الامبراطورية الساسانية الايرانية) التي كانت تحتل العراق والاحواز . كذلك برزت(اللغة القبطية) في (الكنيسة المصرية). مع استمرار(الفينقية) كلغة شعبية في شمال افريقيا بجانب لغات البربر.(27)

رابعاـ المرحلة العربية الاسلامية وتكوين اكبر امبراطورية وحضارة عربية عالمية

وكما وضحنا في دراسة سابقا، ان المسيحية الشرقية قد لعبت دورا ثقافيا دينيا تمهيديا لظهور الاسلام. فهو قد اتى كي ينجز ما (عجزت هذه المسيحية عنه)، اي تحرير (شعوب العالم العربي) من الاحتلال الاجنبي الطويل، وتوحيدهم روحيا وسياسيا. وليستعيدوا قواهم واستقلاليتهم ويحيّوا حضارتهم الشرقية السالفة. ثم يأخذوا دورهم التاريخي الذي حتمّه عليهم موقعهم الوسطي بين قارات العالم القديم. ان هذا يوضح سبب التقبّل السريع لـ(شعوب الشرق المسيحية) لهذا (الاسلام ولغته العربية) لانهم شعروا انه اتى ليكمل المرحلة التاريخية الكبرى المنتظرة مننذ 1200 عام.

وكانت بداية هذه المرحلة مع تأسيس (الامبراطورية الاموية: الشامية ـ المصرية)، وعاصمتها دمشق) التي نشرت جيوشها (دين الاسلام) من حدود فرنسا (الاندلس) الى حدود الصين(السند وتركستان). خلالها كان أول ظهور تاريخي لـ(الغة العربية) بصيغتها القرآنية الحالية، وشيوعها مع الاسلام.

ثم اعقبتها (الامبراطورية العباسية) ومقرها (العراق: بغداد) التي انجزت المرحلة الثانية المكملة: تكوين اعظم واسرع حضارة جديدة: (الحضارة العربية الاسلامية) الناطقة والمدونة بالعربية، في عموم العالم الاسلامي، وتحول (العربية) الى (لغة دينية وثقافية وابداعية) لجميع الشعوب المسلمة.

كذلك ظهرت في انحاء (العالم العربي) دول مستقل ساهمت بشكل فعال بنشر الحضارة العربية الاسلامية، مثل(الفاطمية) في بلدان المغرب ومصر والشام، و(الاندلسية) التي قادها سوية (العرب والبربر). بالاضافة الى مساهمة (الاكراد والترك والشركس مع العرب) في تأسيس دول عديدة في (الشام ومصر) مثل الطولونية والايوبية والمملوكية.

خلالها استمرت عملية استقرار (الجيوش والقبائل العربية) وتصاهرها وامتزاجها مع (شعوب العالم العربي الحالي) والتي كانت ناطقة بـ(لغات سامية حامية: آرامية وقبطية وفينقية وبربرية)، وتشيع بينها (العقيدة السماوية التوحيدية: الاسلام، وريث المسيحية السابقة).(28)

علما بأن هذه الشعوب كانت طيلة التاريخ مشتركة في البيئة والجغرافيا والتاريخ والتداخل الاقوامي. كل هذا سهّل (عملية التعريب) وتحول العربية الى (لغة اولى وحياتية) لهذه الشعوب. ثم تنامي الشعور بـ(هوية مشتركة: واقعية وثقافية ولغوية واقوامية ودينية ومصالحية)، بلغت ذروة تبلورها ووضوحها في العصر الحديث: (العالم العربي الحالي).

الجدير بالذكر، ان هذه (الحضارة العربية الاسلامية) هي بالحقيقة عملية احياء وتطوير، غير مقصودة، للحضارة الشرقية الاولى السابقة: (المصرية العراقية الكنعانية، مع قرطاجة واليمن). ثم انها كانت: (حضارة انسانية عالمية) حيث شاركت في صنعها، بالاضافة الى (شعوب العالم العربي الحالي مع الاندلس) الشعوب المسلمة في آسيا: ايران وافغانستان وتركستان والسند. يضاف الى ذلك، انها تقبّلت وتمكّنت من استيعاب وتطبيع (الحضارة اليونانية الرومانية) التي كانت مسيطرة على المنطقة قبل الفتح. لهذا فأن هذه (الحضارة العربية الاسلامية) بسبب انسانيتها وعالميتها، قد شكلّت طبيعيا الاساس الذي ساعد على ظهور(الحضارة الغربية الحالية).

خامساـ المرحلة شبه المظلمة: حيث الذبول الحضاري والثقافي، والخضوع لدول وسلالات اجنبية، بين حوالي (1300 و 1800)

وهي مشابهة الى حد بعيد لـ(المرحلة الثالثة) السابقة للاسلام، من الناحيتين الثقافية والسياسية. مثل اية حضارة، فأن الحضارة العربية الاسلامية ودولها قد اصابها الانهاك، بعد بضعة قرون من التوسع والازدهار. ومثل جميع الامبراطوريات في التاريخ القديم، فأن الشعوب البدوية المحاربة والجائعة هي التي تبدأ تنهش بها حتى تسقطها وتستولي عليها. هكذا فأن الكيانات العربية الاسلامية قد نهشتها جماعاتان من الشعوب البدائية المحاربة الجائعة: من الشمال الصليبون القادمون من اوربا الغربية، ومن الجنوب المغول:

تجلت حالة الانحطاط مع (سقوط بغداد: 1258) على يد المغول، وبلغت ذورتها بنهاية (الاندلس) وسقوط (غرناطة: 1492). في نفس الفترة بدأ (عصر النهضة الاوربية) وانطلاق الحملات الاستعمارية نحو (العالم العربي)، وبدأت باحتلال البرتغاليين لثغر سبتة المغربي عام 1413.

وقد تمكن(المغاربة) من تحقيق اول واكبر انتصار ضد الاوربيين في العصر الحديث: (معركة وادي المخازن: 1578) التي انهزم فيها الجيش البرتغالي وقّتل فيها ملكهم مع حاشيته.

وكان قيام (الدولة العثمانية: 1500) بأسم (حماية المسلمين: العالم العربي) من خطر اجتياحات دولة اوربا الغربية. وقد سيطر العثمانيون تقريبا على كل العالم العربي الحالي عدى(المغرب). علما بأن هذه (الدولة العثمانية) نشأت في مرحلة كساد حضاري عالمي، (عدى اوربا الغربية)، عاش خلالها العالم العربي التراجع الكبير على كل الاصعدة التعليمية والاجتماعية والتقنية.(29)

سادسا ـ المرحلة الحديثة بين (1800 وحتى الآن): وقد اتفق على بدايتها مع (الغزو الفرنسي لمصر والشام: 1798 ـ 1801)، ثم تأسيس (محمد علي باشا: حكم بين 1805 إلى 1848) الدولة المصرية التحديثية.

من المهم التذكير بالحقيقة المنسية التالية: ان مصر زمن (محمد علي باشا:)، قد بدأت النهضة قبل اليابان، وبدأت بتأسيس (شبه امبراطورية) تظم (الشام والسودان والحجاز واليمن) وبالتحالف مع (الامير اللبناني: بشير الشهابي)، لكن سرعان ما تم عقد (معاهدة لندن: 1840) بين الدول: (العثمانية والروسية والالمانية والبريطانية والنمساوية) واجبار ( محمد علي) على التراجع عن مشروع احياء (الامبراطورية العربية الاسلامية).(عاين شروط هذه المعاهدة الاستعمارية السارية حتى الآن:[30)

ثم تكرر نفس الامر في العراق زمن (المصلح داوود باشا: (حكم بين1817ـ 1831) الذي شرع بتقليد(محمد علي) وتأسيس دولة مستقلة، ثم مواجهة الامتيازات الفارسية والانكليزية. لكن سرعان ما حصل (توافق ايراني تركي انكليزي) لاسقاطه ونفيه الى (مكة) عام 1830. ولا زال هذا (الفيتو الغربي) لأية محاولة (احيائية عربية)، ساريا تطبيقيه حتى الآن، بتوافق غير معلن بين: (ايران) و(تركيا) و(اسرائيل) و(الغرب). ثم اكتمل الامر عندما منح الاستعمار الانكليزي(بلاد الاحواز) العراقية العربية، الى ايران عام 1925.

اما بالنسبة لامارات الخليج العربي وعمان، وكذلك اليمن، فقد عانت من الغزوات البرتغالية منذ اعوام 1500، ثم اعقبها بدء الاحتلال الانكليزي منذ 1820 وحتى اعوام الستينات.

خلال هذه الحقبة بدأ الاحتلال الفرنسي للجزائر(1830). ثم فرضت فرنسا حمايتها على (تونس) (1881-1956)، ثم على المغرب الأقصى (1912-1956 ). والاحتلال الفرنسي لموريتانيا (1891ـ 1958)، واحتلال ليبيا( 1911 ـ 1951) من قبل الايطاليين ثم الانكليز. بلغ الاجتياح الاستعماري الاوربي للعالم العربي ذروته مع (الحرب العالمية الاولى) ونهاية الدولة العثمانية، بالاحتلال الفرنسي البريطاني لبلدان الشام والعراق. والاستعمار الانكليزي لساحل الخليج العربي والكويت.

ولا زالت (اسرائيل) دليلا مستمرا على هذا الاستعمار الغربي. وفي الحقبة الاخيرة ونهاية المعسكر السوفيتي، حصل الهجوم الغربي(الديمقراطي التقدمي: باسم ثورات الربيع العربي؟؟!!) بعمليات اشعال الحروب الاهلية للانتقام من الدول التي عارضت السياسة الاستعمارية: الجزائر والعراق واليمن وليبيا وسوريا..

ـ ان المشكلة الاكبر التي تعيق عملية (الاحياء العربي) تتمثل بذلك(النهوض الثقافي المشوه) لانه (مهووس بالتقليد الحرفي للتحديث الغربي)، وما يصاحبه من احتقار للذات والميراث، ومشاعر الدونية ازاء كل ما هو غربي.

ولعل هنالك (تيار اصالي روحي واقعي) سيلعب دورا نهضويا فعالا اشبه بالدور الذي لعبته المسيحية الشرقية ثم الاسلام العر بي، لتحريرنا وبناء مرحلة حضارية جديدة.

***

سليم مطر ـ جنيف

.................................

ملاحظة: لمطالعة دراستنا هذه مع عشرات صور الخرائط وكذلك المصادر:

https://urlz.fr/s9t8

كذلك لمشاهدتها وسماعها في اليوتيب:

من اجل تدوين تاريخ جديد للعالم العربي_ سليم مطر (youtube.com)

المصادر

ملاحظة تذكيرية: لقد تعودنا في بحوثنا، الاستفادة من الامكانيات المعلوماتية المتوفرة في الانترنت، ذكر المصادر المتوفرة رقميا، بما فيها الكتب المنشورة pdf، كي يسهل على القاريء مطالعتها بسهولة، بدلا من المصادر الموجودة في كتب ورقية صعب جدا العثور عليها.

هوامش

[1] ـ للمعرفة الكافية عن مفهومنا لـ(العالم العربي والشعوب العربية)، معاينة دراساتنا العديدة حول هذا الموضوع والمنشورة في موقعنا: https://www.salim.mesopot.com/

ـ عن فهمنا لـ(ماهية الشعوب العربية الحالية)، طالع دراستنا:

دور الجغرافيا والتاريخ في انتشار العرب والتعريب واللغة العربية! لماذا يصح اعتبار ظهور العرب ولغتهم ودينهم، خلاصة تراكم آلاف الاعوام من تمازج الاقوام والأديان واللغات السامية ـ الحامية؟

[2] ـ عن تشكل القوميات، طالع في موقعنا دراستنا:

كيف تكونت القوميات والشعوب؟ امثلة: الانگليز والفرنسيين والروس والصين والفُرس! سليم مطر

ان دراستنا هذه تتمة لسلسلة دراسات تشكل بالحقيقة فصولا من كتابنا القادم عن (تاريخ العالم العربي). لهذا يمكن فهمها اكثر ومعرفة تفاصيلها ومصادرها، بمعاينة الدارسات السابقة لها، والموجودة كلها في موقعنا: https://www.salim.mesopot.com/

ومنها هذه العناوين:

ـ الإسلام والعربية، ليسا نتاج السماء والصحراء، قدرما نتاج 1500 عام من الإنجازات: اللغة الآرامية، ثم اليهودية، ثم المسيحية، ثم الإسلام والعربية

ـ دور الجغرافيا والتاريخ في انتشار العرب والتعريب واللغة العربية! لماذا يصح اعتبار ظهور العرب ولغتهم ودينهم، خلاصة تراكم آلاف الاعوام من تمازج الاقوام والأديان واللغات السامية ـ الحامية؟

[3] ـ ان ثنائية التاريخين العرقي والوطني، تنطبق على غالبية الشعوب والبلدان، فمثلا: بعض القوميين الاتراك يسردون تاريخ (تركيا) بالاعتماد فقط على (تاريخ العرقية التركية) التي نزحت قبائلها من آسيا الوسطى اثناء الدولة العباسية، وبدأت استيطان (الاناضول) ومحاربة البيزنطيين المسيحيين، ثم تكوينها الدولة العثمانية حوالي عام 1500. مع اهمال تاريخ(ارض تركيا: الاناضول) التي تشكلت فيها(الدولة الحيثية: حوالي 1500 ق.م)، ثم الحقبة اليونانية والرومانية، حتى تكوين(الامبراطورية البيزنطية المسيحية) التي كانت(اسطنبول) عاصمتها لحوالي الف عام، حتى سقوطها على يد الاتراك العثمانيين.

[4] ـ لمن يرغب ولتسهيل الامر، يمكن البحث عن العناوين التالية في الانترنت وخصوصا في ويكبيديا، العربية والانكليزية والفرنسية:

تاريخ الشرق الأوسط: History of the Middle East

تاريخ أوروبا: History of Europe

تاريخ البلقان: History of the Balkans

شبه القارة الهندية او جنوب آسيا: South Asia/Indian subcontinent

الهند الصينية: / Indochina

أمريكا الشمالية: North America

أمريكا اللاتينية: History of Latin America

أوروبا الشرقية: History of Eastern Europe

اوربا الغربية: history of west europe

[5] ـ عن العرب:

تاريخ العالم العربي/ الوطن العربي/ Arab world

تاريخ العرب/ History of the Arabs

تاريخ شمال إفريقيا/ History of North Africa

الهلال الخصيب/ Fertile Crescent

كذلك هذه الكتب العربية الموجودة للقراءة والتحميل مجانا:

تكتاب تاريخ الشعوب العربية/ألبرت حوراني

تاريخ الدولة العربية/ عبد العزيز سالم

تاريخ الدول العربية/ نبيلة حسن

تاريخ الدول العربية/ يوليوس فلهوزن

التأريخ العربي وتاريخ العرب/ مجموعة مؤلفين

الوطن العربي.. النواة والامتدادات عبر التاريخ/: عدد من المؤلفين

قصة وتاريخ الحضارات العربية/ مجموعة مؤلفين. وهو باجزاء عديدة، لكل بلد عربي كتاب خاص به. أي انه عجز عن كتابة تاريخ جامع وشامل يبدأ من فجر البشرية؟؟!!

History of the Middle East

[6] ـ طالع مثلا درااستنا عن عنصرية بعض البربر: البربر(الامازيغ)، ومشكلة(العنصرية الجينوية)!؟ سليم مطر

[7] ـ لمعرفة ماهية الهوية الجامعة بين الشعوب العربية، طالع دراستنا:

عن اشكالية تسمية: (عرب) و(الهوية العربية الجامعة):هاهي مقارنة مع (مجموعات)، تحمل كل منها اسما لهوية مشتركة: افريقيا السوداء، الهنود، الترك، الأمريك لاتين، الاوربيون!

[8] ـ ابحث عن دراستنا: دور الجغرافيا والتاريخ في انتشار العرب والتعريب واللغة العربية! لماذا يصح اعتبار ظهور العرب ولغتهم ودينهم، خلاصة تراكم آلاف الاعوام من تمازج الاقوام والأديان واللغات السامية ـ الحامية؟/ سليم مطر

[9] ـ ابحث عن عنوان: جينات المصريين القدماء أقرب لشعوب الشرق الأوسط من أفريقيا

ـ كذلك: إنسان تافوغالت: المغرب/ ـ أقدم سكان للمغرب العربي "شمال افريقيا" هم عرب من بلاد الشام/ ـ علم الجينات يهدم خرافة الأمازيغية والعرق النقي

Pleistocene North African genomes link Near Eastern and sub-Saharan African human populations

ـ عن الجينات، طالع دراستنا: مكتشفات جينـات الشعـوب، ونهايـــة اوهــام النقـــاء القومـــي العرقــــي! سابم مطر

كذلك:

-List of Y-chromosome haplogroups in populations of the worldـ

-Haplogroupes chromosome Y par populations

[10] ـ لفهم ما نقصده بـ(العالم العربي) خارج المعنى العرقي، طالع دراستنا:

ـ عشرة الاف عام من تاريخ العلاقات بين العالمين العربي والاوربي/ سليم مطر

[11] ـ ان( تاريخ وجود الانسان العاقل) اشكالية معقدة، لانه حتى الآن غير متفق عليه من قبل المختصين، لا من ناحية التواريخ التي تعود الى مئات الآلاف من السنين، ولا المكان حيث كل مرة يتم اكتشاف عظمة في بلد معين حتى تتغير جميع فرضيات الاصل. كذلك فرضية الاصل الافريقي غير متفق عليها. كذلك فرضية وجود انسان شبه قردي(نيادرتال) قابلة للنقاش بسبب ثبوت انه كان لا يقل ذكاءا عن ما يسمى بـ(الانسان العاقل).. نحن مع الدراسات الحديثة التي تعارض النظرتين السائدتين اللتين تخدمان (نظرية دارون) عن الاصل القردي للبشر. ابحث عن العناوين التالية:

ـ معلومات جديدة عن أصل إنسان نياندرتال ودينيسوفان

ـ إنسان (نياندرتال) من بني آدم ولا علاقة لوجوده بنظرية التطور

ـ كذلك ابحث عن : نظرية الخروج من إفريقيا /Recent African origin of modern humans

[12] ـ ابحث عن: تاريخ التمدن: the hystoti of urbanization

[13] ـ ابحث عن: التسلسل الزمني للاختراعات التاريخية: Timeline of historic inventions

[14] ـ حول تاريخ الكتابة هنالك اشكال مهم يتجوب الانتباه له: هنالك فرق كبيرجدا بين (الكتابة المدونة) مثلما في مصر والعراق في ملايين الوثائق والالواح وفيها مختلف المعارف في ذلك العصر، مقارنة ب(النقوش والرسوم) التي يُعتقد ربما انها تشير الى معاني معينة، لكن لم يتم فكها، ومحدودة الوجود منتثرة في صحون وعظام وحيطان وغيرها، ويطلق عليها: (ماقبل الكتابة أي شبه الكتابة: proto-writing) مثل السندية والكريتية والصينية الاولى، وهنود امريكا: Mesoamerica، وهي اقرب الى النقوش التجميلية الغامضة وغير المؤكدة بمعانيها.

اما (الكتابة الصينية) الطبيعية فقد ظهرت حوالي 1300 ق.م . ابحث عن: (الخط الصيني: Chinese characters) والكتابة اليونانية حوالي 800 ق.م وبعدها بقرون الكتابة التروسكية واللاتينية.

[15] ـ ان الكتابة المسمارية استمرت طيلة 3000 عام حتى بعد سقوط بابل، ومن (سومر: جنوب العراق) اصبحت هي الكتابة السائدة في عموم الشرق الاوسط، وقد تبناها الحيثيون في الاناضول وكذالك الايرانيون، قبل تبني الكتابة الآرامية العراقية.

ـ لا ندري لماذا نستمر حتى ألآن باستخدام (اليونانية) بتسمية انواع الكتابة المصرية: الهيروغلوفية، الهيراطيقية، الديموطيقية. لهذا فضلنا نحن اطلاق تسمية مناسبة (الرسومية) والقريبة لمعنى(التصويرية).

[17] ـ ـ في هذه الحقبة برز (اسلاف اكراد العراق وسوريا)، أي (سكان منحدرات الجبال) المطلة على (وادي النهرين)، مثل: ( الغوتيون: 2215 ق.م) الذين حكموا (سومر)، و(الكاشيون: 1600ـ 1155 ق.م ) الذين حكموا (بابل)، ثم (الحوريون الميتانيون: 1500 ـ 1300 ق. م) الذين حكموا شمال النهرين وسوريا. علما بأن جميع هؤلاء، كانوا جزءا من سكان النهرين وتبنوّا نفس اللغة والثقافة والديانة السومرية والاكدية واستمروا بنفس (الحضارة النهرينية)، ولم يتركوا أي آثار ثقافية وكتابية مختلفة تميزهم سوى اسمائهم.

ابحث عن دراستينا:

ـ اكراد النهرين : العراق وسوريا، ومراحل تاريخهم الخمس، منذ السومريين وحتى الآن

ـ أكراد العراق وسوريا، واصولهم المشتركة مع سكان البلدين منذ فجر التاريخ وحتى الآن

[18] ـ هنالك فرق بالمستوى بين(الثقافة) و(الحضارة)، اشبه بالفرق مثلا بين (المستوى الابتدائي) و(الشهادة الجامعية). جميع (البشر) افراد وجماعات وشعوب، لهم(ثقافة: لغة ومعتقد وتقاليد)، ولكن هنالك (دول وامبراطوريات) لم تصنع(حضارة)، مثال معروف دول(المغول) و(ايران) و(العثمانيين) و(الفرنج) وغيرها، لانها عاشت على (حضارات) اخرى. ابحث عن دراستنا:

ـ ماهي الحضارة، وما فرقها عن الثقافة؟ هل نحن مقبلون على (حضارة عالمية جديدة)؟ سليم مطر

[19]ـ ابحث عن دراستنا: الإسلام والعربية، ليسا نتاج السماء والصحراء، قدرما نتاج 1500 عام من الإنجازات: اللغة الآرامية، ثم اليهودية، ثم المسيحية، ثم الإسلام والعربية/ سليم مطر

[20] ـ هنالك خلط في معنى(مملكة ومشيخة) لان: ملك(ملخا)، في الآرامي، تعني شيخ او امير.

[21] ـ (ربما!) يكون(الحيثيون: 1600 ق.م) في (الاناضول: تركيا) من اوائل هذه الموجة الجديدة من القبائل الآرية. فهنالك جدال حول اذا كانت لغتهم حقا (آرية).

[22] ـ ابحث عن دراسات: انتشار اللغة الفينيقية في الشمال الإفريقي القديم وعلاقتها باللغة اللوبية

كذلك: الشمال الإفريقي القديم؛ اللغة الفينيقية؛ اللغة اللوبية؛ اللغة البونية؛ اللوبيون.

[23] ـ عن (الفترة اليونانية الشرقية)، التي اطلق عليها الاوربيون في العصر الحديث تسمية(عنصرية) تنفي عنها الدور الشرقي: (الفنرة الهلنستية: ). طالع : The great centers of Hellenistic culture were Alexandria and Antioch

[24] ـ ليس هنالك شواهد واضحة عن تأثير اديان الصين والهند: البوذية والهندوسية والتاوية، في هذا العصر. هنالك اشارة مهمة تركها أبو الكنيسة الأولى إكليمندس الإسكندري : توفي عام 215م) تدل على علمه بالبوذية إذ كتب في مؤلَف البُسُ: (الكتاب الأول، الفصل الخامس عشر): «هناك عدد من الفلاسفة العراة (gymnosophists) الهنود أيضًا، وغيرهم من الفلاسفة البربريين. وينقسم هؤلاء إلى فئتين، يدعى بعضهم بالسمنية وبعضهم بالبراهمة. وهناك من السمنية من يدعون بالهيلوبي «Hylobii»، لا يسكنون مدنًا ولا يعيشون تحت أسقُف، بل يلبسون لحاء الأشجار، ويعيشون على المكسرات، ويشربون الماء بكفوف أيديهم. وكما من يُدعَون بالإنكراتيين في يومنا هذا، لا يتخذون زوجة ولا ولدًا. بعض الهنديين أيضًا ينصاعون لتعاليم بوذا، الذي رفعوه إلى مراتب الألوهية جرّاء قداسته غير العادية».

ـ (المانوية البابلية ألآرامية) تبقى التعبير الوحيد عن تأثير البوذية في الشرق، حيث تبنت (تناسخ الارواح) البوذية ممتزجة بـ(العرفانية والمسيحية).

ـ بالنسبة للاسلام، ابحث عن: العلاقة بين البوذية والصوفية: دكتور ألكسندر بيرزين/ كذلك: علاقة الصوفية بالديانة الهندوكية!

[25] ـ علماء الإسكندرية في الكشف عن طبيعة الكون وتوصلوا إلى فهم الكثير من القوى الطبيعية. ودرسوا الفيزياء والفلك والجغرافيا والهندسة والرياضيات والتاريخ الطبيعى والطب والفلسفة والأدب. ومن بين هؤلاء الأساطين إقليدس عالم الهندسة الذي تتلمذ على يديه أعظم الرياضيين مثل أرشميدس وأبولونيوس وهيروفيلوس في علم الطب والتشريح وإراسيستراتوس في علم الجراحة وجالينوس في الصيدلة وإريستاكوس في علم الفلك وإراتوستينس في علم الجغرافيا وثيوفراستوس في علم النبات وكليماكوس وثيوكريتوس في الشعر والأدب فيلون وأفلاطون في الفلسفة وعشرات غيرهم أثروا الفكر الإنساني بالعالم القديم.

[26] ـ عن المانوية، ابحث عن دراستنا: المانوية البابلية.. أساس التصوف العراقي/ سليم مطر

[27] ـ نفس المصدر رقم (21)

[28] ـ ابحث عن دراستنا: كيف تكون (العالم العربي) الحالي: بـ(التعريب القمعي)، ام بـ(الجغرافية والتاريخ)؟

[29] ـ من المهم التنبيه الى مغالات الفكرة السائدة عن ان سبب (تخلف العالم العربي) في هذه المرحلة يتحمله (الاتراك العثمانيون)، وهذه التهمة تتجاهل الامور التالية:

ـ ان أتراك آسيا الوسطى، مثل الفرس والافغان وغيرهم، قد ساهموا بصورة فعالة في الحضارة العربية الاسلامية، بالقاب معروفة مثل: البخاري والفارابي والترمذي، والعديد العديد.

ـ ان الدولة البيزنطية التي ورثها العثمانيون لم تكن اكثر تطورا منهم.

ـ ان الدولة الايرانية الشيعية (الصفوية ثم القاجارية) لم تكن افضل حالا من العثمانيين.

ـ ان الثورة التحديثية (ابتداءا من 1500) سادت في اوربا الغربية وامريكا وحدها، لم تنتشر حتى في اوربا الشرقية، ولا في امريكا الجنوبية ولا الصين ولا الهند، باستثناء تقريبي في اليابان وروسيا.

[30] ـ لاحظ رغم العداء التاريخي بين الدولة العثمانية والدول الاوربية، الا انها دافعت عنها بوجه تنامي القوة المصرية، لانها تعني(عودة القوة العربية). وهذه أبرز شروط معاهدة لندن 1840 :

1. أن يُعطى محمد علي، وخلفاؤه من بعده، حكم مصر وراثياً. ويكون لمحمد علي مدة حياته فقط حكم جنوب سورية (فلسطين)، وإخلاء جزيرة كريت والحجاز وأدنة، مع إعادة الأسطول العثماني.

2. إذا لم يقبل هذا القرار، في مدة عشرة أيام، يُحرم حكم ولاية عكا (فلسطين). وإذا استمر رفضه، مدة عشرة أيام أخرى، يُصبح السلطان العثماني في حل من حرمانه ولاية مصر.

3. يدفع محمد علي جزية سنوية إلى السلطان، تناهز 400 ألف جنيه.

4. أن يلتزم محمد علي تطبيق المعاهدات كافة، التي أبرمتها السلطنة مع الدول الأوروبية، وفي مقدمتها معاهدة "بلطة ليمان".

5. أن تُعَد قوات محمد علي: البرية والبحرية، جزءاً من قوات السلطنة. وتكون في خدمة السلطان.

6. إذا رفض محمد علي هذه الشروط، يلجأ الحلفاء الموقعون على المعاهدة إلى استخدام القوة ضده، مع التزامهم حماية عرش السلطان العثماني.

7. إنقاص عدد الجيش المصري إلى 18 ألف جندي. وتعيين رؤسائه بواسطة الدولة. وعدم تخويل الوالي حق إنشاء السفن الحربية، إلا بعد الحصول على إذن صريح من الدولة.

الموقعون على المعاهدة: الدولة العثمانية ـ روسيا ـ إنجلترا ـ النمسا ـ بروسيا

في المثقف اليوم