قضايا
عبد الامير الركابي: بيان نهاية عصر "الانسايوان" (4)
غرب توهمي مؤقت قبل الصحوة اللاارضوية العظمى
تنبثق الاله وكانها اداة متوافقة كليا مع اشتراطات الارضوية مع انها لاتتطابق فعالية وحضورا الا مع المجتمعية الاخرى غير الارضوية، وهذا مايعجز عن ادراكه ابتداءالكائن البشري، وبالذات الاوربي الارضوي الازدواجي/ الطبقي مجتمعيا، بحكم طبيعته ونوع نمطيته، فيذهب متباهيا الى تكريس ماهو قائم ومستمر غلبة منذ ان تبلورت المجتمعية ودخلت انتكاستها التحولية التاريخية، مع انتصارالنمطية الارضوية اليدوية وتغلبها، مستفيدة من نقص الاسباب الضرورية لحضور التحولية وتحقق اللاارضوية في حينه، واذ توفر الاله تعاظما في الامكانات الاقتصادية والاحترابيه والمفهومية، مع النموذجية الكيانية، وفي مختلف المجالات المعاشة، فانها تتيح للنمطية الارضوية مايوافق كينونتها وبنيتها من طموح ورغبة بالتسيد والغلبة التي هي من طبيعتها، وعنصر اساس محرك ضمن خاصياتها.
في القراءة المقابلة للسردية الحديثة الانقلابيه الاليه، يفوت الكائن البشري ويسقط من اعتباره بداهة، امكان القول بان الانقلاب الالي هو انقلاب تحولي مجتمعي استدراكي، يبدا مع القرن السادس عشر، كبداية دورة اصطراعية ازدواجية جديدة، مع انقضاء اوان اليدوية الانتاجوية تحت طائلة التحول الى الالية، والتحورات التي هي ماخوذة بها حكما،وصولا لمنطوياتها النهائية مع التكنولوجية العليا / العقلية، وهو ماتشمله الدورة الثالثة الناطقة في ارض سومر التاريخيه، مع عودة التبلور البنيوي التاريخي لهذا الموضع الاصطراعي الازدواجي مجتمعيا من المعمورة، بحسب قانو ن الدورات والانقطاعات الذي يحكمه، بينما تظهر الالة على المنقلب الاوربي المقابل كابتدا "مصنعي"، مقارب للاشتراطات اليدوية، ومع دخول الالة كعنصر مستجد ثالث على المكونات الدينامية المجتمعية وفعلها، ومايتوفر بسببها من امكانات للمجتمعية الاوربية، بالاخص من ناحية تعزيز تغلبيتها وهيمنتهاعلى مستوى المعمورة نموذجا كيانويا، فان الاصطراعية اللاارضوية، الارضوية تتحول الى اصطراعية كونية وتاريخيه فاصلة، واذ يصل الاحتلال الغربي الانكليزي الى ارض الرافدين، فان منطويات الالة وظهورها الفعلي الكوني تبدا بالفعل لحظتها، فنشهد من بداية القرن العشرين نوع اصطراعية افنائية غربية للاارضوية، وللكينونة الازدواجية الكونيه، تذكر بالافنائية البابلية الاولى، وماتسنى لها في حينه "محليا" من ممكنات السحق للمجتمعية اللاارضوية، وماقدولده ذلك من ردة فعل تعبيرية مقابله عن نمط المجتمعية اللاارضوي، اتخذت وقتها شكلاحدسيا نبويا تجسد في الكونية الابراهيمه، اكمل اشكال التعبيرية اللاارضوية كونيا.
ان مرحله وطور الالة في التاريخ المجتمعي البشري هو طور ومرحلة الانتقال الى الصيغة الكونية الاخيرة من الاصطراع التحولي الارضوي اللاارضوي التاريخي، مع توفر الارضوية على اعلى مايمكن من التسارعية في الاليات والديناميات المجتمعية، وفي مناحي القوة والقدرة الشاملة نموذجا وتفكرا، مايوفر الاسباب الضرورية اللازمه للغرب لاعتماد نهج الافنائية للاارضوية الازدواجية، بفرض النموذجية الكيانيه الاوربية، وفبركتها بالاستعمار والقسر، والحضور المباشر، وصولا الى التدميرية والسحق الكياني في الطور الثاني الامريكي، المفقس خارج رحم التاريخ، والمرتكز لارث الغرب الاوربي المنهار بفعل تناقض كينونته مع المضمون المضمر من الحقيقة الالية التحولية، المغيبة قصورا.
ان تاريخ المجتمعات البشرية هو تاريخ الاصطراعية التحولية بين مجتمعيتين، لاارضوية وارضوية، تتخذ في موضع من المعمورة شكل النموذج الاصطراعي والتاريخي المحكوم لقانون الدورات والانقطاعات، فيمر بدورتين، الاولى السومرية البابلية الابراهيمه، والثانيه العباسية القرمطية الانتظارية، هما السابقتان على التبلور التحولي اللاارضوي بحكم النقص العقلي الموافق للوثبة العقلية الاولى، والاشتراطات اليدوية الانتاجوية وفعلها المجتمعي بيئيا، وصولا الى الدورة الثالثة الراهنه، والتي تبدا مع القرن السادس عشر في ارض سومر الحديثة/ نفسها، بينما تكون الانتاجوية اليدوية قد صارت ذاهبة للزوال، مع انبثاق الاله ومايواكبها وينجم عنها من مظاهر انقلابية اولية، تعيد تكرار المفاهيم اليدوية بوسائل آليه مؤاتية آنيا. وقت تكون في بدايتها المصنعية.
يعرف الانقلاب الالي سرديتان، ارضوية احادوية كاستمرار تظل غالبة مثلما كانت قبل الالة، واخرى تحولية لاارضوية حصتها البقاءخارج البحث والنظر، مدفونه كما ظلت اللاارضوية والمجتمعية ككل، مع تاريخها وقانون تصيرها ومقصدها النهائي، غير ان التوهمية الغربية الراهنه هي بلا ادنى شك، ليست هي ذاتها تلك السابقة على الاله وانبجاسها المتاخر، فهي بالاحرى حالة توهمية في غير اوانها، وخارج زمنها بينما تكون الاسباب الضرورية الاعقالية قد صارت موضوعيا، بحكم الالة، هي الجديرة بالحضور بعد اماطة اللثام عنها، وعن منطوياتها المغيبه، ومن هنا ننطلق متجرئين لنقول بان الغرب الحديث هو كذبة توهمية تضليليه مؤقته وعابره، مقابل الانبعاث المتاخر الضروري والحتمي التاريخي، اللاارضوي الرافديني، منطوى الحقيقة التاريخيه المغيبة.
تبدا المجتمعات وتتبلور ابتداء ناقصة القدرة على ادراك ذاتيتها اعقالا، وبالاساس ادراك المهمة الكبرى المجتمعية الترقوية، بينما يكون الكائن البشري حينها "انسايوانا" ذاهبا بحكم التفاعلية المجتمعية ومنتهياتها لاكتساب اسباب الخروج من وطاة وهيمنه القصورية العقلية، التي تظل ملازمه للعقل بعد وثبته الكبرى الاولى المواكبه للانتصاب على قائمتين، بانتظار الاكتمال العقلي مابعد الارضوي اليدوي، عندما تنقلب اليدوية وتحل الالية الانتاجوية قبل ذهابها من متبقيات الانتاجية والادراكية اليدوية ومخلفاتها الجسدوية الحاجاتيه، الى الصيغة العليا التي تتحور باتجاهها لتنقل الانتاجوية من "الجسدية الحاجاتيه الارضوية" الى المرحلة العليا الهدف من الوجود البشري، "الانتاجية العقلية"، وقت يسقط القصور الادراكي، ويتراجع "الانسايوان" وخاصياته، ليبدا "الانسان" يلوح في الافق مع الوثبة الاستكمالية العقلية الثانيه الذاهبة بالعقل خارج الجسدية ومتبقيات وطاة ومتعلقات الحيوانيه.
فهل يمكن الاستدلال اليوم، ومن هنا فصاعدا على مثل هذه الاحتمالية بالذات، وتحديدا في موضع الانقلابية والاصطراعية التاريخيه في ارض مابين النهرين، مع مايقابلها من حال واشتراطات انهيارية اوربية امريكيه، صارت حاكمه اليوم للحال التوهمي الالي الاوربي ومتبقياته، وماقد نجم عنه على الصعد كافة، واولها المعنى والمستهدف الفعلي الغائب الى اليوم عن النظر.
ـ يتبع ـ
***
عبد الامير الركابي